بحث عن المستحثات
المستحثة: أثر أو بقايا نبات أو حيوان كان يعيش منذ آلاف أو ملايين السنين. بعض هذه الأحافير أوراق نبات أو أصداف أو هياكل، كانت قد حُفظت بعد موت النبات أو الحيوان. وبعضها الآخر آثار ومسارات أقدام نتجت عن الحيوانات المتنقلة.
توجد معظم الأحافير في صخور رسوبية . تشكلت هذه الأحافير من بقايا نباتات أو حيوانات طمرت في الرسوبيات مثل الطين أو الرمل المتجمع في قاع الأنهار والبحيرات والمستنقعات والبحار. وبعد مرور آلاف السنين، فإن ثقل الطبقات العليا الضاغطة على الطبقات السفلى يحولها إلى صخور. انظر: الصخر الرسوبي. وهناك عدد قليل من الأحافير التي تمثل نباتات أو حيوانات كاملة لإنها حُفظت في جليد أو قطران أو إفرازات الأشجار المتجمدة.
يعتقد بعض العلماء أن أقدم الأحافير هي لبكتيريا مجهرية عاشت قبل نحو 5,3 بليون سنة. وُجدت مثل هذه الأحافير في جنوب إفريقيا في نوع من الصخور يسمَّى الشَّرت وهو نوع من المرو. كما عُثر على أحافير مماثلة لبكتيريا قديمة في أستراليا. وأقدم الأحافير الحيوانية هي بقايا اللافقاريات ، وهي حيوانات ليس لها عمود فقري. ويُقدر عمر صخور هذه الأحافير بحوالي 700 مليون سنة. وأقدم أحافير الفقاريات (وهي الحيوانات ذات العمود الفقري) هي أحافير للأسماك يقُدر عمر صخورها بحوالي 500 مليون سنة. والأحافير واسعة الانتشار والعثور عليها أسهل مما يعتقد الكثيرون. وتتوفر في معظم بقاع العالم. وهذا يعود لكون الصخور الرسوبية واسعة الانتشار تغطي حوالي 75 % من سطح اليابسة. ومع هذا يعتقد العلماء أن جزءًا يسيرًا من الحيوانات والنباتات التي عاشت على الأرض قد تم حفظها في شكل أحافير. كما يُظن أن أنواعًًا عديدة قد عاشت واختفت دون أن تترك أي أثر في السجل الأحفوري على الإطلاق. ولكن المزيد من الأنواع الأحفورية يتم اكتشافها دائمًا.
ومع أن السجل الأحفوري غير مكتمل، فإن العديد من المجموعات النباتية والحيوانية الهامة قد ترك بقايا أحفورية. وقد مَكَّنَتْ هذه الأحافير العلماء من تصور نماذج الحياة التي وُجدت في عصور زمنية مختلفة في الماضي، وكذلك معرفةكيف عاشت أنواع ما قبل التاريخ. كما تشير هذه الأحافير لكيفية تغير الحياة مع الزمن على الأرض. توضح هذه المقالة المعلومات التي تقدمها الأحافير عن الحياة القديمة. وللحصول على معلومات عن حيوانات العصور الغابرة، انظر: حيوان ماقبل التاريخ ، ولمعرفة التاريخ الأقدم للإنسان، .
الأحافير تكشف التاريخ القديم
كان العالم مختلفًا عما هو عليه الآن عندما تشكلت معظم الأحافير في الماضي البعيد. وكانت النباتات والحيوانات التي انقرضت منذ زمن طويل تستوطن المياه واليابسة. ومن الممكن أن نجد بحرًا قديمًا في منطقة جبال عالية، وفي مكان غابة استوائية كانت مزدهرة قبل ملايين السنين نجد الآن سهولاً باردة جافة. وحتى القارات ابتعدت عن مواقع كانت تحتلها قبل مئات الملايين من السنين. ولم يكن هناك أسلوب لتسجيل هذه التغيرات. ولكن علماء الإحاثة ـ وهم العلماء الذين يدرسون حياة ما قبل التاريخ ـ قد تمكنوا من تجميع المعلومات حول ماضي الأرض من خلال ملاحظات سجلِّها الأُحفوري.
معرفة النباتات والحيوانات القديمة. يستطيع علماء الإحاثة من خلال دراستها معرفة الكثير عن مظاهر وسبل الحياة للعديد من كائنات ما قبل التاريخ. وإحدى الطرق التي يستعملها علماء الإحاثة تتم من خلال مقارنة هذه الأحافير بأجناسها المعاصرة. وفي العديد من الحالات تُظهر عمليات المقارنة أن الأنواع الأحفورية لها أقارب معاصرة وقريبة منها، كما أن حالات التشابه والاختلاف بين أنواع الأحافير وأقاربها المعاصرة يمكن أن تعطي معلومات هامة. فقد دلت أحافير الإنسان المنتصب على سبيل المثال ، و هو الذي عاش في الفترة من 1,5 مليون إلى 300,000 سنة، أنه أقدم أسلاف الإنسان. وتشير أحافير عظام الحوض والساق والقدم عنده إلى أنها تشبه عظام الإنسان. ويعرف علماء الأحافير أن الهيكل العظمي المعتدل يساعد على السير بانتصاب القامة. ومن هذا تمكنوا من تحديد أن الإنسان المنتصب قد سار منتصب القامة.
تعد الأحافير النباتية والحيوانية التي لا مثيل ولا قريب معاصرًا لها، أكثر صعوبة في فهمها.وتعتمد إحدى طرق معرفة حياتها السابقة على مقارنة أحافيرها بأنواع معاصرة لا تنتمي إليها وإنما تشبهها في شكلها العام. فعلى سبيل المثال، تبين الأحافير أنه ما بين فترة 210 مليون سنة إلى 63 مليون سنة خلت، عاشت مجموعة من الزواحف ذات إصبع واحد طويل نحيف يبرز من عند كل طرف أمامي. ولا تشبه البنية العظمية أيًّا من تلك الزواحف المعاصرة الآن. ومع ذلك، يبدو أنها تشبه أجنحة الطيور المعاصرة. وحيث إن الطيور المعاصرة تستعمل الأجنحة للطيران، فإن علماء الأحافير استنتجوا أن تلك المخلوقات المنقرضة كانت تطير. وأطلقوا عليها اسم السحالي المجنحة.
إن معرفة ظروف موت وانطمار الأحافير يمكن أن تبين كيف عاشت. فقد وجد علماء الأحافير أعشاشًا أحفورية لديناصورات في حداثتها. تشير هذه الأحافير إلى أن بعض أنواع الديناصورات كان يعتني بصغاره ويقوم بتغذيتها في أعشاش مهيأة، تقريبًا كما تفعل طيور اليوم.
وتقدم آثار الأقدام والممرات والمسالك، المسماة الآثار الأحفورية، معلومات عن سلوك حيوانات ما قبل التاريخ. فعلى سبيل المثال، توحي بعض آثار الأقدام بأن بعض أنواع الديناصورات سارت في قطعان. كما أن بعض الآثار الأحفورية تبين أن بعض الديدان المنقرضة قد عاشت فى أنفاق بسيطة محفورة في قاع البحر.
تتبُّع مظاهر الحياة. يقدم السجل الأحفوري دليلاً مهمًا لتاريخ الحياة. وتشير الأحافير إلى أنه، على مدى مئات الملايين من السنين، قد حفلت الحياة على الأرض بخلايا بكتيريا بسيطة وحيدة الخلية وطحالب إلى جانب عديد من الكائنات المعقَّدة والمتنوعة. كما تشير أيضًا هذه الأحافير إلى أن بعض الأنواع قد تغيرت جذريًا وحلت محلّها أنماط حياة جديدة متأقلمة كليًا.
ويبين موقع الأحافير في طبقات صخرية رسوبية كيف ازداد تباين الكائنات الحية عبر الزمن. فكلما ترسب الراسب، حطت طبقات جديدة فوق الأقدم منها. وعند تحول الترسبات إلى حجر، فإن هذه الطبقات تبقى محفوظة حسب زمن ترسبها. وفي الطبقات التي لم يفسد ترتيبها نجد أن الأحافير في المناطق السفلية ـ أي الأقدم عمرًا ـ أقل تعقيدًا من التي توجد في الطبقات الأصغر عمرًا والموجودة قرب السطح.
وتعطي الأحافير المحفوظة في طبقات الأخدود العظيم في أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية مثالاً جيدًا على ازدياد التعقيد في الكائنات المعاصرة. فالطبقات القريبة من القاعدة عمرها حوالي بليون سنة، وتحتوي على أحافير بسيطة الشكل. أما الطبقات التي عمرها حوالي 600 إلى500 مليون سنة مضت فتحوي أحافير لحيوانات لافقارية، شاملة الحيوانات البحرية المنقرضة المسماة ثلاثية الفصوص. وتظهر بقايا الأسماك الأحفورية في طبقات عمرها نحو 400 مليون سنة. أما بعض الطبقات العليا التي تشكلت في الفترة بين 330 – 260 مليون سنة مضت فإنها تحتوي على آثار بعض حيوانات اليابسة المبكرة مثل البرمائيات والزواحف الصغيرة.
ويقول بعض المؤيدين لنظرية التطور (النشوء والارتقاء) إن في بعض الأحافير مجموعات معينة من النباتات أو الحيوانات تحمل بعض خصائص كائنات أخرى أسموها الأحافير الانتقالية. وهذه الأحافير الانتقالية تضم خصائص المجموعتين. ويستدلون من هياكل أحافير السمكيات السقفية ـ وهي كائنات عاشت قبل حوالي 360 مليون سنة ـ على أن البرمائيات قد تشابهت شيئًا ما مع الأسماك. ويصنف العلماء السمكيات السقفية، على أنها شبيهة بأوائل البرمائيات، ذلك لأن لها أرجلاً ورئتين مما أهلها للعيش على اليابسة. وكانت عظام ساق السمكيات السقفية مشابهة لعظام زعنفة الأسماك. كما كان لها أسنان تشبه أسنان الأسماك، وذيل زعنفي للسباحة. وتبين الدلائل الأحفورية أن أمثال هذه البرمائيات المتأخرة قد فقدت صفاتها السمكية، وأصبحت أكثر تكيفًا للعيش على اليابسة.
تبين الأحافير أيضًا كيف أن بعض المجموعات النباتية والحيوانية أصبحت أكثر تنوعًا. فالأوراق الأحفورية وحبوب اللقاح للنباتات الزهرية الأولى ترجع إلى العصر الطباشيري المبكر أي قبل 138 مليون سنة مضت. وتسجل هذه الأحافير عددًا قليلاً من الأنواع. أما أحافير منتصف العصر الطباشيري أي قبل حوالي 90 مليون سنة، فتشمل تشكيلة واسعة من النباتات الزهرية من العديد من البيئات المختلفة.
تسجيل التغيّرات في الأرض. يستخدم العلماء الأحافير في تحديد كيفية تغيّر مناخ الأرض وكذلك تضاريسها عبر ملايين السنين. فقد وجدوا على سبيل المثال، أحافير بعض أشجار النخيل الاستوائية في مناطق ذات مناخ معتدل (بارد) اليوم. كما وجدوا طبقات من الفحم الحجري ـ وقود أحفوري ـ المتكون من بقايا النباتات التي انقرضت قبل ملايين السنين، فى القارة القطبية الجنوبية حيث تشكل اليوم مناطق أكثر برودة لتنمو بها هذه النباتات. وتشير مثل هذه الأدلة إلى أن مناخ هذه المناطق قد تغير. وقد وجد علماء الأحافير، أحافير أصداف بحرية في صخور بعيدة في وسط اليابسة في أيامنا هذه. وتبين مثل هذه الأحافير أن مياه البحر كانت في يوم ما منتشرة عبر هذه المناطق.
وتعطي الأحافير أدلة تدعم نظرية الزحف القاري، وهي الفكرة التي تنص على أن مواقع القارات قد تغيرت على مدى مئات الملايين من السنين الماضية. وقد وجد العلماء أحافير لديناصورات متشابهة في كل القارات الحديثة. ونتيجة لهذا يعتقد علماء الأرض أن كل الكتلة الأرضية تقريبًا كانت موحدة في قارة واحدة عملاقة. ويشير هذا إلى أنه بعد حوالي 200 مليون سنة من ذلك التاريخ كانت القارة العملاقة بدورها تتجزأ أو تنفصل. وكانت القارات تبتعد ببطء إلى وضعها الحالي.
وتساعد هذه النظرية، على سبيل المثال، في تفسير وجود الكنغريات في أستراليا؛ وهذه الحيوانات لا تشبه أيًا من الحيوانات في بقية العالم. انظر: الزحف القاري.
كيف تتكون الأحافير
تموت معظم النباتات والحيوانات وتتعفن متحللة دون أن تترك أي أثر في السجل الأحفوري. وتقوم البكتيريا وأحياء أخرى بتحليل الأنسجة الطرية كالأوراق أو اللحوم. ونتيجة لذلك فإن هذه الأنسجة نادرًا ما تترك أي سجلات أحفورية. وحتى أكثر الأجزاء صلابة مثل العظام والأسنان والأصداف والخشب تبلى في النهاية بوساطة المياه المتحركة أو تذيبها مواد كيميائية. إلا أنه عند طمر بقايا النبات والحيوان في الترسبات فإنها قد تصبح متأحفرة. وتحفظ هذه البقايا في الغالب دون تغيير يُذكر. ولكن معظمها يعتريه تغيير بعد الدفن، ويختفي العديد منها تمامًا، إلا أنه يترك سجلاً أحفوريًا في الراسب.
ويمكن الحفاظ على الأحافير بعدة طرق. والطرق الرئيسية لتكوين الأحافير هى: 1- تكوين الطبعات والقوالب والمصبوبات 2- الكربنة (التفحم) 3- التحجر.
تكوين الطبعات والقوالب والمصبوبات. تتكون بعض الأحافير من شكل محفوظ أو خطوط عريضة لبقايا نبات أو حيوان. كما تتكون الطبعات وتسمى أحيانًا الصور أو النقش ، وهي منخفضات أحفورية ضحلة في الصخر، عندما تُدفن بقايا رقيقة من أجزاء من النبات أو الحيوان في راسب وتتحلَّل. وبعد تحوُّل الراسب إلى صخر، فإن ما يتبقى محفوظًا هو في الواقع معالم للنبات أو الحيوان. ويتكون العديد من الآثار من خطوط صغيرة تركتها عظام أسماك أو أوعية ذات جدار سميك كانت قد وجدت في داخل الأوراق. وفي بعض الأحيان تحفظ الأجزاء الناعمة الطرية مثل الريش أو الأوراق على شكل طبعات.
يُشكِّل القالب بعد دفن الأجزاء الصلبة في الوحل أو الطين أو مواد أخرى يمكن أن تتحول إلى صخر. وفيما بعد، تقوم المياه بإذابة الجزء الصلب المدفون تاركة وراءها قالبًا ـ وهو منطقة مجوفة تشبه الجزء الأصلي الصلب ـ داخل الصخر. أما المصبوب فيتشكل عندما ينزح الماء المحتوي على معادن مذابة وجسيمات أخرى دقيقة من خلال القالب، حيث يرسب الماء هذه المواد والدقائق التي تملأ القالب في نهاية الأمر مُشكِّلة نسخة من الجسم الأصلي الصلب. والعديد من الأصداف البحرية محفوظة على صورة قوالب أو مصبوبات.
الكربنة (التفحم). تنتج عندما تترك الأنسجة المتحللة خلفها آثارًا من الكربون. وتُبنى الأنسجة الحية من مركبات الكربون وعناصر كيميائية أخرى. وعندما تتحلل الأنسجة إلى مكوناتها الكيميائية فإن معظم هذه الكيميائيات تختفي. وفي حالة الكربنة تبقى طبقة رقيقة من غشاء كربوني بشكل الكائن. ومن خلال الكربنة تم حفظ أسماك ونباتات وكائنات ذات أجسام طرية بتفاصيل دقيقة جدًا.
التحجر. أصبحت نباتات وحيوانات كثيرة متأَحْفرة بعد أن تسربت المياه المحتوية على معادن في مسام الأجزاء الأصلية الصلبة. ويسمى هذا الفعل بالتحجُّر. وفي العديد من هذه الأحافير فإن بعض المادة الصلبة ـ إن لم يكن كلها ـ قد أبقتها المعادن بل قوّتها وصلّبتها. وتسمى هذه العملية بالتمعْدُن. وقد عثر على أخشاب أحفورية من مستوى الأفرع الصغيرة إلى جذوع أشجار ضخمة في مناطق عدة من العالم. وتوجد هذه الأخشاب الأحفورية في بعض المناطق بنسب كبيرة جدًا لدرجة أنها سميت الغابات المتحجرة. فمنطقة شمالي أريزونا في الولايات المتحدة الأمريكية ـ على سبيل المثال ـ تحوي المتنزه الوطني للغابات المتحجرة. ويُعتَقَد بأن هذا المتنزه أكبر مناطق العالم من حيث كمية الأخشاب الأحفورية الغنية بالألوان.
وفي حالات أخرى، فإن المعادن في الماء تحل كليًا محل النبات أو الحيوان الأصلي. وتسمى هذه العملية الإحلال، وتشمل حدثين في الوقت نفسه؛ حيث يذيب الماء المركبات المكونة للمادة الأصلية، بينما تترسب المعادن بدلاً منها. ويمكن لعملية الإحلال هذه أن تنتج نسخة مطابقة للأصل قد تشمل حتى التفاصيل المجهرية للجزء الأصلي الصلب من المادة.
عمليات أَخرى. يمكن للنباتات أو الحيوانات أن تتأَحْفَر أحيانًا بتغير قليل أو دون تغير؛ ففي عملية التحنيط، يتم حفظ جلد الحيوان وبعض الأنسجة الأخرى بالتجفيف أو بفعل مواد كيميائية. ويمكن أن تتم عملية التحنيط فيما لو دُفن الحيوان الميت في مكان جاف مثل الصحراء، أو في مادة الأسفلت، أو أي مادة زيتية.
وتُؤحْفر بعض العمليات جميع الحيوانات؛ ففي بعض الأحيان، تم حفظ الحشرات بكاملها في مادة الكهرمان، وهي المادة النباتية السائلة بعد تصلبها والمستخلصة من الصنوبر القديم أو أشجار أخرى. ومثل هذه الحشرات كان قد تم احتباسها في هذه المادة اللزجة عند تحوُّلها إلى كهرمان. ففي ألاسكا في الولايات المتحدة الأمريكية، كما في سيبريا في شمال آسيا وُجد الماموث الصوفي متجمدًا في الأرض منذ آلاف السنين. وظل محتفظًا بشعره وجلده ولحمه وأعضائه الداخلية كما كانت عليه عند موته.
دراسة الأحافير
اكتشاف الأحافير.
يمكن وجود الأحافير في أي مكان انكشفت فيه الصخور الرسوبية. وفي المناطق الرطبة تكون هذه الصخور مدفونة عادة تحت طبقة من التربة والنبات، ولكنها تصبح مكشوفة بفعل التعرية المائية في أودية الأنهار. كما تصبح الطبقات الرسوبية مكشوفة أثناء عمليات بناء الطرق والمشاريع الإنشائية الأخرى. وفي الصحارى والمناطق الجافة الأخرى تؤدي التعرية إلى كشف صخور رسوبية عبر مناطق واسعة. وكذلك فإن حفر الآبار النفطية يؤدي غالبًا إلى الحصول على طبقات رسوبية حاملة للأحافير من أعماق الأرض. وغالبًا ما تساعد الأحافير المستخرجة من باطن الأرض المنقبين عن النفط على تحديد احتياطيات النفط والغاز الطبيعي.
ويقوم العلماء بالبحث عن أنواع خاصة من الأحافير في مناطق معينة. ففي أمريكا الشمالية، على سبيل المثال، وجدت معظم الثدييات الأحفورية غربي نهر المسيسيبي، في حين وجد هؤلاء العلماء أحافير شبيهة بالإنسان في شرقي وجنوبي إفريقيا. كما وجدت في كندا وأستراليا لافقاريات بحرية محفوظة بصورة جيدة.
جمعُ الأحافير. تختلف طرق جمع الأحافير باختلاف أنواعها. فأسهلها جمعًا أحافير الأصداف والأسنان والعظام المحفوظة في الرمل الناعم أو الوحل. ويمكن للعلماء أن يستخرجوا هذه الأحافير بالمالج (المسطرين) أو بالمجرفة أو باليد. أما الأحافير المحفوظة في الصخور الصلبة فيمكن اكتشافها واستخلاصها بسهولة عندما تصبح هذه الصخور مكشوفة بالتجوية الطبيعية. والتجوية تشير إلى مجموعة العمليات الكيميائية والفيزيائية التي تجزِّئ الصخر على سطح الأرض وتعريه. وفي هذه الحالة نجد أن الأحافير الأكثر مقاومة لعوامل التجوية من الصخور المحيطة تصبح بارزة إلى الخارج بدرجة أكثر من أسطح الصخور المكشوفة. ومعظم هذه الأحافير يمكن جمعها بتفكيك الصخور بإزميل أو مطرقة أو بالخِلال. ويقوم العلماء بجمع الأحافير المخبأة في الصخر الصلب بكسر الصخر باستعمال المطرقة الثقيلة أو باستعمال المطرقة والأزميل. وغالبًا ما تتكسر الصخور المحتوية على الأحافير على امتداد أسطح الأحافير.
أما الأحافير الهّشة فيتعين صيانتها قبل استخراجها من الصخور. ويقوم العلماء عادة بإحاطة الأجزاء المعرضة من الأحافير بطبقات من القماش المبلل بالجص الرطب. وبعد تصلبه يمكن استخراج الأحافير من الصخر ونقلها إلى المختبر حيث تتم إزالة الجص.
وفي المختبر يستعمل علماء الأحافير أدوات كهربائية للطحن وملاقط دقيقة، بل يستعملون إبرًا لإزالة أي صخر متبقٍّ. أما الأحافير المحاطة بالحجر الجيري فيتم نقعها في محلول حمضي ضعيف يذيب الحجر الجيري ولا يؤثر على الأحفورة. وقد يقرر العلماء ترك الأحفورة مكشوفة بشكل لافت للنظر لكنها تظل جزئيًّا مخبأة في الصخر.
التعامل مع الشظايا. يتم الحصول على العديد من الأحافير في شكل شظايا لابد من تجميعها كأنها أجزاء من أحجية معقدة.
وبصورة عامة ففي المرة الأولى التي يعاد فيها تركيب الأحفورة بهذه الطريقة فإن الشظايا يجب أن تمثل كامل العينة. ويمكن بعدها إعادة التركيب من شظايا غير مكتملة بعد مقارنتها بالأحفورة الكاملة وتعويض الأجزاء المفقودة باستعمال مواد صناعية.
ويمكن إعادة بناء الأحافير الفقارية كتركيبات مستقلة حيث يبدو الهيكل وكأنه قائم بذاته. ويقوم علماء الأحافير أولا ًببناء نموذج صغير للهيكل المكتمل. وبعدها يقومون ببناء إطار من الفولاذ أو البلاستيك أو أي مادة قوية لدعم الهيكل. وأخيرًا يقومون بتثبيت العظام في الجزء الخارجي من الإطار ليتم إخفاؤه.
تصنيف المستحثات:. كما هو الحال في النباتات والحيوانات الحية، يتم تصنيف أنواع الأحافير طبقًا لمدى انتماء بعضها لبعض. وبصفة عامة يحدد العلماء مدى الانتماء من خلال مقارنة معالمها الحيوية العديدة. انظر: التصنيف العلمي. ويعتمد تحديد المجموعات الأحفورية وبصورة أساسية على أشكال الأجزاء الصلبة مثل الأصداف والأسنان والهياكل لأنها تشكل المعالم المحفوظة. فعلى سبيل المثال، ربما ينظر علماء الأحافير إلى شكل الجمجمة وحجم السن عند تحديد الأنواع المختلفة من النمر المسيّف الأسنان.
تحديد تاريخ الأحافير. خلال سنوات عديدة من البحث، تمكن علماء الأحافير من فهم الترتيب في السجل الجيولوجي لمعظم أنواع الأحافير. وعند أول اكتشاف لنوع أحفوري فالمفترض أن يوجد عادة مصاحبًا لأنواع أخرى. وإذا عرف العلماء موقع وتأريخ حياة هذه الأنواع الأخرى سيكون بمقدورهم تحديد موقع الأجناس المكتشفة. ويشير هذا النوع من تحديد التأريخ فقط إلى ما إذا كانت أحفورة أقدم أو أحدث من الأخرى، ولا يعطي عمر الأحفورة بالسنين.
ويقوم علماء الأحافير بتحديد عمر الأحفورة بقياس النظائر المشعة في الصخور المحتوية على الأحفورة. والنظائر المشعة عناصر كيميائية تتحلل أو تتلاشى لتشكل مواد أخرى. ويعرف العلماء معدل تحلل العناصر المشعة المختلفة. ومن خلال مقارنة كمية النظير المشع في الصخور بكمية المادة المنتجة عن التحلل، يتمكن العلماء من حساب المدة الزمنية التي استغرقتها عملية التحلل. وهذه الفترة الزمنية تشكل عمر الصخور والأحافير التي تحتويها