معلومات العضو
معلومات إضافية الجنس : عدد المساهمات : 131 نقاط : 231 السٌّمعَة : 2 تاريخ الميلاد : 15/06/1990 تاريخ التسجيل : 10/07/2013 معلومات الاتصال | موضوع: تفسير سورة الأعلى السبت 31 أغسطس 2013 - 10:13 | |
| تفسير سورة الأعلى
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾1
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الله -جل وعلا-: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾2 في هذه الآية أمر الله -جل وعلا- رسوله -صلى الله عليه وسلم- أن ينزهه عن كل نقص وعيب، وعن كل ما لا يليق بجلاله وعظمته، وهذا كقول الله -جل وعلا-: ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾3 .
وقد نزه الله -جل وعلا- نفسه فقال: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ ﴾4 .
وقال -جل وعلا-: ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾5 وقال ﴿ فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ﴾6 .
ونزهته الملائكة الكرام، قالوا: ﴿ سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾7 .
وقوله -جل وعلا- في هذه الآية: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ ﴾2 الاسم هذا أُدْخِلَ بين الفعل وكلمة ربك زيادة في تعظيم الله -جل وعلا- وطلبا لتعظيمه، ويدل على هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لما نزلت هذه الآية قال: « اجعلوها في سجودكم »8 .
وكان -صلى الله عليه وسلم- يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، ولم يقل سبحان اسم ربي الأعلى؛ بل قال سبحان ربي الأعلى، فدل ذلك على أن المراد بقوله -جل وعلا- سبح اسم ربك الأعلى الذي هو تسبيح الله -جل وعلا.
وقوله -جل وعلا-: ﴿ الْأَعْلَى ﴾2 هذا صفة الله -جل وعلا-، وهذا اسم مكن أسماء الله -جل وعلا- يتضمن إثبات العلو له -جل وعلا-، وعلو الله -جل وعلا- على خلقه علو بذاته -جل وعلا-، فهو -جل وعلا- في العلو كما قال تعالى: ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾9 .
وقال -جل وعلا-: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ﴾10 يعني: من في العلو؛ لأن السماء يُطْلَق على العلو.
وقال -جل وعلا- مبينا فوقيته على خلقه: ﴿ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ ﴾11 .
وقال -جل وعلا-: ﴿ يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ﴾12 .
وأخبر -جل وعلا- أن الأشياء تصعد إليه وتعرج، وذلك دليل على علوه، كما قال الله -جل وعلا-: ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾13 يعني: أن الله يرفع العمل الصالح.
وقال -جل وعلا-: ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ ﴾14 .
وأخبر -جل وعلا- أنه يُنَزِّل الأشياء على خلقه، والنزول لا يكون إلا من علو، كما قال الله -جل وعلا- (إنا أنزلناه).
الكمال المطلق في صفاته، وأفعاله -جل وعلا- كما قال الله -جل وعلا-: ﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾15 قال -جل وعلا- ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾16 وقال -جل وعلا- ﴿ قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾17 وقال -جل وعلا-: ﴿ وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا ﴾18 فهو -جل وعلا- له علو الصفات، فلا عيب، ولا نقص يلحقه -جل وعلا- بل هو -جل وعلا- الأعلى في صفاته، وفي أفعاله، سبحانه وتعالى.
ثم قال -جل وعلا-: ﴿ الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ﴾19 أي خلق الأشياء فسواها، وأحسن -جل وعلا- خِلقتها، وقد تقدم لنا ذلك، ثم قال -جل وعلا- ﴿ وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى ﴾20 أي أن الله -جل وعلا- قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، كما ثبت ذلك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم هدى العباد بعد ذلك إلى أن يأتوا بما قدره -جل وعلا- عليهم، فمن كان من أهل السعادة، فإنه يعمل بعمل أهل السعادة، ويُهدى إلى طريقهم، ومن كان من أهل الشقاء، فإنه يعمل بعمل أهل الشقاء، ويُهدى إلى طريقهم.
والعباد في معايشهم، وأرزاقهم والحيوانات والنباتات والجمادات كلها، بل كل خلق الله -جل وعلا- قدر الله -جل وعلا- عليهم ما هم عاملون، ثم يوقعونه كما أراد الله -جل وعلا- وقضى به في سابق علمه؛ ولهذا قال موسى لفرعون: ﴿ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾21 فالطيور تهتدي في الصباح « تغدو خماصا، وتروح بطانا »22 والدواب ترحم أولادها، والطفل الصغير إذا خرج من بطن أمه التقم ثديها، وهذه الدواب ترعى وتأكل، ثم تنمو وتمشي، وتذهب وتروح، وهذه كل مخلوقات الله -جل وعلا- في سيرها قد هداها الله -جل وعلا- لما سبق به علمه، سبحانه وتعالى.
ثم قال -جل وعلا- ﴿ وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى ﴾23 يعني: أن الله -جل وعلا- هو الذي أخرج المرعى، وهي النباتات التي تنبت من نزول المطر من السماء، وترعاها الدواب، فالله -جل وعلا- هو الذي أخرج ذلك ﴿ فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى ﴾24 الغثاء: هو ما يكون على ظهر السيل مما يحمله الماء، والأحوى: هو الأسود الذي يميل إلى خضرة، ومعنى ذلك أن الله -جل وعلا- بعد أن يخضر هذا الزرع، يعود يابسا هشيما قد اسود؛ ولهذا قال بعض العلماء: إن الله -جل وعلا- ذكره مثلا للحياة الدنيا، وهذا المثل ضربه الله -جل وعلا- في آيات كثيرة، كما قال الله -جل وعلا-: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا ﴾25 قال -جل وعلا-: ﴿ إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ ﴾26 وقال -جل وعلا- ﴿ اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا ﴾27 .
ثم قال -جل وعلا- ﴿ سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ﴾28 .
أخبر الله -جل وعلا- في هذه الآية نبيه -صلى الله عليه وسلم- أنه سيقرئه القرآن، ويجعله محفوظا عنده، إلا ما شاء الله -جل وعلا- أن ينسيه نبيه -صلى الله عليه وسلم-، فإنه ينساه، وهذا لا يعارض قول الله -جل وعلا- ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾29 كما لا يعارض قوله -جل وعلا- ﴿ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ﴾30 وإنما لم يعارض هذا؛ لأن ما ينساه النبي -صلى الله عليه وسلم- يكون الله -جل وعلا- قد أراد نسخه، والله -جل وعلا- له الحكمة في ذلك، فينسيه نبيه -صلى الله عليه وسلم- ليكون أمرا منسوخا.
ويبدله الله -جل وعلا- بمثله، أو خير منه، كما قال -تعالى-: ﴿ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ﴾31 .
وإما أن ينسه الله -جل وعلا- نبيه -صلى الله عليه وسلم- شيئا من هذا القرآن، فيذكر به، وييسر الله -جل وعلا- أسباب ذلك، كما ثبت في الصحيحين « أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلا يقرأ آية، فقال: رحم الله أخي، كنت قد أنسيتها »32 وهذا الحديث، حديث في الصحيحين، وفي معناه كلام للعلماء، ولكن إذا أخذ بظاهره كما هو ظاهر الآية، فإن الله -جل وعلا- ييسر لنبيه -صلى الله عليه وسلم- سببا إذا أراد الله -جل وعلا- بقاء هذا القرآن وحفظه من النسخ وأما إذا أراد ن ينسخه، فإنه -سبحانه وتعالى- ينسيه نبيه -صلى الله عليه وسلم- وله -جل وعلا- في ذلك الحكمة البالغة، فلا يعارض ذلك قوله: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾29 كما حفظه الله -جل وعلا- أو هذا الذكر الذي أراده الله -جل وعلا- ذكرا يبقى إلى يوم الدين، حفظه الله -جل وعلا- فلم ينسخ ولم ينسَ.
ثم قال - جل وعلا-: ﴿ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى ﴾33 أي: إن الله -جل وعلا- يعلم ما يخفيه العباد، وما يظهرونه، وما يخرج على وجه الأرض، وما يكون في باطنها وما هو في السماء، وما هو في هذا الكون كله: الخافي منه والظاهر، فإن الله -جل وعلا- يعلمه.
ثم قال -جل وعلا-: ﴿ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى ﴾34 أي: إن الله -جل وعلا- ييسر نبيه -صلى الله عليه وسلم- لليسرى، وهي هذه الملة الحنيفية السمحة التي ليس فيها إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا جفاء، بل هي شريعة سمحة مناسبة للعباد في معايشهم ومعادهم، ليس فيها آصار ولا أغلال، بل هي طريقة سهلة ميسرة، قد رفع الله -جل وعلا- فيها الحرج والآصار والأغلال، وهي ميسورة للعباد في فعلها كما أن هذه الطريقة، أو هذه التي يسر الله -جل وعلا- له نبيه -صلى الله عليه وسلم- تيسر العباد إلى الدخول في جنات النعيم، وتسهل عليهم طريق ذلك.
ثم قال -جل وعلا-: ﴿ فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ﴾35 أمر الله -جل وعلا- نبيه أن يذكر العباد، ثم قال: ﴿ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى ﴾36 قال بعض العلماء: إن هذه الآية فيها محذوف، وتقديره: فذكر إن نفعت الذكرى، أو لم تنفع؛ لأن الله -جل وعلا- أرسل نبيه -صلى الله عليه وسلم- ليبلغ العالمين جميعا.
قالوا: وذلك جائز في لغة العرب، كما قال الله -جل وعلا- ﴿ وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ ﴾37 وتقدير الآية: وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر والبرد؛ لأن القمصان، وهي السرابيل يمتنع بها العباد من الحر والبرد، هكذا قال بعض العلماء.
وأما شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فقال: إن هذه الآية تشبه قول الله -جل وعلا-: ﴿ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ ﴾38 ﴿ إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا ﴾39 وقوله ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ ﴾40 وذلك أن الله -جل وعلا- جعل في هذه الذكرى، ذكرى النبي -صلى الله عليه وسلم- نفعا عاما، ونفعا خاصا، فالنفع العام هو ما يحصل بالذكرى من إقامة الحجة على الكافر، وتبصير المؤمنين، وإظهار هذا الدين، وتبليغ رسالة الله -جل وعلا- التي تبرأ بها ذمة المرسل الذي أرسله الله -جل وعلا- ففي هذا نفع عام.
وهناك نفع خاص، وهو الذي يتذكر به العبد، وينتفع به في خاصة نفسه، فيهديه الله -جل وعلا- لدينه، فالله -جل وعلا- في هذه الآية أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بالتذكير العام، وتذكير المؤمنين والكفار، فقال -جل وعلا-: ﴿ فَذَكِّرْ ﴾36 وأخبر -جل وعلا- أن التذكرة الخاصة هي التي يجب على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يذكرها من كان يتذكر، وأما من لم يكن يتذكر، فإنه لا يجب على النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يذكره هذه الذكرى الخاصة.
كما قال -جل وعلا-: ﴿ فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾41 ﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾42 فالذي يتولى عنهم النبي -صلى الله عليه وسلم- هم الذين لم يستجيبوا للنفع الخاص، ولم يستجيبوا للذكرى التي تتضمن النفع الخاص، وأما عموم الخلق فيذكرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ويدل هذا قوله -جل وعلا- في هذه الآية، أو بعد هذه الآية: ﴿ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى ﴾43 أي يتجنب التذكرة الخاصة الأشقى، من كتب الله -جل وعلا- عليه الشقاء، وأما التذكرة العامة قد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يذكرهم، ولا يمكن لهم أن يتجنبوها؛ لأنهم كانوا يسمعونها كما أخبر الله -جل وعلا- عنهم في مواضع كثيرة من كتابه.
ثم قال -جل وعلا- ﴿ وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ﴾44 يعني: أن من سبق في علم الله -جل وعلا- أنه من أهل الشقاء، فإنه يتجنب هذه الذكرى، فلا يتذكر، وإذا لم يتذكر العبد، فإنه يكون من أهل النار، ويصلى النار الكبرى.
وهذه النار الكبرى المراد بها نار الآخرة؛ لأنها نار عظيمة فظيعة شديدة.
وأما نار الدنيا، فإنها بالنسبة إلى نار الآخرة، فإنها تعتبر ضعيفة؛ ولهذا ثبت في الصحيحين أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عن نار الدنيا: « ما ناركم هذه إلا جزء من سبعين جزءا من نار الآخرة »45 فنار الآخرة تفضل على نار الدنيا بتسع وستين جزءا؛ ولهذا كانت تلك النار هي النار الكبرى. وهذه النار قال الله -جل وعلا- فيها ﴿ الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى ﴾46 الذي يصلى النار الكبرى هو الكافر، وأما المؤمن -ولو كان مذنبا - فإنه لا يصلى النار الكبرى، إذا كان المؤمن مؤمنا، واقترف شيئا من السيئات، فإن النار تصيبه ولا تصلاها.
وأما الكافر فإنه هو الذي يصلى النار الكبرى، وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أخبر « أن الذي يصلى هذه النار الكبرى، إنما هم أهلها الذين لا يموتون فيها ولا يحيون، وأما المؤمن فإنه تصيبه النار بذنوبه، ثم يخرج بالشفاعة، ويلقى في نهر الحياة، فينبت بعد ذلك كما تنبت الحبة في حميل السيل، ثم بعد يدخل الجنة بفضل الله -جل وعلا- ورحمته »47 .
فالنار قد تصيب المؤمن، ولكنه لا يصلاها؛ ولهذا لا يكون الصلي إلا في شأن الكافرين.
قال الله -جل وعلا-: ﴿ ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا ﴾48 أي أن الكافر لا يموت في النار، بل هو حي، لكن هذه الحياة حياة لا راحة فيها ولا تنفعه؛ ولهذا قال -تعالى-: ﴿ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا ﴾48 يعني: لا يحيا حياة يرتاح فيها، وينتفع بها، وإنما هي حياة يتمنى فيها أن يموت كما قال -جل وعلا- عن أهل النار: ﴿ وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ﴾49 وقال -جل وعلا-: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا ﴾50 وقال -جل وعلا-: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا ﴾51 وقال -جل وعلا- عن أهل النار: ﴿ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ ﴾52 فالكفار لا يموتون في هذه النار، بل هم فيها أحياء حياة كأنها لا حياة بالنسبة لهم؛ لأنهم يذوقون فيها العذاب غدوا وعشيا، وأما أهل التوحيد الذين ماتوا، وعليهم شيء من السيئات، فهم إذا أصابتهم هذه النار أماتهم الله -جل وعلا- ثم بعد ذلك أحياهم، وأدخلهم الجنة بفضله ورحمته، بعد شفاعة الشفاعين.
ثم قال -جل وعلا- ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾53 قوله -جل وعلا-: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾54 أي قد أفلح وفاز، ونجا من زكى نفسه، وطهرها من السيئات والمعاصي، ونماها وقواها بالأعمال الصالحة، والإيمان بالله -جل وعلا- فهذا يتزكى.
وهذا التزكي له لا يكون إلا بفعل أسباب الزكاة، وأما نفس التزكي، فإن الله -جل وعلا- إذا أراد بعبده خيرا زكاه؛ ولهذا كانت التزكية لله -جل وعلا- ﴿ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ﴾55 .
وأما العبد فعليه أن يبذل أسباب الزكاة، فإذا أراد الله -جل وعلا- به خيرا زكاه، ومن بذل أسبابها هداه الله -جل وعلا- ووفقه وزكاه، فإضافتها هنا، أو إسناد التزكي له؛ لأنه يفعل أسباب التزكي من الإقبال على طاعة الله، والتفكر في آيات الله ومخلوقاته، والإذعان لأوامر الله، والانتهاء عن نواهيه، وحمل النفس على ذلك، فإذا فعل ذلك كان طالبا للزكاة، وصح أن يطلق عليه متزكيا.
فإذا أراد الله -جل وعلا- به خيرا زكى الله -جل وعلا- قلبه وجوارحه وعمله، فكان من المتزكين، ومن المزكين عند الله -جل وعلا-، وهذا الفلاح في التزكي بينه الله -جل وعلا- في قوله: ﴿ وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَا جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ﴾56 فهذا هو الفلاح الذي ذكره الله -جل وعلا- في هذه الآية، والله -جل وعلا- في آيات أخرى بين لعباده طريق هذه التزكية، وذلك باتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾57 .
وقال -جل وعلا-: ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾58 فلا طريق للزكاة إلا باتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الطريق الأوحد ليس هناك طريق آخر غير هذا الطريق، من ابتغى طريقا للزكاة غير طريق نبينا -صلى الله عليه وسلم- فهو ضال ومضل.
ومن ظن، أو زعم أن هناك طريقا يوصل به إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- غير الطريق الذي جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر بالله العظيم، وذلك بعد بعثة النبي -عليه الصلاة والسلام- فمن قال: إن النصرانية طريق إلى الجنة، وإن اليهودية طريق إلى الجنة، أو أن وحدة الأديان طريق إلى الجنة بعد نبينا -صلى الله عليه وسلم- فهو كافر بالله العظيم؛ لأنه اتخذ طريقا غير الطريق التي جاء بها النبي -صلى الله عليه وسلم-، والله - جل وعلا - لم يجعل إلا طريقا واحدا إلى دينه ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾59 .
فلا زكاة للعبد، ولا تزكي إلا باتباع ما جاء به النبي -صلى الله عليه وسلم- لأن الله -جل وعلا- بعثه بأسباب الزكاة، وبعثه بما يزكي به العباد.
وقوله -جل وعلا- ﴿ وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾60 يعني: أنه ذكر الله -جل وعلا- فخاف من ربه، وآمن به، ووجل لذكره -جل وعلا- كما قال -تعالى-: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾61 وقوله -جل وعلا-: "فصلى" يعني: إنه صلى لله -جل وعلا- وأول ما يدخل في ذلك الصلوات الخمس التي فرضها الله -تعالى- على خلقه؛ لأن بعض العلماء يقول: إن قوله -جل وعلا-: "فصلى" يشمل عموم الطاعات والعبادات، لكن أولها دخولا هذه الصلوات الخمس التي أوجبها الله -جل وعلا- على عباده، فمن لم يؤدها، فإنه لا يتزكى.
ثم قال -جل وعلا- ﴿ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾62 بين -جل وعلا- في هذه الآية أن الكفار يؤثرون الحياة الدنيا؛ لأنهم ينكرون البعث والنشور، فيؤثرون هذه الحياة الدنيا، ويركنون إليها، ويطمئنون بها، ويرضون بها عوضا عن الآخرة.
وقد يبن الله -جل وعلا- جزاءهم على ذلك في قوله -جل وعلا-: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾63 .
وأما المؤمنون، فإنهم لا يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة، وإن تمتعوا بالطيبات التي أباحها الله -جل وعلا- لهم؛ ولهذا قال -جل وعلا- في قصة السحرة الذين آمنوا من قوم فرعون: ﴿ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾64 والمؤمن يأخذ من الدنيا نصيبه منها، لكنه يسعى إلى آخرته، ولا يؤثر حياته الدنيا على الآخرة؛ لأنه إذا آثر الدنيا على الآخرة عذبه الله -جل وعلا- وكان من أهل النار، ولكن كما قال الله -جل وعلا-: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾65 وقال -جل وعلا- في قصة قارون: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ﴾66 .
ثم قال -جل وعلا- ﴿ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾67 أي أن الآخرة خير من الدنيا، ولا شك في ذلك، وأبقى بمعنى أنها أدوم؛ لأن الدنيا تنقطع، وأما الآخرة فلا ينقطع نعيمها أبدا، وهذا كما قال الله -جل وعلا- مبينا أن الآخرة خير من الدنيا: ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾68 .
وقال -جل وعلا-: ﴿ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾69 وقال -جل وعلا-: ﴿ وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾70 فدلت هذه الآيات على أن الدنيا، وإن كان فيها متاع إلا أن ما في الآخرة خير مما في هذه الدنيا، كما أنه أدوم مما في هذه الدنيا؛ لأن أهل الجنة خالدين فيها أبدا ينعمون، ويأتيهم من رزق الله -جل وعلا- ومن النعيم المقيم في هذه الجنة ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ﴾71 وأما الدنيا، فإن تمتع بها العبد، فإن مصيرها إلى الزوال، فالآخرة خير منها، كما أنها أبقى، وأدوم.
ثم قال -جل وعلا-: ﴿ إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴾72 الصحف هذه صحف أنزلها الله -جل وعلا- على موسى وعلى إبراهيم، كل واحد منهم أنزل الله -جل وعلا- عليه عشرا من الصحف، وهذه الصحف قد ذكر الله -جل وعلا- فيها معنى قوله: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ﴾53 إلى آخر السورة.
ذكر الله -جل وعلا- ما ذكره في هذه الصحف، وذلك دليل على أن ما اشتملت عليه هذه الآيات من الأشياء المهمة التي ينبغي للمسلم أن يعتني بها؛ لأن فيها تزكية للنفس في باب التوحيد، في باب توحيد الله -جل وعلا- وفي باب الأحكام والشرائع، وفي باب الأخلاق، وفي جميع ما يحتاج العباد في هذه الصحف.
في هذه الآيات تزكية لهم، كما أن فيها بيانا وإظهارا لحق الله -جل وعلا- على خلقه، ووجوب اتباع ما جاء به الأنبياء والمرسلون؛ لأن الأنبياء والمرسلين لا يأتون من عند الله -جل وعلا- إلا بما فيه الخير والصلاح للعباد، في معاشهم وميعادهم.
ولهذا شرائع الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- كلها متفقة على ما يصلح الإنسان في معاشه وميعاده، وإن اختلفت هذه الشرائع فيما بينها إلا أن الأصل، وهو التوحيد متفقة فيه، كما أنها متفقة على الأصل الكلي، وأنها لا تأتي للعباد إلا بما يصلحهم، وهذا مما اتفق عليه أهل العلم، والله أعلم.
|
|
معلومات العضو
معلومات إضافية الجنس : عدد المساهمات : 2119 نقاط : 2129 السٌّمعَة : 7 تاريخ الميلاد : 27/11/1999 تاريخ التسجيل : 03/08/2013 الموقع : algeria معلومات الاتصال | موضوع: رد: تفسير سورة الأعلى السبت 31 أغسطس 2013 - 17:14 | |
| |
|