تدري ماذا سيكون حالك لو أحبك الله ؟!!
آهٍ .. لو عرفت ، والله الذي لا إله غيره لو كنت صادقًا ،،،،
لو كنت عاقلاً لما طاب لك عيش حتى تصل إلى هذه المرتبة العظمى ...
التي لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم ..
ولا فاز بها إلا المصطفون الأخيار ..
الذين صدقوا الله فصدقهم ..
وأخلصوا له دينهم فشكر لهم فأعطاهم أعظم المنح ... فرزقهم حبه.
يقول ابن القيم : وإذا أحب الله عبدا أنشأ في قلبه محبته.
فإذا أحبهم جعلهم من خاصته ، فدفع عنهم كل شر ، وأحاطهم برحماته ، وأسدى لهم الخيرات ، وشرح قلوبهم ، وسلَّم لهم قلوبهم ، واطمأنت نفوسهم
آهٍ .. لو ندرك تلك المراتب !!
ماذا تريد بعدها ؟
إنَّها درجة الولاية ، فوالله لا نريد بعدها حياة ، قال تعالى : } قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ { [ الجمعة : 6]
فاللهم نسألك فعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وحب المساكين ، وأن تغفر لنا وترحمنا ، وتتوب علينا ، وإن أردت بقوم فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين .
=====================================
لو أحبك الله ...
(1) وهبك الإيمان فأعلى درجتك عنده .
عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه ، قال : " إن الله يؤتي المال من يحبُّ ومن لا يحب ، ولا يؤتى الإيمان إلا من أحب ، فإذا أحب الله عبدا أعطاه الإيمان ، فمنْ ضنَّ بالمال أن ينفقه ، وهاب العدو أن يجاهده ، والليل أن يكابده ، فليكثر من قول : لا إله إلا الله ، والله أكبر ، والحمد لله ، وسبحان الله " [ رواه الطبراني وصححه الألباني (1571) في صحيح الترغيب ]
ولو رزقت الإيمان لم تقع في الشبهات والشكوك والريب ، وأنت في أمس الحاجة لهذا في هذا الزمان الذي تموج فيه الفتن كموج البحر ، وتختلط فيه الأوراق ، ولا يهتدي فيه إلى السبيل إلا من رحم الله .
ولو صار اسمك عند الله " مؤمنًا " فأبشر بكل نعيم ، فالله معهم يختصهم بفضل منه ورضوان ، وينجيهم من المحن ، بل أوجب الله على نفسه نصرتهم ، } وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا { [ الأحزاب :47 ]
=========================
(2) حفظك وشملك برحمته وردَّ عنك أذى أعدائك فلا يصلون إليك .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله قال من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذني لأعيذنه ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته . [ رواه البخاري ]
قال الحارث المحاسبي : إنَّ علامة محبة الله للعبد أنْ يتولى الله سياسة همومه فيكون في جميع أموره هو المختار لها .
فيدبر لك أمرك ،،،،
فلا تمر بك مشكلة إلا بعث لك حلها ..
يحفظ سمعك فلا تسمع إلا ما يرضيه ..
يحفظ بصرك فلا ترى إلا ما يحب ..
يحفظ عليك جوارحك فلا تصرفها إلا في طاعته ..
يا له من فضلٍ أن تعيش محفوفًا بحفظ الله تعالى ، اللهم دبر لنا فإنَّا لا نحسن التدبير ، وخذ بأيدينا ونواصينا إليك أخذ الكرام عليك .
===============================
(3) أعتق رقبتك من النَّار فلا تدخلها
عن أنس رضى الله عنه ، قال : مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من أصحابه وصبي بين ظهراني الطريق فلما رأت أمه الدواب خشيت على ابنها أن يوطأ فسعت والهة فقالت : ابني ! ابني ! فاحتملت ابنها
فقال القوم : يا نبي الله ! ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : } لا والله ، لا يلقي الله حبيبه في النار {
[ رواه الحاكم في المستدرك وصححه الألباني (7095) في صحيح الجامع ]
وإلي هذا المعنى الإشارة في قول الله تعالى : } قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم { [المائدة : 18] فإنَّ الحبيب لا يعذب حبيبه .
=============================
(4) أحبك أهل السماء وكتب لك القبول في الأرض .
قال صلى الله عليه وسلم : } إذا أحب الله عبدا نادى جبريل : إن الله يحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء : إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض {
وفي رواية } إذا أحب الله عبدا نادى جبريل : إني قد أحببت فلانا فأحبه فينادي في السماء ثم تنزل له المحبة في الأرض فذلك قوله تعالى : { إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا } و إذا أبغض الله عبدا نادى جبريل إني أبغضت فلانا فينادي في السماء ثم تنزل له البغضاء في الأرض {
[ رواه الترمذي وصححه الألباني (284) في صحيح الجامع ]
قال الفضيل : عاملوا الله عز وجل بالصدق في السر ، فإنَّ الرفيع من رفعه الله ، وإذا أحب الله عبدا أسكن محبته في قلوب العباد .
فيحبك أهل السماء ، فيشفعون لك ، ويدعون لك ، وينصرونك ، وإذا متَّ احتفوا بك ، وبشروك برضوان الله
} وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ { [الأنبياء:103]
} إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ { [ فصلت : 30-31 ]
=====================================
(5) حفظك من شرور الدنيا .
قال صلى الله عليه وسلم: } إذا أحب الله عبدا حماه في الدنيا كما يحمي أحدكم سقيمه الماء {
[ صحيح الجامع ]
قال ابن مسعود : إذا أحب الله عبدا اقتناه لنفسه ولم يشغله بزوجة ولا ولد .
==========================
(6) وفقك للعمل الصالح والتوبة بعد الذنوب .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : } إذا أحب الله عبدًا عسله قال : يا رسول الله و ما عسله ؟ قال : يوفق له عملا صالحا بين يدي أجله{
[رواه ابن حبان والحاكم والبيهقي وصححه الألباني ]
قال الفضيل : وإذا أحب الله عبدًا وفقه لعمل صالح ، فتقربوا إلى الله بحب المساكين .
قال الشعبي : كان يقال التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، إنَّ الله يحب التوابين ، ويحب المتطهرين ، فإذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب ، وذنب لا يضر كذنب لم يعمل .
فهذه من دلائل القبول عند الله ،،،،
أنَّ العبد يكون موفقًا لفعل الطاعات ..
بعيدًا عن الوقوع في المحظورات والمنكرات ..
فالله إذا أحب عبدًا فتح له من العمل الصالح ما يقربه إليه ، ودفع عنه كل شر وسوء .
قال تعالى : } إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ { [ الحـج :38 ]
========================
(7) يستعملك فيجعلك من خدامه .
قال الغزالي : وإذا أحب الله عبدًا أكثر حوائج الخلق إليه .
قال ابن القيم : إذا أحب الله عبدًا اصطنعه لنفسه ، واجتباه لمحبته ، واستخلصه لعبادته ، فشغل همه به ، ولسانه بذكره ، وجوارحه بخدمته .
فما أعظمها من منزلة ،،،،
أن تكون خادمًا عند الله تعالى ..
يستعملك في إيصال الخير إلى النَّاس ..
فيثقل ميزانك بأعظم أعمال البر ..
فيجعل النَّاس لك في حاجة ..
ويكفيك حاجتك ، فيقضيها عنك ..
فمن استعمله الله واستخدمه ، جعل النَّاس له خدمًا ، واصطفاه لنفسه ،
نسأل الله أن نكون منهم .
=====================
(8) حسَّن أخلاقك ووهبك الرفق .
قال صلى الله عليه وسلم : } وإذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق ما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا { [ رواه الطبراني وحسنه الألباني (2666) ]
وفي بعض الآثار : إنَّ محاسن الأخلاق مخزونة عند الله فإذا أحب الله عبدا منحه خلقا حسنا .
فإنَّ الله إذا أحب عبدًا جعل في قلبه الرأفة والشفقة لسائر المخلوقات ، وعود كفه السخاء ، وقلبه الرأفة ، ونفسه السماحة ، وبصَّره بعيوب نفسه حتى يستصغرها ، ولا يراها شيئا .
وهذا مُشاهد في واقع النَّاس ،،،،
أنَّ كثيرًا ممن كانوا معروفين بسوء الأخلاق قبل الالتزام بشريعة الرحمن .... قد تغيرت طباعهم ، فهدأت نفوسهم ، وحسنت أخلاقهم ، حتى عادوا وكأنهم ولدوا ولادة جديدة ، وذلك فضل الله يؤتيه من يصطفيه ويحبه .
(9) رزقك رزقًا حلالاً .
قال الفضيل : وإذا أحب الله عبدا طيب له مطعمه . [ اعتقاد أهل السنة (1/138) ]
وهذه الآن صارت نعمة عظيمة ، فقلَّ من يتحري الحلال ،
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : } ليأتين على الناس زمان لا يبالي المرء بما أخذ المال ، أمن حلال أم من حرام {[ رواه البخاري ]
والبلية أنَّ النبي أخبرنا أنَّه }لا يربو لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به {[ رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني ]
وأكل الحلال يورث البصيرة والفراسة وصلاح القلوب ، فطيَّب الله قلبه ، وكان على مظنة القبول ، فإنَّ اله طيب لا يقبل إلا طيبًا .
(10) ابتلاك ليهذبك وامتحنك ليصطفيك .
قال صلى الله عليه وسلم: } إذا أحب الله قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ، ومن جزع فله الجزع { [ رواه الإمام أحمد ]
وهذا من عظيم رحمة الله بعبده ، فإنَّ في ذلك تمحيصًا لهم من الذنوب ، وتفريغًا لقلوبهم من الشغل بالدنيا ،،،
غيرة منه عليهم أن يقعوا فيما يضرهم في الآخرة ، وجميع ما يبتليهم به من ضنك المعيشة ، وكدر الدنيا وتسليط أهلها ؛ ليشهد صدقهم معه وصبرهم في المجاهدة .
قال تعالى : } وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ { [محمد : 31]
فـ اللهم ارزقنا حبك وحب كل من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك
اللهم اجعل حبك أحب إلينا من انفسنا وأهلنا والماء البارد على الظمأ
اللهم هب لنا قلوبا سليمة منيبة تحبك وترضى بها عنا
من كتاب \ أحبك ربى
لفضيلة الشيخ هانى حلمى