خلق الله الناس سواسية كأسنان المشط. وأعتبر رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أن لا فرق بين عربي على أعجمي إلا بالتقوى. رغم ذلك لا يمكن الإنكار أن هنالك طبقية في المجتمع الإنساني، أدت إلى إيجاد فروقات مالية بين الناس، إذ هنالك الثري وهنالك الفقير.
وكثيرة هي الكتب والحكم التي تدعو الناس لنبذ الفقر. ربما قد يتعجب البعض حين القول إن الفقر والثراء خيار فردي، قبل أن يكون إسقاط على المجتمع. الجملة صادمة أليس كذلك! وتؤدي إلى كثير من الأسئلة التي يمتلئ بها الرأس للسؤال عن مثل هذا الأمر! ولعل السؤال المطروح هو كيف أن اختيار الغنى أوالفقر خيار فردي! يقول عالم النفس الأمريكي وليام جميس إن أعظم اكتشاف لجيلي، هو أن الإنسان يمكن أن يغير حياته، إذا ما استطاع أن يغير اتجاهاته العقلية.
لذلك ترى الأشخاص الأثرياء سبب ثرائهم هو تغيير اتجاهاتهم الفكرية اتجاه المال، لقد تربى الكثيرون منا ومن ضمنهم كاتبة هذه السطور على أن المال أمر سيء، وأن صاحب المبدأ والهمة يجب أن ينبذه، لذلك رغم حصولنا على شهادات عالية، إلا أن العائد المالي قليل، لماذا! لأنه خيار حالي، مع خلفية تربوية سابقة تنبذ المال وتكرهه. إذاً لعل أفضل طريقة لمساعدة الفقراء، هي إعادة تأهيل عقولهم اتجاه المال، لأن العطاء لا يعني أن تبقى تعطي المال لهم دون أن يحاولوا نبذ حالة الفقر، فأنا من أشد الناس عداءً لإعطاء مال مجاني دون أي وجه حق، فهذا الأمر قد يساعدهم لمدة قصيرة، مما يبقي عجلة الإقتصاد بطيئة، وبالتالي دون اقتصاد قوي، لا توجد دولة قوية، فهل هذا ما نرغب به!
يقول كونفوشيوس لا تعطيني سمكة بل علمني كيف أصطاد، وهذا ما يجب أن نحاوله مع الأشخاص الفقراء، بادئ الأمر إعادة تأهيل عقولهم وتفكيرهم اتجاه المال، هل هم من الأشخاص الذين لهم خلفيات تكره المال وتعتبره عار وبلاء! ثم نعيد تأهيلهم لتمكينهم من القيام ببعض الأعمال التي تدر مبلغاً كريماً عليهم، لحماية ماء الوجه من صدقات قد تشعرهم بدونية مرفوضة. فإن رغبنا في تطوير مجتمعي قائم على فكرة المساواة، فالأخذ بأيديهم لتطوير ملكاتهم وإنشاء أعمالهم الخاصة هو أفضل طرق المساعدة. وهذا ما يساهم في إعادة فكرة أننا خلقنا سواسية كأسنان المشط، ويحقق العدالة المنشودة.