قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله
فاﻹنسان إذا مرض، فﻼ شك أن المرض شر بالنسبة له، لكن فيه خير له في الواقع، وخيره تكفير الذنوب،
قد يكون اﻹنسان عليه ذنوب ما كفّرَها اﻻستغفار والتوبة، لوجود مانع، مثﻼ لعدم صدق نيّته مع الله - عَزّ وَجَل -
فتأتي هذه اﻷمراض والعقوبات، فتُكفّر هذه الذنوب .
. ومن خيره أن اﻹنسان ﻻ يعرف قدر نعمة الله عليه بالصحة، إﻻ إذا مرض،
نحن اﻵن أصحاء وﻻ ندري ما قدر الصحة لكن إذا حصل المرض، عرفنا قدر الصحة.
فالصحّة تاج على رؤوس اﻷصحاء ﻻ يعرفها إﻻ المرضى .. هذا أيضا خير، وهو أنك تعرف قدر النعمة . .
ومن خيره أنه قد يكون في هذا المرض أشياء تقتل جراثيم في البدن ﻻ يقتلها إﻻ المرض، .
يقول اﻷطباء : بعض اﻷمراض المعينة تقتل هذه الجراثيم التي في الجسد وأنت ﻻ تدري . .
فالحاصل أننا نقول : .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ً : الشر الذي وصف به القدر هو شر بالنسبة لمقدور الله، أما تقدير الله، فكلّه خير
والدليل قول النبي ﷺ : " والشرّ ليْسَ إِلـيك" .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]ً : أن الشرّ الذي في المقدور ليس شرا محضًا بل هذا الشـرّ قد ينتج عنه أمور هي خير،
فتكون الشريّة بالنسبة إليه أمراً إضافيا. .
[ شرح العقيدة الواسطية (1/71) ]
حينئذ لا يغترُّ المؤمن بمن يُؤتى ويُعطى وتُسبغ عليه الخيرات والنِّعم والملذَّات،
مع قُبح أقواله وسوء أفعاله وخبث مقاصده، فإنَّ ذلك طريقُ هلاكه وعلامة شقائه،
يقول صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَأَيْتَ اللهَ يُعْطِي العَبْدَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى مَعَاصِيهِ مَا يُحِبُّ،
فَإِنَّمَا هُوَ اسْتِدْرَاجٌ ثُمَّ تَلَا: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ
حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُون﴾[الأنعام:44]»(12)،
بل البشارة السَّارةُ؛ أن جعل الله جلَّ وعلا هذه المحن والبلايا سببًا لحطِّ الخطايا والرَّزايا
حتَّى يسير العبد المؤمن على وجه الأرض وما عليه خطيئة،
يقول صلى الله عليه وسلم: «مَا يَزَالُ البَلَاءُ بِالمُؤْمِنِ وَالمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ»(13)، وفي رواية: «فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ»(14).
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: «فلابدَّ من حصول الألم لكلِّ نفس مؤمنة أو كافرة،
لكنَّ المؤمن يحصل له الألم في الدُّنيا ابتداءً، ثمَّ ينقطع ويعقبه أعظم اللَّذَّة،
والكافر يحصل على اللَّذَّة والسُّرور ابتداء ثمَّ ينقطع ويعقبه أعظم الألم والمشقَّة»(15)،
فالأمراض والأوجاع والأسقام الَّتي يبتلى بها المؤمن في حياته تحط عنه الكثير من الخطايا وتكفر عنه
كثيرا من السيئات،
قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَبْتَلِي عَبْدَهُ المُؤْمِنَ بِالسَّقَمِ حَتَّى يُكَّفِّرَ عَنْهُ كُلَّ ذَنْبٍ»(16).