القصف المصري لمواقع تابعة لـ «داعش» في ليبيا يخلف 50 قتيلاً
قصفت طائرات حربية مصرية اليوم (الإثنين) مواقع لتنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) في ليبيا، في إجراء وصفته القاهرة بأنه حقها في «الدفاع الشرعي عن النفس» بعد ساعات من إعدام 21 قبطياً مصرياً على يد هذا التنظيم.
وأفاد شهود عيان بأن سبع غارات جوية على الأقل نفذت في درنة (شرق ليبيا) والتي تعد معقل الجماعات الإسلامية المتشددة، وأكد قائد سلاح الجو الليبي العميد صقر الجروشي أن 50 شخصاً على الأقل قتلوا في غارات شنتها طائرات حربية ليبية ومصرية على مواقع للتنظيم في ليبيا.
ودعا الرئيسان الفرنسي فرنسوا هولاند والمصري عبد الفتاح السيسي إلى اجتماع لمجلس الأمن الدولي واتخاذ «تدابير جديدة» ضد هذا التنظيم، وشددت القاهرة على ضرورة "تدخل صارم لكبح جماح التنظيمات الإرهابية» في ليبيا.
وجاء في بيان للقيادة العامة للقوات المسلحة المصرية، أنه «تم بتوجيه ضربة جوية مركزة ضد معسكرات تنظيم داعش الإرهابي ومناطق تمركزه وتدريبه ومخازن اسلحة وذخائر تابعة له في الأراضي الليبية، وقد حققت الضربة أهدافها بدقة».
وأوضح البيان أن الضربة الجوية جاءت «تنفيذاً للقرارات الصادرة عن مجلس الدفاع الوطني وارتباطاً بحق مصر في الدفاع عن أمن شعبها واستقراره، والقصاص والرد على الأعمال الإجرامية للعناصر والتنظيمات الإرهابية داخل البلاد وخارجها».
وكانت الخارجية المصرية أكدت في بيان، أن هذه الضربات الجوية تمت وفق «حقها الأصيل والثابت في الدفاع الشرعي عن النفس وحماية مواطنيها في الخارج ضد أي تهديد، وفقاً لنصوص ميثاق الأمم المتحدة التي تكفل للدول فرادى وجماعات حق الدفاع الشرعي عن النفس».
وأضافت أن «ترك الأمور على ما هي عليه في ليبيا من دون تدخل صارم لكبح جماح هذه التنظيمات الإرهابية هناك، يمثل تهديداً واضحاً للأمن والسلم الدوليين».
من جهة أخرى، اعتبرت سلطات ليبيا غير المعترف بها لدى المجتمع الدولي، أن الغارات الجوية «عدوان» و«اعتداء على السيادة» الوطنية، وأعلن المؤتمر الوطني العام (البرلمان المنتهية ولايته) في بيان: «ندين بكل شدة العدوان المصري على درنة ونعتبره اعتداء على السيادة الليبية».
وقال ماتيو غيدار، وهو خبير فرنسي في شؤون العالم العربي والاسلامي، إن «هذه الضربات الجوية تنقل مصر إلى رقعة جديدة في مواجهة التنظيمات المتطرفة. أصبح هناك تدويل للمسألة السياسية المصرية وهذا التدويل جاء عسكرياً».
وأضاف أن «مصر الآن في حرب مباشرة مع داعش، وهذا له تداعياته الكبيرة. مصر ستكون بين نار الدولة الإسلامية في سيناء ونار الدولة الإسلامية في درنة. وهو وضع أكثر خطراً من الوضع الراهن».
وكان التنظيم بث فيديو قتل فيه 21 قبطياً مصرياً ذبحاً على «ساحل ولاية طرابلس على البحر الأبيض المتوسط»، في حين قدم الرهائن على أنهم «رعايا الصليب من أتباع الكنيسة المصرية المحاربة».
ويظهر في الشريط رجل مقنع يحمل بيسراه سكيناً، وفي حين ارتدى هذا الرجل بزة عسكرية مرقطة، فإن الجلادين كانوا يرتدون جميعاً بزات موحدة سوداء وأقنعة سوداء ولم ينبسوا ببنت شفة، إذ حمل كل منهم سكيناً ووقف خلف ضحيته.
ووفق الشريط، فإن ذبح هؤلاء الرهائن تم أيضاً انتقاماً لحوادث طائفية قديمة العهد شهدتها مصر واتهم خلالها إسلاميون متشددون الكنيسة القبطية بمنع زوجتي كاهنين قبطيين من اعتناق الإسلام.
وعقب بث الشريط، أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في كلمة متلفزة مساء الأحد، أن «مصر تحتفظ لنفسها بحق الرد وبالأسلوب والتوقيت المناسب للقصاص، وأنها لا تدافع عن نفسها فقط ولكن تدافع عن الإنسانية بأكملها من هذا الخطر المحدق بها»، وزار السيسي صباح الإثنين الكاتدرائية المرقسية لتقديم التعازي لبابا الأقباط في مصر.
من جهة أخرى، دعا رئيس الوزراء الايطالي ماتيو رينزي الإثنين إلى رد مدروس في ليبيا بعد محادثة هاتفية مع الرئيس المصري، مستبعداً التدخل العسكري في الوقت الحالي.
وقال وزير الدفاع الفرنسي جان- إيف لودريان قبل مغادرته إلى القاهرة: «اليوم ثبت أن هناك مراكز تدريب وتحركات محددة لداعش في ليبيا»، مضيفاً أن «ليبيا تقع من الجانب الآخر للمتوسط، وهي قريبة جداً منها، ومن هنا ضرورة التيقظ والتحالف مع دول الائتلاف مثل مصر».
بدوره اعتبر الأزهر أن ما أقدم عليه التنظيم المتطرف هو «عمل بربري همجي لا يمت إلى دين من الأديان ولا عرف من الأعراف الإنسانية».
وقبل هذا الشريط، بث تنظيم الدولة الإسلامية العديد من الأشرطة المشابهة لعمليات قتل رهائن، كان آخرها في 3 شباط (فبراير) الجاري شريط قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة الذي أحرق حياً داخل قفص حديدي.