قبل كل شيء إن الإسلام السني المتمثل بنهج أهل السنة والجماعة بريء من التهم الموجهة له فهو دين أساسه الخلق السليم فقد قال مؤسسه عليه الصلاة والسلام مبينا الحكمة من بعثته "انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق" ولا شك بأن الإرهاب بمفهومه المتداول 'الإجرام' ينافي الأخلاق أما من يتحجج فهو يؤول النصوص على الوجه الذي يتلائم مع طبيعة عنفه وهذا يرجع لشخصيته والذي كونتها الاعتداءات الدنيئة والقذرة على أمة الاسلام في شتى البقاع من الإرهابيين المجرمين وجعلته يفقد صوابه والتأويل من باب رد الفعل ومع ذلك نسمعهم ينتقدون ويكيلون التهم والكذب والإفتراء على ديننا وأخلاقنا وكأنهم ملائكة وهم أكثر الناس إجراما وفجورا وسفكا للدماء فبعد أن تقدم العلم وفهم الناس في بلدانهم نزاهة الإسلام ولم تعد أديانهم المحرفة تتقبلها عقولهم أرادو أن يستفزوا المسلمين للرد حتى يموه دين الله عن أتباعهم بحجة الإرهاب فالأمور واضحة ولا تقبل التدليس ربما في أديانهم المحرفة ممكن أما دين الله فلا وألف ففي القرآن آيات ذكرت على وجه العموم والمطلق وقيدتها آيات في مواضع أخرى فالقرآن منظومة كاملة من الأحكام والتشريعات تكمل بعضها والإرهاب لا يمت له بصلة فبعد اطلاعي على التفاسير المعتبرة وجدتها تتفق حول ذلك وان وجد شيء طفيف فلا أحد معصوم فغالب المفسرين الحجج لم يعيشوا في هذه الفترة ولم يتحسبوا فيها للإرهاب الذي نراه في عصرنا الحاضر فلا أحد يعلم الغيب فلم يأبهوا لما قد يؤول من كلامهم لأن الإرهاب في أيامهم كان مستحيلا ولا يخطر على بالهم لحسن نيتهم وصفائها رحمهم الله وفهمهم الصحيح للإسلام والدليل أن النصوص هي نفسها ولم تختلف وباتت لمآت السنين ولم تؤول بهذه الطريقة وهذا ما أجبرنا على التوضيح لإزالة اللبس...
أولا: إزالة اللبس عن آيات الله:-
*إزالة اللبس عن الآية الكريمة.. قال تعالى: (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً) كافه أي اجتمعوا عليهم بكل أعراقكم وقراكم ومناطقكم كما هم اجتمعوا على قتالكم وهذا الغرض فقد قال الله وما كان المؤمنين لينفروا كافة.. وقصد مجتمعين او لربما على اعتبار أن القرآن صالح لكل زمان أي قاتلوا المشركين بكل فئاتهم الدينية من مسيحيين ويهود وبوذيين... كماهم يقاتلون كل الفئات المذهبية التي تدين للإسلام أما من يفسرها بأن قتالهم بفآتهم المجتمعية من نساء واطفال ومدنيين فهذا الحكم قد قيدته الآية الكريمة (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) أي القتال محصور على الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا فالعدوان وقتل الأبرياء يبغضه الله سبحانه الذي يحب المحسنين والعافين عن كل البشر.
*إزالة اللبس عن الآية الكريمة.. قال تعالى: (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحيم) وهذه ما يطلق عليها عند البعض آية السيف ولا يعقل ما يأول عنها بنسخ كل آيات السلم ثم إن هذه المسألة بالأساس تبقى خلافية فمن العلماء من أبطل القول بنسخها لآيات السلم تماما ومنهم من أجاز النسخ في حال قوية شوكت المسلمين ولا تستخدم في حال الضعف فيتحجج به الاعداء كالذي يرمي من بيته بمسدسه دبابة ومنهم من قال انها كانت في المدة التي نزلت فيها وعلى القوم الذين نزلت فيهم فقط وهم المشركون في جزيرة العرب فإذا لا نجزم بتاتا وإنما نخضعها للواقع الذي هو واضح فهذه مبالغات فهنالك آيات كثيرة تدل على عدم الإكراه فهل تأتي آية واحدة بالمقابل لتنسخ مآئة آية تحث في السلم! فأصل العلاقة بين المسلمين وغيرهم قائمة على السلم ناهيك عن الأحاديث والسنن القولية والفعلية للنبي وأصحابه ليس الى هذا الحد فباعتقادي هذا ظن يشوبه الباطل وإن مشينا على القول بالنسخ فيجب علينا ان نفرق بين الصفح والسلم وأخلاقيات الحرب التي حث عليها الرسول عليه الصلات والسلام فالآية نسخت الصفح والسلم فقط بعيدا عن أخلاقيات الحرب التي أرساها الحبيب المصطفى بعدم قتل الأبرياء ودل القرآن عليها وإن فعل بنا ذلك فنحن أبناء دين الله ولا ننجر لفسقهم وجرمهم فلا أدري لما كل هذا البناء على أساس تأويلات خاطئة وفتاوى شاذة أو قل إن شئت مشبوهة ولعل بعض الناس يستعجل ويقول بأن أخلاقيات الحرب جربناها ولم تنفع وهذا خلل عقيده وضعف يقين فقد وعد الله عباده الذين يعملون صالحا بالإستخلاف في الأرض ولو بعد حين فهذا هو ما يميز الإسلام عن بقية الأديان بأنه رحمة للعالمين وصبر وخلق وأمل بنصر الله والثقة بوعده كما قال جل في علاه: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ).
* إزالة اللبس عن الآية الكريمة.. قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ) الترهيب المقصود به الإخافة وليس الاعتداء لأن الله لا يحب المعتدين كالاستعداد لهم وترهيبهم بما لدينا حتى يرهبونا فلا يعتدوا علينا كحال التجهيز الكامل للعدة القتالية والجنود ورفع كفاءتهم وجاهزيتهم القتالية ثم إرهاب الأعداء بالعروض العسكرية والمناورات الحربية لأنهم ليس لهم أمان وحروبهم قذرة وخبثهم عظيم واجرامهم فظيع لأنهم لا يحملون دين الله السامي انما أديان وضعية يرسمها الشيطان الواطي هذا هو معنى الإرهاب أما ما يعنيه الناس في عقولهم بأنه الإجرام فهو لبس نتيجة ما يمليه الغرب علينا من ثقافة فينبغي علينا أن نفرق بين التخويف والجرم ونميز بين مصطلح الإرهاب والإجرام في عقولنا على أدنى تقدير...
* إزالة اللبس عن الايات الكريمة.. قال تعالى: (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّىٰ يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ* فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ ۖ فَإِنِ انتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) فهذه الآيات تنص على المقاتلين الكفار ولا يفهم منها الابتداء ولكن القضاء وهذا ما فسرته الكلمات التي تليها واخرجوهم من حيث اخرجوكم يعني استعيدوا اماكنكم فهذا حق شرعي هذا اولا ثم اكد سبحانه رغم انهم بدأو مع ذلك للحرص قال ولا تقاتلوهم عند المسجد حتى يقاتلوكم فيه ثم قال في الاية التي تليها فان انتهو فلا تقاتلوا.
*إزالة اللبس من الآية الكريمة.. قال تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ) من اعتدى على المؤمنين فليعتدى عليه في إطار وحدود الشرع وبتقوى الله وأوامره فلا تفريط..
ثانيا: إزالة اللبس عن السنة المطهرة:-
*إزالة اللبس عن حديث عَبْدِ اللّهِ بْنُ عُمَرَ أنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلٰهَ إِلاَّ الله، وَأَنَّ مُحَمَّدا رَسُولُ اللّهِ. وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ. فَإِذَا فَعَلُوا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلاَّ بِحَقِّهَا. وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللّهِ" وللتوضيح فكلمة الناس هنا لفظ عموم ويقول العلماء حفظهم الله بأن لفظ العموم يشمل المسلم والكافر فلا يجوز القطع فيه لانه ظني اذا هل يعقل أن يقتل الناس بدليل ظني وتستباح الأعراض والأموال بدليل ظني وما يصحح ذلك فعل النبي حيث لم يثبت عنه أي فعل يؤيد ذلك الفهم القاصر وإلا خالف النصوص التي تأمر بحرية الإعتقاد في القرآن العظيم وحاشا لله ذلك.
*إزالة اللبس عن قول النبي صلى الله عليه وسلم "جيناكم بالذبح" فإنما قال من باب التخويف والمبالغة وكناية عن القتال وليس الفعل فحاشا لله لمن وصفه الله بالخلق العظيم ان يفكر بما يفكر هؤلاء فلم يطبقه النبي او أي أحد من أتباعه فهو بشر وقال: "اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجراً" لسان حاله قد ينزلق مني ما ينزلق من احدكم وقد أمرنا هو بنفسه صلى الله عليه وسلم بأن نحسن القتل للإنسان ثم ميز بان الذبح للحيوان والذي أمر أيضا بإحسانه فليس من المنطق تدنيس كرامة الإنسان الذي كرمه الله وهذا ما يقتضيه الفهم من قوله تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا) وبعضهم يحتج بكلام خالد ابن الوليد رضي الله عنه أراد أن يرهب الروم بنفس ما كانوا يرهبوننا به وقال نحن قوم نشرب الدم فقد كان الروم يقولوها للعرب سابقا وإنما قالها قول من باب التعزير والنكاية ورد قولهم عليهم اما قصة مالك ابن النويرة فهي كذب وافتراء ودجل تلاقته الألسنة على الفارس النبيل سيف الله المسلول الغرض منه التشويه أما عن الفتاوى الشاذة التي تصدر من بعض العلماء رحمهم الله فلا تحتاج مطلقا لإزالة اللبس فهي ليست بحجة وليست من الشرع طالما أنها تخالف الشرع والإجماع فهم يجتهدون فيصيبون ويخطئون فجزاهم الله خيرا لاجتهادهم وهذا حال كل البشر فلا أحد معصوم. فنطلب من البشر الذين يدنسون هذا الدين الشريف ببهتانهم والإخوة الذين يدنسون دين الله بأفعالهم أن يبحثو عن غير هذا الدين الذي لا يقبل إفكهم بكل المقاييس ولهم أن يقولوا ويفعلوا ما يشاؤون.