اختر القناة المناسبة.. لا تحاول تغيير التردد
في علم الاتصال تبدو الحياة بجملتها عبارة عن عمليات اتصال متتالية ومتشابكة
أيضًا، فعندما تلقي على أحدهم تحية الصباح فإنك مرسل لرسالة محتواها "صباح
الخير" والطرف الآخر هو مستقبل لرسالتك التي حملتها قناة أو وسيلة هي
الكلام المنطوق والذي شارك فيه لسانك وشفتيك وكذلك أذن شريكك، هناك إذن
مرسل ومستقبل ورسالة ووسيلة، وهذه الصورة تتكرر آلاف بل ملايين المرات في
اليوم الواحد، هناك رسائل منطوقة وأخرى مكتوبة وهكذا، وهناك رسائل رمزية
تعتمد عل إشارات الأيدي وتغير ملامح الوجه وحركات الرأس وقل في ذلك كثير.
لكن حين نتحدث دومًا عن الطريقة المثلى للتحدث مع الآخرين فإننا نركز اهتمامنا
ونصبه على محتوى ما نقول أو كيف نقول هذا أو ذاك، وننسى في الكثير جدًا
الوسيلة أو القناة التي نستخدمها لنقل الرسالة، واختيار القناة المناسبة هو
مما يدل على سعة أفقك كمرسل ومدى احترامك وتقديرك للمستقبل، دعني أقدم لك
مثالاً بسيطًا: عندما ترسل إشارة تأكيد بإيماءة رأس لصديق لك يعاني من قصر
النظر فهل يدل ذلك على توفيقك في اختيار وسيلة التعبير أو قناة الاتصال
بينكما؟ هذا لا يدل إطلاقًا على أنك أصبت الاختيار، كما أنه يدل على قلة
تقديرك واحترامك لصديقك أيضًا، فمن الأدب ومراعاة مشاعر الآخرين أن تضع
دومًا قدراتهم على اختلافها في حسابك عندما تتعامل معهم حتى في أبسط
المواقف، فالمواقف التي تبدو لك بسيطة تكون أقوى تأثيرًا في نفوس الآخرين
لأنها تعطي انطباعًا دقيقًا عن شخصيتك في حالتها الطبيعية، فبدلاً من أن
تستخدم اشارت الراس تحدث بصوت مسموع وواضح هذا أفضل لكليكما، فهو سيستقبل
رسالتك بوضوح وسيكون ممتنًا لك أيضًا حتى لو لم يعبر لك عن ذلك.
في موقف آخر تكون أنت فيه المستقبل للرسالة، وعندما يوجه لك أحدهم رسالة ما
عبر قناة معينة، فمن دواعي الأدب واللباقة أن تجيب عليه على نفس القناة، لا
تحاول تغيير التردد أو العبث بجهاز التحكم عن بعد، هذا يدل على قلة
اكتراثك وتقديرك للطرف الآخر، فعندما تنشب مشكلة بينك وبين زوجتك وتفاجأ
برسالة مكتوبة تصلك منها تناقشك فيما حدث، فالسلوك الذي يفترض عليك اتباعه
في تلك اللحظة هو الرد عليها برسالة مكتوبة أيضًا، احترم اختيارها في
البداية حتى لو لم تتوصل لدوافع ذلك.
هناك إذن آداب خاصة عند إدارة أي اتصال بين شخصين، ولكي تحصل على احترام
الآخرين وتقديرهم لك حاول أن تلم بهذه الآداب، وتأملاتك الخاصة ستوصلك
حتمًا لها: اختر الوسيلة المناسبة، ضع في مقدراتك إمكانيات الطرف الآخر
العقلية والحسية أيضَا، لا تحاول تغيير قناة الاتصال دون سبب قوي، أجب
دومًا بنفس اللغة إن كنت تتقنها، تحدث بلغة تقدر بنسبة تسعين بالمائة إجادة
مستقبل رسالتك لها، لا داعي للتأنق مالم ترغب في أن توصل رسالة تفيد بأنك
شخص لا يحترم الآخرين ويرى رأسه أعلى من بقية الرؤوس، وثق بأن من تطاولت
قامته كثيرًا سهل اسقاطه.
منقول عن : نسمه السيد ممدوح