بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فهذه صوتية لفضيلة الشيخ الدكتور سليمان الرحيلي –حفظه الله-
بعنوان: نصيحة في حفظ القرآن ومراجعته.
سؤال:
أحسن الله إليكم، يقول هذا السائل: ما نصيحتكم لمن كان يحفظ أجزاء من القرآن ثم
نسيها هــل يــتــوقــف عـن حــفــظ الجديد وينشغل بمراجعة ما نسي أم يراجع ويحفظ معا؟
الجواب:
القرآن حفظه نعمة مــــن أعظم نعم الله -عـــز وجـــل- على العبد، والإنسان إنمــــا سمــي إنــسـان
لكونــــه ينسى، فــيجب على الإنسان أن يدرك عِـظـم النـعــمـة، وأن يــدرك حــقــيــقــة نــفــسه، أن
يدرك أنَّ حـفظه للقـرآن مـن أعظم نعم الله -عـــز وجــل- عـليه فإنـــه يـرتقي في الجنـــة بــمــقــــدار
حفظه يقال لـــه يــــوم القيامة إذا بــلــغ المنــزلة التي يستحقها بعمله بفضــل الله ســبــحانــه وتــعــالى
إذا وصــــل إلى درجتـه في الجنة، قيل له اقرأ وارتق ورتل فإن منزلتك عنــــد آخــــر آيــــــة تقرؤهـــــا
اقــــرأ ورتـــل، لا تــــقــــرأ حـــدْراً، رتــل بتمهل لأنــك وأنت تــقــرأ تــرتــق في الجنة، ومنزلتك في الجنة
الــتي هــي مــنــزلة الفــضــل عــنــد آخــر آية تــقــرؤهــا، بــــل عــنــد آخــــر حــرف، وأنْ تــدرك حـقيقة
نــفـسك وأنــك كــثيــر الــنسيــان وهــذا يجـعــلك تحرص على هذه النعمة بكثرة المراجعة، وأحـسن
مــراجــعــة للــقــرآن في صــلاة الــليــل، لا أبرك مــنــهــا ولا أحسن مــنــها ولا أقــوى مــنــها في تــثبيت
الحفظ، قد يا إخوة يأتي الـــواحـــد مـــنا يـــراجـــع لمـــدة ســـاعتين فـــيـــنسى بعد يومين أو ثلاثة،لكن
إذا قــــــرأ في صـــلاة الـــليـــل يبقـــى مـــعـــه مـــدة أطـــول، فـــأحسن شيء يا أخي أن تجعل مراجعتك
للقـــرآن في صـــلاة الليل، فـــيـــشجعـــك هـــذا على أن تـــقـــوم الليل وعلى أن تـــطيـل القيام وعلى
أن تـــراجـــع الـــقـــرآن في كـــل ليـــلـــة، فـــإذا تـــعـــهـــدت القرآن وراجعته فإنه يثبـــت، وإلا كان أشد
تـــفـــلـــتا مـــن الإبـــل في عـــقـــلـــها، إذا نســـيـــت فـراجع، واستمر في الحفـظ، لا تقطع الحفظ، لأني
أعـــرف بـــعـــض الإخـــوة تـــوقـــفـــوا عـــن الحـــفـــظ تمـــامـــا، بحـجـــة أنهم يراجعون الماضي ثم يكسلون
عـــن المــراجـــعـــة في الحـــقـــيــقــة، لكـــن رتـــب وقـــتك، اجعل مراجعتك في صلاة الليل، وقلت مرة
اجـــعـــل لـــكـــلام الله أفضل أوقاتك، كـــلام الله أفـــضـــل الـــكـــلام، الــقرآن أفضل الكلام، فاجعل
لأفـــضـــل الـــكـــلام أفـــضـــل أوقـــاتـــك، بـــعـــضـــنا يجـــعـــل للـــقـــرآن الوقت الضائع، ما يخصه بوقت
نـــفـــيــس، نعم إذا حصلت لـــك فـــرصـــة وقـــرأت في الـــقـــرآن هـــذا طــيـب، لكن اجعل لكلام الله
أفـــضـــل أوقـــاتـــك، قـــبـــيـــل الـــفـــجـــر، بعيد الفجر، تحفظ ولو آية، لا تحرم نفسك من الحفظ ولو
أن تحـــفـــظ آيـــة في كـــل يـــوم، ليست قليلة والله، ليست قليلة أبـــدا، أن تحـــفـــظ آيـــة في كـــل يوم
مـــهـــما كـــان حفظك الســـابـــق، هـــب أنـــك لم تحفظ إلا قـــلـــيلا، راجـــع الذي تـــحفـظ وخـــذ عـلى
نـــفسك أنـــه لا يمـــر بـــك يـــوم إلا وحـــفظت آيـــة، كـــل يـــوم لابـــد أن تحفظ آيـــة، قـــد ييســـر لـــك
الله أكـــثـــر مـــن آيـــة، لكن الـــذي تـــلزم بـــه نفسـك آيــة، وتـــراجـــع، ستـــجد أنك ولله الحمد والمنة
ســـتحفظ القرآن كامـــلا، ومـــن صـــدَق الله صـــدقـــه الله، فـــيـــا طـــلاب العـــلـــم، الـــقـــرآن أعـــظم ما
تحـــفـــظـــون، لا تهـــمـــلـــوا قـــراءة الـــقـــرآن، ولا تـــضيعوا حفظه، والمسلم شـرفه أن يقرأ كلام الله، مما
نـــصـــحـــنا بـــه بـــعـــض مـــشايخـــنا ونحـــن في الصـــغـــر، قــال: احرص على الأقل أن تذهب للمسجد
عـــنـــد الأذان، عـــلى الأقـــل عـــنـــد الأذان إن لم تـــتـــقـــدم، وصـــلِّ مـــــــا شــــــاء الله أن تـــصـــلي واقـــرأ
واجـــعـــل مـــا بيـــن الأذان والإقامة لـــوردك في الـــقـــراءة، لـــيـــس الـــحـــفـــظ ولا المـــراجـــعة، لوردك في
الـــقـــراءة، واجـــعـــل مـــراجـــعـــتـــك في صـــلاة الليل، واجـــعـــل لحـــفـــظك ما قبل الفجر وبعيد الفجر،
وهـــذا مــــــن أنــــــفــــــع مـــــــــا يــــكــــون لـــــمـــــن يــــــريــــــد أن يــــقــــرأ الــــــقــــــرآن ويحــــــفــــــظ الــــــقـــرآن.إنتـهى
__________________________________________________
حال السلف مع القرآن:
حدثنا أبو بكر قال لي عاصم: مرضت سنتين فلما قمت قرأت القرآن فما أخطأت حرفا.
[معرفة القرآء الكبار على الطبقات والأعصار 1/52 ]