الرياض في مواجهة طهران والمعركة على الأرض السورية
أمريكا تراهن على السعودية بعد فشل الخيار القطري
تجدد تبادل الاتهامات بين موسكو وواشنطن على خلفية تهديد روسيا باللجوء إلى حق الفيتو لمنع المصادقة على مشروع القرار الإنساني بشأن سوريا، والذي يقضي بضرورة السماح بمرور المساعدات الإنسانية عبر الحدود السورية مع دول الجوار دون العودة إلى حكومة دمشق، في دعوة إلى إقامة ممرات آمنة، الأمر الذي اعتبرته موسكو، على لسان وزير خارجيتها، سيرغي لافروف، ”تصعيدا”، إذ ترى موسكو أن فتح ممرات لا تخضع للمراقبة من شأنه ”تشجيع المتطرفين”، على حد قول لافروف. ومن المنتظر أن يتم عرض مشروع القرار اليوم للتصويت في مجلس الأمن، بعد تأجيله، أمس، بسبب خلافات بين الدول دائمة العضوية، وكانت التقارير الواردة من أروقة البيت الأبيض أكدت توقع إدارة الرئيس باراك أوباما موقف موسكو المعارض، وعليه دعت إلى البحث عن سيناريوهات سياسية جديدة تحول دون الاصطدام بالموقف الروسي ومن شأنها إنهاء النزاع السوري المسلح بما يحفظ ماء وجه أمريكا، أي البحث عن حلول سياسية تضمن إبعاد الأسد عن الحكم. وجاءت هذه التقارير بعد تصريحات سابقة لوزير خارجية الولايات المتحدة، جون كيري، أكد فيها طلب أوباما من فريق خبراء تقديم مقترحات سياسية لإنهاء الأزمة، ويبدو أن أول السيناريوهات المطروحة يكمن في ترجيح كفة النزاع ميدانيا، من خلال بعث خطة جديدة تقوم أساسا على تقوية الجماعات المسلحة المعتدلة المدعومة من طرف العواصم الغربية والتصدي لتزايد نفوذ الجهاديين، ما يمنح الائتلاف، باعتباره الهيئة السياسية الممثلة للثورة في مفاوضات الحل السياسي، المزيد من المصداقية والقوة.
ويرى المراقبون أن العديد من المؤشرات تذهب لتأكيد هذا الطرح، بداية من إقدام رئيس الائتلاف، أحمد الجربا، إلى إقالة اللواء سليم إدريس من قيادة الجيش الحر والسعي لإعادة ترتيب صفوف هذا الجيش تحسبا لتزويده بعتاد عسكري متطور، فيما يرى ذات المراقبين أن هذا القرار جاء بوصفه فصلا من فصول النزاع السعودي القطري على الملف السوري.
الملف السوري يحدد مستقبل السعودية إقليميا
فقد تأكد أن المملكة العربية السعودية تسعى منذ فترة لتحييد الدور القطري من الملف السوري، وكانت البداية بوضع الجربا، المقرب منها على رأس الائتلاف، وفي خطوة ثانية تنحية اللواء سليم إدريس المحسوب على الثنائي القطري التركي، في خطوة أولية للسيطرة الكاملة على الجيش الحر قبل تسليحه لمعركة مواجهة الجهاديين والجيش السوري النظامي على السواء. ولعل من بين المؤشرات التي تؤكد سعي السعودية لبعث خطة جديدة للتعامل مع الملف، المعلومة التي أوردتها وكالة ”فرانس برس” والتي ذكرت نقلا عن مصدر دبلوماسي سعودي تسليم ملف الأزمة السورية إلى وزير الداخلية محمد بن نايف بدلا من رئيس المخابرات بندر بن سلطان، مع العلم أن وزير الداخلية السعودي شارك الأسبوع الماضي في واشنطن في اجتماع حضره مسؤولون غربيون وعرب لصياغة خطة جديدة للتعامل مع الأزمة السورية. ويأتي اختيار وزير الداخلية لمتابعة الملف السوري بالنظر للتجربة التي يملكها الرجل في التعامل مع الملفات الأمنية، مع الإشارة إلى أنه يُلقب من طرف واشنطن بـ”جنرال الحرب على الإرهاب”، فيما يرى المراقبون أن المملكة السعودية باتت تعتبر الملف السوري الفيصل في معركتها ضد إيران، خاصة وأن هذه الأخيرة دخلت بكل ثقلها إلى جانب النظام السوري، وتعمل على إطالة عمر النظام، بينما تزداد الأزمة تعقيدا في ظل هشاشة المعارضة وصعود المتطرفين، ما يضمن للجيش النظامي تحقيق انتصارات ميدانية من شأنها إجبار المجتمع الدولي على تقديم بعض التنازلات والتفاوض مع الأسد مثلما حدث مع ملفها النووي. وفي السياق ذاته، من المنتظر أن يقوم الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، بزيارة نهاية الشهر القادم إلى الرياض، يقال إنها تأتي لتأكيد التنسيق بين الدولتين حول الملف السوري ودعم المعارضة، تبعا للخطة البديلة التي تعدها أمريكا للتعامل مع الأزمة السورية.