إكراهات تنمية الموارد المائية
- التوزيع الزمني والجغرافي الغير المنتظم للموارد المائية
- جفاف متكرر و أكثر حدة
- طاقات مائية محدودة
- طلب قوي على الموارد المائية
- موارد مائية سريعة التأثر بالتلوث
- التعرية وانجراف التربة
3 .حالة تعبئة واستعمال الموارد المائية
4. إستراتيجية تنمية الموارد المائية
- التحكم في تقييم موارد المياه
- توطيد منهجية التخطيط
- مواصلة تعبئة الموارد المائية
- تعميم تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب
- تنمية تدبير الطلب على الماء
- اللامركزية والتشاور في تدبير المياه
- تسعيرة الماء
- الجوانب التنظيمية والقانونية
خاتــمة
مقدمة
يعتبر الماء عنصرا طبيعيا أساسيا في الحياة البشرية و تطورها الاقتصادي والاجتماعي وفي التوازن الايكولوجي للمجال الطبيعي. إن النقص في المياه أو وفرتها بغزارة و ما ينتج عن ذلك من جفاف أو فيضانات من شأنه أن يعرقل التنمية بعدد كبير من الجهات بالعالم، الشيء الذي يؤثر سلبا وبصفة مستديمة على السكان وعلى إطار حياتهم الطبيعية وكذا على ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية.
إن التحكم في الماء بالمغرب يكتسي طابعا حيويا لأن الإطار المناخي والهيدرولوجي للبلاد جد هش. حيث أن التباين في المكان والزمان للموارد المائية المتاحة والتأثير المتزايد لفترات الجفاف والفيضانات وكذا الضغط على الطلب عن الماء ، تعد من العوامل التي تلزم بأن تكون استراتيجيات التنمية وتدبير الموارد المائية تخضع لمنهجية ملائمة لهذا الإطار الهيدرولوجي الهش.
لقد نهج المغرب منذ 1960 استراتيجية ملائمة للتحكم في الموارد المائية كانت ترتكز أساسا على سياسة بناء السدود بهدف سقي مليون هكتار في أفق سنة 2000.
إن هذه الاستراتيجية المبنية على تلبية طلب الماء بالزيادة في العرض، بدأت تبدي حدودها منذ سنة 1980 وذلك من خلال ظهور التنافس على الماء بين قطاعات الماء الصالح للشرب ومياه السقي، وكذلك من خلال الصعوبات في تدبير ندرة الماء التي ظهرت خلال جفاف فترة 1980 - 1986.
إن تقييم المشاكل التي تمت مواجهتها خلال العشرين سنة الأخيرة تسترعي الضرورة ليس فقط لمتابعة ودعم الاستراتيجيات التي تم تبنيها ولكن كذلك لإيجاد الحلول الملائمة لضمان تدبير مندمج للموارد المائية وللتصدي لندرة المياه التي ستواجهها البلاد في المستقبل.
فالمغرب مطالب في الواقع برفع تحدي مزدوج يتمثل في متابعة تعبئة المياه لمواجهة التزايد في الطلب الذي يفرضه تحسين ظروف العيش والتطور الديمغرافي في حين أن إمكانيات التعبئة المائية أصبحت ضئيلة والكلفة المترتبة عنها أصبحت مرتفعة أكثر فأكثر. وموازاة مع ذلك وجب عليه وضع الشروط الضرورية لضمان الاستعمال الأمثل للماء ودعم أسس تدبير مستديم ومندمج للموارد المائية.
وتثبيتا لهذه المنهجية فقد عقد المجلس الأعلى للماء والمناخ دورته التاسعة في اطاره الجديد المحدد بموجب قانون الماء تحت رئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس الذي أعلن في خطابه الافتتاحي عن أسس السياسة المائية للسنوات المقبلة.
.1 الموارد المائية بالمغرب
يقدر معدل الواردات المطرية السنوية على مجموع التراب الوطني بما يناهز 150 مليار متر مكعب. و تمثل الأمطار النافعة حوالي 20 % من هذه الواردات فقط ، أي 29 مليار متر مكعب التي تتمثل في سيلان المياه السطحية والجوفية.
إجماليا، يتوفر المغرب على موارد مائية قابلة للتعبئة تقدر خلال السنوات المتوسطة بما يقرب من 20 مليار متر مكعب، منها 4 مليار متر مكعب من المياه الجوفية و 16 مليار متر مكعب من المياه السطحية.
.2 إكراهات تنمية الموارد المائية
2.1. التوزيع الزمني والجغرافي الغير المنتظم للموارد المائية
رغم أن المغرب يمتاز بموقع جغرافي ملائم بأقصى شمال غرب إفريقيا مستفيدا من التقلبات المناخية للمحيط التي تعبر عادة غرب أوربا، فإنه يبقى بلدا ذا مناخ شبه جاف إلى جاف.
إن نظام تهاطل الأمطار بالمغرب يمتاز بتفاوت من جهة إلى أخرى حيث يفوق المعدل السنوي للأمطار مترا في بعض المناطق الجبلية بالشمال بينما لا يتجاوز ثلاثة سنتمترات في الأحواض الجنوبية بالبلاد. كما يختلف حجم التهاطلات المطرية من سنة إلى أخرى وكذلك من فصل إلى آخر داخل نفس السنة، مع تعاقب سنوات ممطرة وسنوات جفاف حاد يمكن أن يستمر لعدة سنوات.
إن الموارد المائية السطحية التي تمثل أكثر من 80 % من الاحتياط القابل للتعبئة تتميز بتوزيع غير متساوي في الزمان والمكان. و تقدر الواردات المائية السطحية خلال السنة المتوسطة ببعض الملايين من الأمتار المكعبة بالنسبة للأحواض الصحراوية في حين تصل إلى5.000 مليون متر مكعب بالنسبة لحوض سبو شمال المملكة. كما تتميز هذه الواردات بتفاوت متباين داخل نفس الحوض المائي.
كما أن الأنظمة الهيدرولوجية غير منتظمة سواء على المستوى الموسمي أو السنوي حيث يكاد يكون السيلان منعدم أحيانا في فصل الصيف في حين قد تعرف الفصول الرطبة حامولات هامة و مركزة .
و تعرف المياه الجوفية هي الأخرى تفاوتا في التوزيع على مستوى التراب الوطني حيث أن بعض الجهات مثل تادلة تتوفر على مركب مائي جوفي كبير متكون من عدة طبقات مائية، في حين يسجل في مناطق أخرى غياب تام للمياه الجوفية وذلك على مساحات شاسعة.
إن هذا التفاوت في توزيع المياه في الزمان والمكان يستلزم بناء سدود ذات خزانات كبيرة لأجل خزن الواردات المائية خلال السنوات الرطبة لاستعمالها خلال سنوات الجفاف. كما يستلزم كذلك كلما سمحت الظروف بذلك إنجاز منشآت كبرى لتحويل المياه من المناطق التي تعرف وفرة في المياه إلى الجهات التي تعاني من ندرتها.
2.2. جفاف متكرر و أكثر حدة
تبين المعطيات المطرية المتوفرة على امتداد قرن من الزمان بأن الجفاف هو خاصية طبيعية للطقس بالمغرب. وقد عرفت البلاد عدة فترات جفاف منها ما يقرب من عشرة فترات همت عدة جهات. و تضل سنوات 1944- 1945و 1980 – 1985و 1990 - 1995 ثم 1998- 2000 من الفترات الأكثر حدة حيث همت مجموع التراب الوطني.
لقد تميزت هذه الفترات الجافة ب:
- عجز وصل إلى حدود 75% على مستوى واردات المياه السطحية،
- انخفاض في مستوى المياه بالطبقات الجوفية وصل إلى 10 أمتار،
- نقص هام في نسبة ملئ السدود،
- تقليص في مستوى التزود بالماء تراوح ما بين 25 و 50% في بعض المدن،
- تقليص في حجم المياه المخصصة للسقي تراوح ما بين 30 و 50% ،
- عجز في الطاقة الكهرومائية تراوح ما بين 40 و 50% بالنسبة إلى الإنتاج الهيدروكهربائي المتوسط.
2.3. طاقات مائية محدودة
إن الحصة من الموارد المائية الطبيعية لكل فرد والتي تعبر عن الثروة أو الخصاص لكل بلد من الماء يقارب بالنسبة للمغرب 1000 متر مكعب لكل فرد . ويعتبر هذا العدد كحد حرج لظهور الخصاص في الماء . و تتباين هذه الحصص بالمغرب حاليا ما بين 450 متر مكعب للفرد في السنة بالنسبة للمناطق المعروفة بخصاصها في الموارد المائية إلى ما يقارب 1800 متر مكعب للفرد في السنة بالنسبة للأحواض الرطبة. ويتوقع في سنة 2020 أن تناهز هذه الحصص 760 متر مكعب للفرد/السنة ، آنذاك لن يتوفر لحوالي 13 مليون نسمة سوى أقل من 500 متر مكعب للفرد/السنة و هي حصة تعتبر عالميا كحد لبداية الخصاص المطلق في الماء الشيء الذي يشير إلى أن البلاد ستواجه وضعية مستمرة لندرة المياه.
4.2. طلب متزايد على الموارد المائية
إن التطور الاقتصادي والاجتماعي للمملكة المغربية نتج عنه طلب كبير للموارد المائية. ويقدرهذا الطلب الذي يخص التزويد بالماء الصالح للشرب والماء الصناعي ومياه السقي بحوالي 11.5 مليار م3 تتوزع بين 12 % للماء الصالح للشرب و 88 % للمياه السقوية. و يتوقع في حدود 2020، أن تصل هذه الحاجيات إلى 15.5 مليار م3 ، أي بارتفاع سنوي يقدر ب 1,5 %.
5.2. موارد مائية سريعة التأثر بالتلوث
إن المياه السطحية والجوفية مهددة بصفة دائمة بأنواع كثيرة من التلوث نتيجة المياه العادمة بالخصوص . فحوالي 240 مليون م3 من المياه المستعملة و 5,7 مليون موافق-نسمة* من النفايات الصناعية تدفق سنويا في المجال الطبيعي بدون أدنى معالجة . كما يعد الإستعمال المفرط للأسمدة الطبيعية والصناعية في الميدان الفلاحي إضافة إلى التلوث الناتج عن الحوادث من أهم المشاكل التي تهدد وفرة وجودة موارد المياه.
وينتج عن تلوث حقينات السدود ضياع حجم هام من المياه المعبأة بالإضافة إلى ارتفاع كلفة إنتاج الماء الصالح للشرب.
ومن جهة أخرى فقد سجلت جودة المياه بعدد مهم من الطبقات الجوفية تدهورا ملموسا خصوصا بالدوائر السقوية حيث يكثر استعمال الأسمدة والمواد الكيماوية .
* : ما يماثل المياه العادمة ل 5,7 مليون نسمة.
2 .6. التعرية وانجراف التربة
تتميز الأحواض المائية المغربية بتعرية كبيرة حيث يقدرحجم انجراف التربة بحوالي 2000 طن في الكيلومتر المربع سنويا . و يرتبط هذا الأخير خصوصا بالنشاط الفلاحي على الأراضي الجبلية و الاندثار السريع للمناطق الغابوية علاوة عن عدم تقويتها وصيانتها. كما يرتبط أيضا بالعوامل الطبيعية الغير الملائمة ونخص بالذكر العوامل الجيولوجية وقوة التساقطات المطرية. ويؤثر انجراف التربة على نظام جريان الأنهار والأودية ويهدد كذلك المجهودات المبذولة في ميدان التجهيزات المائية السطحية من سدود وقنوات نتيجة الترسبات.
فبالإضافة إلى إضعاف التربة ، تؤثر التعرية بشكل خطير على تدبير المياه، بحيث تؤدي إلى :
- التقليص من حقينة السدود وتقزيم حجم المياه المعبئة ؛
- ضرورة الأخذ باعتبار الترسبات في تصميم حقينات السدود مما يجعلها أكثر تعقيدا وكلفة ؛
- تدني مردودية التجهيزات المائية تترجم بخسائر اقتصادية على مستوى الاستغلال ؛
- تعقيد استغلال المنشآت المائية بسافلة السدود بسبب الترسبات المنقولة.
فبالنسبة لحقينات السدود التي تبلغ سعتها الإجمالية 15 مليار م3 تقدر الخسائر الناتجة عن الترسبات ب 65 مليون م3 في السنة أي ما يعادل سدا متوسطا سنويا . ويتوقع أن يصل هذا الحجم المفقود سنويا إلى 100 مليون م3 في حدود 2020.
3. حالة تعبئة واستعمال الموارد المائية
تعد العشرية الثانية من القرن الماضي بداية استعمال التجهيزات الحديثة الخاصة بتعبئة الموارد المائية بالمغرب، وذلك عبر بناء السدود الأولى ، والتي لازالت قيد الاستغلال إلى يومنا هذا . كما اتسمت سنوات الستينات بالانطلاقة الفعلية لبناء السدود الكبرى.
إن تبنى المغرب لسياسة الري على نطاق واسع أدى إلى تطور متزايد لتعبئة المياه السطحية للتمكن من تحقيق الأمن الغذائي لساكنة تعرف ارتفاعا مستمرا . وفي هذا الإطار، تم في سنة 1967 تحديد هدف سقي مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة في حدود سنة 2000.
وهكذا مكنت المجهودات المبذولة في ميدان دراسة وتهيئة البنية التحتية المائية خلال العشريات الثلاثة الأخيرة من إنجاز 100 سد و 13 منشأة كبرى لتحويل المياه من منطقة لأخرى. ولقد ارتفعت طاقة الخزن لمجموع السدود من 2.3 مليار م3 سنة 1967 إلى 15 مليار م3 حاليا. وتمكن هده الطاقة الاستيعابية من تنظيم 9.5 مليار م3 من المياه السطحية خلال السنة العادية ومن تلبية جل الحاجيات من الماء في ظروف مرضية. كما توجد حاليا 5 سدود كبرى قيد الإنجاز تبلغ سعة حقيناتها مليار م3.
ومن جهة أخرى مكنت المجهودات المبذولة من أجل تعبئة المياه الجوفية مند سنة 1961 من توفير 2,7 مليار م3 موجهة خاصة لتزويد سكان الحواضر والقرى بالماء الصالح للشرب والدوائر السقوية المتوسطة والصغرى.
إن تعبئة الموارد المائية السطحية والجوفية مكنت حاليا من توفير 13,7 مليار م3 خلال السنة المتوسطة أي ما يعادل 68 % من الحجم الإجمالي القابل للتعبئة. وتمكن هده الموارد المعبئة من سقي ما يزيد عن مليون هكتار ، وتوفير مليار م3 للتزويد بالماء الصالح للشرب والماء الصناعي، وتساهم أيضا بنسبة مهمة في إنتاج الطاقة الكهربائية .
ويتميز استعمال الماء بالمغرب بالاستهلاك الكبير في الميدان الفلاحي بنسبة 88 % في حين لا يمثل الماء الصالح للشرب والماء الصناعي سوى 11 %، ويخصص الحجم المتبقي لدعم الصبيب الصحي لتحسين جودة المياه على طول سافلة السدود .
4. إستراتيجية تنمية الموارد المائية
منذ 1960، تبنى المغرب سياسة مستمرة و مدعمة لتعبئة موارده المائية وذلك من أجل ضمان الاستعمال الأمثل للإمكانيات المائية المتوفرة وكذا لمواجهة حاجيات التطور الاقتصادي والاجتماعي .
وعلى الرغم من التطور المهم الذي عرفه الميدان فان مجهودات كبيرة يجب بدلها حتى نتمكن من مواجهة التحديات المستقبلية .
في هذا الإطار ، فقد اتخذت عدة إجراءات لتطوير الإستراتيجية المتبعة لتنمية الموارد المائية، وذلك باعتماد سياسة اللامركزية في تدبير المياه و الإشراك القوي لمستعملي الماء في التعبئة والتدبير وبلورة مفهوم القيمة الاقتصادية للماء، وأخيرا دعم مجهودات التخطيط وتعبئة الموارد المائية .
4 .1. التحكم في تقييم الموارد المياه
إن التغييرات الكبيرة التي تطبع بها النظام الهيدرولوجي بالمغرب تحتم معرفة وتحديد موارد المياه المتوفرة بصفة دائمة من أجل ضمان تعبئة ملائمة وتدبير عقلاني للمياه، وبالتالي تلبية الحاجيات من هذه المادة الحيوية وأيضا الحفاظ على التوازن البيئي.
دعما للمجهودات التي بدلت من أجل تقييم الموارد المائية السطحية و الجوفية ، يتم إدخال وسائل وتقنيات جديدة من خلال تحديث شبكة القياس الكمي والكيفي، و إنشاء أبناك للمعلومات وإعتماد النظام المعلوماتي الجغرافي , وتصميم ووضع نماذج رياضياتية للمركبات المائية السطحية والجوفية .
كما تم استنباط طرق ووسائل حديثة لتقييم ودراسة الموارد المائية السطحية والجوفية من خلال استعمال تقنيات الرصد عن بعد ومعطيات النظائر المشعة والجيوفييزياء المتطورة كما تم كذلك وضع برنامج مهم للاستكشاف واستغلال الفرشات المائية الجوفية العميقة.
إن عملية تقييم الموارد المائية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار ظاهرة التغيرات المناخية حتى نتمكن من تحديد آثار هذه التغييرات على النظام الهيدرولوجي ومن تم التنبأ بالانعكاسات على الموارد المائية المتاحة .
4. 2. توطيد منهجية التخطيط
من أجل ترشيد استخدام الموارد المائية المتوفرة وضمان توزيع عادل بين مختلف مناطق المغرب ، تم نهج سياسة للتخطيط المائي خلال الثمانينات . وترمي هذه المنهجية الذي ثم تشريعها وتنظيمها في إطار القانون الجديد المتعلق بالماء إلى إقرار مخطط وطني للماء يسعى إلى تدبير مندمج للموارد المائية في أفق 2020 بشكل يساير الاختيارات الوطنية للتطور الاقتصادي والاجتماعي للمغرب.
و تم في هذا السياق إنجاز مخططات مديرية خاصة بجميع أحواض المملكة . وقد صودق على الكثير منها من طرف المجلس الأعلى للماء والمناخ. وفي هذا الاطار فقد صادق المجلس المذكور في دورته الأخيرة 21-22 يونيو 2001 على مخططي تنمية المياه لكل من أحواض تانسيفت و أحواض سوس-ماسة.
وعلى ضوء النتائج المحصل عليها من خلال مخططات الأحواض تتم حاليا دراسة المخطط الوطني للماء و الذي سيتم طرحه أمام المجلس الأعلى للماء والمناخ في دورته المقبلة.
وبالموازاة مع ذلك، توجد دراسات أخرى قيد الإنجاز كالمخطط المديري لحماية جودة المياه والمخطط الوطني للحماية من الفيضانات والدراسة المتعلقة بالتعريفة المائية والمخطط الخاص بمكافحة آثار الجفاف.
وسوف تمكن هذه الدراسات من تحديد واتخاذ إجراءات دقيقة وبرامج استثمارية من أجل الحصول على الأهداف القطاعية المنشودة و المتمثلة في :
- تعميم تزويد سكان الحواضر والقرى بالماء الصالح للشرب ؛
- سقي مجموع الأراضي الفلاحية القابلة للري ؛
- ضمان توازن مستديم بين الحاجيات والموارد المتوفرة ؛
- الحماية من الفيضانات و الحد من آثار الجفاف ؛
- ضمان تدبير عقلاني و مستديم للموارد المائية المتاحة.
3.4. مواصلة تعبئة الموارد المائية
لقد انبثق عن دراسة المخططات الجهوية لتنمية الموارد المائية ضرورة إنجاز برنامج طموح لتعبئة المياه . ويتمحور هدا البرنامج حول بناء سدود كبرى واستغلال المياه الجوفية خاصة العميقة منها . وتتلخص أهم مكونات البرنامج الخاصة بالعشريات القادمة في ما يلي :
- إنجاز60 سدا كبيرا ومتوسطا لتعبئة ما يقارب 3 مليار م3 ؛
- استخراج 1,3 مليار م3 من المياه الجوفية من الطبقات المائية العميقة مما يستوجب إنجاز برنامج مهم للبحث والاستكشاف ؛
- بناء منشآت خاصة لتحويل المياه من جهة إلى أخرى وذلك لضمان توازن أكبر في التزويد بالماء الشروب في جل المناطق مع تجنب ضياع المياه بالبحر.
تعد سبل تعبئة المياه العادية لتلبية الحاجيات الوطنية محدودة وأصبحت مكلفة ماديا. ولهذا، فإن المجهودات الحالية تصب كدلك في اتجاه البحث عن إمكانيات تعبئة الموارد المائية الغير العادية . و تتمثل أهم هذه الإمكانيات في :
- استغلال المياه المستعملة بعد معالجتها ( وتقدر حاليا كمياتها ب 500 مليون م3 يتم تصريف نصفها إلى البحر أما الباقي فانه يستعمل في الميدان الفلاحي بدون أدنى معالجة، وستبلغ هذه الكمية 900 مليون م3 في حدود سنة 2020 ( ؛
- تحلية مياه البحر ومعالجة المياه الأجاجة، إلا أن تعميم هذه التقنية يبقى رهين بتكلفتها المادية الباهظة مقارنة مع تعبئة المياه التقليدية ؛
- تنمية الموارد المائية الجوفية عن طريق استغلال فائض المياه السطحية الناتج عن الاحمولات لتطعيم الطبقات الجوفية.
4.4. تعميم تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب
إذا كان تزويد المناطق الحضرية بالماء الشروب قد سجل مكتسبات مهمة فإن العالم القروي لا زال يعاني من تأخير حقيقي في هذا الميدان ، حيث أن نسبة التزويد بهذا الأخير لم تناهز 18 % إلى حدود سنة 1994.
ولتحسين هده الوضعية فقد تم وضع برنامج واسع النطاق بهدف تعميم تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب في أفق 2010 . ، ويهم هدا البرنامج حوالي 11 مليون نسمة موزعة على 31.000 دوار وتبلغ تكلفته 10 مليار درهم يساهم في تمويلها كل من الدولة و الجماعات المحلية و السكان المستفيدون.
ومند الشروع في أنجاز هذا الأخير سنة 1995 ، مكنت المنشآت المنجزة من رفع نسبة التزويد من 18% سنة 1994 إلى 43% حاليا.
4. 5. تنمية تدبير الطلب على الماء
لقد أبانت الاستراتيجية المتبعة حتى الآن والهادفة إلى تلبية الطلب المتزايد بالرفع من مستوى العرض عن حدودها نظرا لعدم وفرة موارد المياه و ارتفاع تكاليف تعبئتها . إ ن تنمية تدبير الطلب على الماء تشكل خيارا واعدا ، حيث يمكن التدخل بصفة مباشرة أو غير مباشرة على جميع مستعملي الماء قصد حصر دقيق للطلب والحرص على الاستعمال الأمثل للماء. و تعتمد أساليب تدبير الطلب الذي أصبح يشكل محورا أساسيا في السياسة الوطنية المائية على :
- تنظيم الفلاحين داخل جمعيات للمستعملين قصد تفويض مسؤولية تدبير شبكات التوزيع و دلك من أجل عقلنة تدبير مياه الري ؛
- وضع برامج لتحسين مر دودية شبكات توزيع الماء الصالح للشرب ؛
- تشجيع استعمال تقنيات الري الهادفة إلى اقتصاد في الماء مثل الري الموضعي و ذلك بتقديم الدعم المالي و التقني الضرورين للفلاحين ؛
- اتخاذ نظام التسعيرات المائية الهادف إلى اقتصاد في الماء ؛
- القيام بحملات تحسيسية لتوعية المستعملين والعموم.
4. 6 . اللامركزية والتشاور في تدبير المياه
إن بلوغ تنمية مستديمة للمياه في إطار تطبعه نذرة الموارد وارتفاع الطلب لا يمكنها أن تتحقق إلا بالاشراك الفعلي لكل المتدخلين وخاصة مستعملي الماء في كل مراحل مسلسل تنمية الموارد المائية.
وعيا منه بأهمية هذا الجانب ، وضع المغرب منهجية تعتمد على اللامركزية والتشارك في تدبير موارد المياه . و تتجلى هذه المنهجية التي بلوها قانون الماء في إحداُث و تزكية المؤسسات التالية :
- على المستوى الوطني ، يشكل المجلس الأعلى للماء والمناخ هيئة عليا مكلفة بتحديد السياسة العامة للمغرب في ميدان الماء حيث يتكون من مجموع الفعاليات و المتدخلين في قطاع الماء (الإدارة ، المنتخبون ، الجماعات المحلية، المستعملون…) ؛
- على المستوى الجهوي ، سيمكن خلق وكالات الأحواض المائية من تطبيق نظام اللامركزية والإسهام في وضع سياسة مائية على المستوى الجهوي خاصة وأن مكتبها الإداري يضم جميع المتداخلين الجهويين في ميدان تدبير المياه ؛
- على المستوى الإقليمي ، تلعب اللجن الإقليمية للماء دورا أساسيا في تنمية التعاون بين الدولة من جهة والجماعات المحلية من جهة أخرى قصد بلورة مشاريع هادفة على المستوى المحلي.
4. 7. تسعيرة الماء
خلال الثلاثين سنة الماضية أنجزت السلطات العمومية عدة مشاريع استثمارية مهمة قصد تزويد البلاد بالماء . إلا أن التسعرة المطبقة على المستهلكين لا تشمل تكاليف الاستثمار والصيانة وتشغيل المنشآت ، بل يبقى جزء كبير منها عبئا على الدولة.
وتوجد حاليا في طور الإنجاز دراسة خاصة بتسعرة الماء ، وهي تهدف إلى وضع أسس تسعيرية ملائمة وضرورية من أجل تثبيت تدبير مستديم لموارد المياه . و من مجمل أهدافها :
- توفير الماء الصالح للشرب لجميع السكان وخاصة دوي الدخل المحدود ؛
- تحقيق اقتصاد الماء وذلك بردع سبل التبدير ؛
- تمكين المؤسسات المشرفة على إنتاج وتوزيع الماء من الحصول على الموارد المالية الضرورية لضمان التزويد وإنجاز استثمارات جديدة.
.8 .4 الجوانب التنظيمية والقانونية
تعد الأدوات التشريعية والقانونية أداة أساسية لإنجاح تدبير مستديم و ضمان المحافظة على موارد المياه . في هذا الإطار، صادق البرلمان المغربي بالإجماع سنة 1995 على القانون رقم 95-10 المتعلق بالماء. ومن ركائز هذا القانون :
- اعتبار الماء ملكا عموميا ،
- وضع مخططات مندمجة لتجهيز ولتوزيع موارد المياه ،
- المحافظة على البيئة وعلى صحة الإنسان بتقنين كل ما من شأنه أن يشكل مصدرا لتلوث موارد المياه ،
- ضمان التوزيع العقلاني لموارد المياه أثناء فترات الجفاف،
- تثبيت القيمة الاقتصادية للماء ،
- إشراك المستعملين من أشخاص و مؤسسات في تدبير الموارد المائية.
- وضع مؤسسات للتوجيه وللاستشارة من أجل السهر على تنمية الموارد المائية (المجلس الأعلى للماء والمناخ ، وكالات الأحواض المائية …) .
خاتــمة
يتميز قطاع الماء بالمغرب بصعوبات هيدرولوجية تتمثل في التساقطات الغير منتظمة في الزمان والمكان وبضغط حاد ومتزايد على الماء . فالموارد المائية المخصصة للفرد الواجد تقترب من حد ظهور الندرة المائية الذي هو 1000 متر مكعب للفرد في السنة. ومن المنتظر أن تصل هذه النسبة في أفق 2020 إلى حد الخصاص التام للماء.
إن الاستراتيجية المتبعة حاليا مكنت البلاد من الاستجابة إلى جميع المتطلبات دون تفريط أو تقصير خاصة في فترات الجفاف التي عرفها المغرب، وذلك بفضل التجهيزات المائية المتوفر عليها .
لقد أصبحت هذه الاستراتيجية المرتكزة أساسا على تعبئة المياه تستلزم اتخاد تدابير إضافية تضمن تنمية مستديمة و تدبيرا مندمجا و عقلانيا للموارد المائية المتاحة .
و تتمحور هده التدابير و التي شرع فعلا في إنجازها حول تدبير ندرة المياه و عقلنة استعماله و ضمان مردودية استغلاله و تحقيق التضامن بين الجهات و التوزيع المتوازن للموارد المائية خاصة خلال فترات الجفاف، إضافة إلى اعتماد اللامركزية و التشاور في تخطيط تنمية المياه و تدبيرها.