1 – معنى الجريمة والإنحراف في الإسلام :
- الجريمة هي الجناية الموجبة للعقوبة ، وهي كل ما يجنيه الإنسان من شر .
- الإنحراف هو الخروج عن الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، قال الله تعالى : ” فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ” الروم الآية 30
والإنحراف سبيل الإعتداء والظلم والعدوان وطريق الغفلة والضياع .
2 – أقسام الجرائم من حيث مقدار العقوبة :
لقد قبح الله الفواحش والمنكرات جميعا ، قال تعالى “ قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ” الأعراف 33 . وجعل الله صاحبها في سفالة المنزلة وفي العقوبة والجزاء ، قال تعالى “ والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا ” الفرقان 68/69
والعقوبة في الإسلام ثلاثة أنواع : القصاص أو الدية – الحد – التعزير .
القصاص
تعريف القصاص :
لغة : مأخوذ من قص الأثر وهو تتبعه ، وقيل القص هو القطع ، وعليه المقتص يتبع أثر جناية الجاني .
إصطلاحا : هو مجازاة الجاني بمثل جنايته . فإن قتل يقتل ، وإن ضرب يضرب ..
موجبات القصاص :
الجناية على النفس : ( وهو فعل من العباد تزول به الحياة وتزهق به الروح ).
الجناية على ما دون النفس : ( هي كل إعتداء على جسد إنسان من قطع أو جرح أو ضرب مع بقاء النفس على قيد الحياة ).
بدل القصاص ( الدية ) :
إذا امتنع القصاص لسبب من الأسباب وجبت الدية بدلا عنه .
الحكمة من مشروعية القصاص :
شرع الإسلام القصاص لإستئصال الجريمة من أساسها عندما يجعل مصير القاتل عن عمد بين يدي أولياء القتيل . والقصاص في حقيقته حياة للناس ، لأن أكثر ما يمنع الناس من الإقدام على القتل هو حرصهم على حياتهم وخوفهم من أن يقتص منهم بالقتل بمن يقتلونه ، فهذا القصاص هو حفظ لهم على حياتهم وحياة من كانوا يريدون قتله .
الحدود
تعريف الحدود :
لغة : الحد هو المنع : فسمي البواب حدادا لمنعه الناس من الدخول . وسميت العقوبات حدودا لكونها مانعة عن ارتكاب أسبابها .
اصطلاحا : الحد هو العقوبة المقدرة شرعا ، سواء أكانت حقا لله أم حقا للعبد .
حكمة الحدود :
إن الحكمة من هذه الحدود وجميع العقوبات هي التطهير من الذنوب ، وزجر الناس وردعهم عن إقتراف تلك الجرائم ، وصيانة المجتمع عن الفساد ، وقطع العدوان وسلب الحقوق والتطاول على الغير .
أنواع الحدود :
هي ستة أنواع : حد الزنا ، حد القذف ، حد السرقة ، حد شرب الخمر ، حد الحرابة .
حد القذف
تعريفه : هو نسبة الزنا من مسلم لمسلم عفيف بالغ عاقل . أو قطع نسبه .
حكمه : محرم شرعا وهو من الكبائر ، قال الله تعالى : ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا و الآخرة ولهم عذاب عظيم ) . النور 23
وجه الإجرام في القذف : هتك أعرضا الناس وإتهامهم في شرفهم وكرامتهم التي فرض الإسلام صيانتها والحفاظ عليها .
دليل حد القذف : قوله تعالى : ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدواهم ثمانين جلدة ) النور 4
حد الزنا
تعريفه : إن من أقبح الفواحش وأكبر المنكرات جريمة الزنا . وهي الإعتداء على العرض .
دليل حكمه : قال الله تعالى : ( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) الإسراء 32
وجه الإجرام في الزنا : هتك أعرضا الناس والإعتداء على شرفهم وكرامتهم ، الزنا عنوان الإنحلال الخلقي الذي يتسبب في الفساد والإنحراف الإجتماعي
دليل حد الزنا : قوله تعالى : ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) النور 2
شروط حد الزنا : يشترط لتطيق حد الزنا ما يلي :
شهادة أربع شهود تتوفر فيهم العدالة .
ثبوت الجريمة وفقدان الشبهة .
حد السرقة :
تعريفها : هي أخذ مال الغير على وجه الخفية والإستتار .
دليل حدها : قال تعالى : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم ) . المائدة 38
وجه الإجرام في السرقة : الإعتداء على أموال الناس وأخذه بغير حق ، ثم إنها سبيل تسبب في ضياع المال الذي حرص الإسلام على صيانته من الإتلاف ، لأنه من مقومات المجتمع وضرورياته .
شروط وجود حدها : يشترط لتطبيق حد السرقة ما يلي :
أن يكون السارق عاقلا بالغا مختارا غير مكره ولا مضطر وأن ينتقل المال إلى حيازته .
أن يكون المال المسروق مقدرا أي له نصاب ( وهو ربع دينار ، أي ما يعادل 4.25 غرام من الذهب ) فصاعدا .
أن يكون المال المسروق محرزا ( والحرز هو ما نصب عادة لحفظ المار كالدار والدكان ) .
حد شرب الخمر :
تعريف الخمر : هو كل مسكر يتلف العقل قل أو كثر .
دليل تحريمه : قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون ) المائدة 90
دليل حد شرب الخمر : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من شرب الخمر فاجلدوه ) رواه البخاري ومسلم
وجه الإجرام في شرب الخمر : العقل هو مناط التكليف في الإسلام ، وهو الدي يميز به الإنسان الشر من الخير ، والفعل الحسن من الفعل القبيح ، والخمر عدو للعقل يصيبه بالخلل ومن يصب في عقله تكن أفعاله شرا على الجماعة التي يعيش فيها ، وأكثر مواطن الشغب والإجرام تحل في أماكن شرب الخمر أو من تأثيرها . كما أن لشارب الخمر القسط الوافر من حوادث السير التي ينجم عنها الكثير من الضحايا البريئة بالإضافة إلى أضرار نفسية أخرى نفسية وصحية وإقتصادية ، وغيرها …
حد الحرابة :
تعريف الحرابة : هي تشهير السلاح وقطع الطريق وتخويف الناس وترويعهم
دليل حد الحرابة : قال الله تعالى : (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا ويصلبوا أو تقطع ايديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم جزاء في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) المائدة 33
كيفية تطبيق الحد : فسر الإمام مالك التخيير في عقوبة المحارب : ( أن من قتل فلا بد من قتله وليس للإمام ( الحاكم ) تخيير في قطع يده ورجله ول في نفيه ، وإنما التخيير في قتله أو صلبه ، وأما من أخذ المال ولم يقتل فلا تخيير في نفيه ، وإنما التخيير في قتله أو صلبه أو قطع يده ورجله ، وأما إذا أخاف السبيل فقط فالإمام عندئذ مخير في قتله أو صلبه أو قطع يده ورجله أو نفيه . ولاتخيير عنده في هذا المجال راجع إلى إجتهاد الإمام فإن كان المحارب ممن له الرأي والتدبير فوجه الإجتهاد قتله أو صلبه ، وإن كان لا رأي له وإنما هو ذو قوة وبأس قطع يده ورجله ، وإن كان ليس فيه شيء من هاتين الصفتين أخذ بأيسرلك فيه وهو الضرب ولانفي )
وجه الإجرام في الحرابة : الحفاظ على أموال الناس وأعراضهم ونشر الأمن في ربوع المجتمع وطرد المحاربين ومتابعتهم حتى يكونو هبرة لغيرهم .
توبة المحارب قبل القبض عليه من طرف السلطة لا بد من العفو عنه ولا تسلط عليه عقوبة المحاربلقوه تعالى : ( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ) .المائدة 34
التعزير :
التعزير هو أوسع أنواع العقوبات ، وهو عقوبة يقدرها القاضي حسب أثر الجريمة وضررها ، وتحقيقا للمصحلة العامة . ولا يلجأ القاضي إلى التعزير إلا في الجرائم التي ليس فيها حد مقدر ولا كفارة واضحة .
ومن التعزير الجلد أو الحبس أو الغرامة المالية وغيرها .
أثر الإيمان في مكافحة الجريمة :
قال الله تعالى : ( قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أرجهم بغير حساب ) الزمر 10
لا يمكن إغفال أثر الإيمان في الناحية الإجتماعية والأخلاقية والإقتصادية حيث هو الذي يوجه المجتمع للبناء وأنواع التعامل الإجتماعي مثل التكافل والإتحاد والتآزر وتجنب الفرقة .. ، وأنواع التعامل الأخلاقي مثل إحترام الغير بالمعاملة الحسنة وتجنب التعامل بالربا والرشوة واحتكار المال ، وهكذا أثر الإيمان في ربط قلوب المؤمنين وإخائهم وإعتقاد الإنسان شرف ما ينتمي إليه من عقيدة ، وعظم الأمة التي ينتسب إليها ، والعمل من أجلها وإبتغاء مرضاة الله وحده .
والإيمان أساس العدل والمساواة والإحسان إلى الناس . فإذا أردت الإنسانية مستقبلا مشرقا فلا يكون إلا بالإيمان الذي يحدد ويوجه مسيرة الكون إلى المستقبل المشرق .
أثر العبادة في مكافحة الجريمة :
مفهوم العبادة في الإسلام : هي غاية الطاعة والتذلل والخضوع لله وحده الممزوج بالحب الكامل .
أثر العبادة في تهذيب نفس الإنسان : ليستطيع الإنسان القيام بواجبه نحو أسرته ونحو إخوانه في الإنسانية ، وأن يقول الصدق ، ويحكم بالحق ، وينشر الخير بين الناس ، ويمتنع عن القيام بأي عمل يكرهه الله يسيئ إلى الناس أو يعكر صفع المجتمع … وهذه هي درجة الصالحين التي يريدها الله للذين يتمسكون بالدين ، ويحرصون عليه .
ففي الصلاة : قال الله تعالى : ( وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ) العنكبوت 45
وفي الزكاة : قال الله تعالى : ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم ) التوبة 103
وفي الحج : قال تعالى : ( الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) البقرة 197
وفي الصوم : قال عز وجل : ( يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) البقرة 183