معلومات العضو
Admin
معلومات إضافية الجنس : عدد المساهمات : 6868 نقاط : 9976 السٌّمعَة : 6 تاريخ الميلاد : 20/05/1993 تاريخ التسجيل : 30/06/2013 الموقع : Algeria معلومات الاتصال | موضوع: خرجة بوكروح عبر جريدة "الشروق" بدعوته إلى إعادة النظر في ترتيب المصحف!! الأحد 19 أبريل 2015 - 16:00 | |
| بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحمد لله رب العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين.
أمَّا بعد:
فلا زالت خَرَجَات «الشُّروق» يرقِّق بعضها بعضًا، كلَّما خرجوا خرجة قلنا: هذه هذه، فإذا جاءت الَّتي بعدها هوَّنت ما كان قبلها وليس بهيِّن، فباتت ضرباتها كلُّها صريحةً في إرادة طمس دين ربِّ العالمين الذي كمَّله لنبيِّه الأمين وارتضاه للمسلمين، فهم يجلبون بخَيْلِهم ورَجِلِهم ويسعون سعيًا حثيثًا باذلين ما يجدونه من وسع وطاقة وقدرة في إبطال الحقِّ، وإحقاق الباطل، وأنَّى لهم أن يبلغوا مرادهم وقد تكفَّل الله بحفظ دينه ﴿إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون﴾، فما يزيدُنا ضلالهم واجتهادهم في إضلال النَّاس إلا استبشارًا بالنَّصر وانتظارًا للعاقبة الموعود بها ﴿فاصبرْ إنَّ العاقبة للمتقين﴾، والباطل له صولة وجولة ثم ينقضي ﴿فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض﴾ ومع ذلك نسلك ما ذكره سبحانه وتعالى في قوله: ﴿ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز﴾.
فهذا ترويجهم للشِّيعة الرَّافضة -قبحهم الله وأبعدهم- واستضافتهم لأذنابهم، وزيارتهم تحسينا لصورتهم، وفي مقابل ذلك الَّلمز لأفضل خلق الله عزَّ وجل بعد الأنبياء والمرسلين الصَّحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
وهذا طعنهم في السَّلف والسَّلفية ونبزهم للعلماء العاملين، كلُّ ذلك إغاظة لصدور العامَّة عليهم بما يحرِّك عواطفهم نحو دين الله الحقِّ.
وهذا استهازؤهم بشعائر الإسلام كالحجاب واللحية والقميص بالتصاوير السَّاخرة.
فما أشبه تدرجهم في الباطل والضلال والإضلال بخطوات الشيطان، فهم يسلكون هذه الخطوات ويبثون هذه السُّموم كل ذلك تمهيدًا لما هو أكبر وأعظم أن يصير يجهر بالكفر الصُّراح وتنشر البدع وتمات السُّنن ولا تتحرك قلوب المسلمين غيرةً لدينهم، ألا فاخسئوا فوالله لن تبلغوا مرادكم بإذن الله تعالى.
ومن آخر المخازي الَّتي تمَّ نشرُها وتروجيها أمرٌ تهتز له القلوب وترتعد له الفرائص بمجرد سماع الخبر لا قراءته والنظر فيه، إذ هو يتعلَّق بكتاب ربِّ العالمين، الَّذي لا زال تعظيمه في قلوب المسلمين ولله الحمد والمنة، يتلقون ذلك كابرًا عن كابرٍ حتى عظم في القلوب قدره، وكانت له هيبته وجلالته، حتى إنَّ أبناء وطننا وكبار السِّنِّ زيادة في احترامه وتبجيله قد يتورَّعون عن فعل بعض الأشياء التي هي مباحة معه لأنها مشعرةٌ بامتهانه، فكيف يأتي في ديار الإسلام والمسلمين، من يطلقها صريحة واضحة بينة وضوح الشمس في رابعة النهار: «أنه ينبغي إعادة النَّظر في ترتيب المصحف» ويشرح حاله ويبين تجربته في محاولته ذلك ﴿كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا﴾.
نعم إي والله قالها وقاءها، ونشرت على الملأ في ديار الإسلام والمسلمين، ألا حقَّ لكل مسلم غيورٍ على دينه أن يردَّ هذا الباطلَ الصَّريح بالحجَّة والبرهان، وما يبين أنَّ هؤلاء إنما يأتوننا بما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «سيكون في آخر أمتي أناس يحدثونكم ما لم تسمعوا أنتم، ولا آباؤكم، فإياكم وإياهم»[مسلم (6)] فقد جاءنا بوكروح بما لم نسمع به ولا آباؤنا، فالحذر الحذر، والبدار البدار بإنكار المنكر، قبل أن يضعف إنكاره في القلوب، فيأذن الله بهلاكنا، سلمنا الله وعافانا.
وقد طلب مني من لا يردُّ طلبه أن أكتب شيئًا عن هذا الضلال الذي صدر من بوكروح، فعزمت على ذلك وإن لم أكن له بأهل إنكارًا للمنكر وبيانا للحقِّ.
فأقول: إنَّ العلماء –رحمهم الله- قد اختلفوا في ترتيب سور القرآن هل هو بتوقيف من النَّبي صلى الله عليه وسلَّم أم أنَّه باجتهاد من الصَّحابة رضي الله عنهم، أم أنَّ بعضه توقيفي وبعضه اجتهادي، فهذه ثلاثة أقوال تؤول إلى قولين: أنَّه بتوقيف أو أنَّه باجتهاد ولكلِّ قول حظ من النَّظر ووجه معتبر.
وليس المراد بسط الأقوال بأدلتها ومناقشتها مناقشة علميَّة بل المراد بيان أنَّ بوكروح قد جاء بما لم يسبق إليه، وممَّا يدلُّ على أن ترتيب السُّور توقيفيٌّ «أن الجمع الَّذي تمَّ في عهد أبي بكر رضي الله عنه، وكذلك في عهد عثمان رضي الله عنه لم يكن لترتيب الآيات أو السُّور، وإنَّما كان لجمع القرآن في مصحفٍ واحد في عهد أبي بكر رضي الله عنه، ونسخه في عدد من المصاحف في عهد عثمان رضي الله عنه، فلو كان هناك اجتهاد يتعلَّق بترتيب السور أو غير ذلك لنقل إلينا، كما نقل إلينا ما هو دونه بكثير»(1) وهذا بوكروح ينادي إلى إعادة ترتيب المصحف الكريم فنقول: قد تولَّى عليٌّ رضي الله عنه الخلافة الرَّاشدة وكان مصحفه مرتَّبا على أسباب النُّزول، فما غيَّر ترتيب المصحف ولا نادى بذلك.
هذا إن قلنا بأنَّ عليًّا رضي الله عنه أبقى ترتيب مصحفه على ذلك، فكيف وقد ذكر القرطبي -رحمه الله- أنَّ ذلك محمول على ما كان قبل العرضة الأخيرة التي عرضها النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل، فقال: «وأما ما روي من اختلاف مصحف أبي وعلي وعبد الله فإنما كان قبل العرض الأخير، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم رتب لهم تأليف السور بعد أن لم يكن فعل ذلك»(2)، وما يدعو إليه بوكروح من إعادة ترتيبه على حسب أسباب النُّزول لا قائل به، إذ أنَّ الَّذين قالوا بأنَّه اجتهادي إنَّما يخالفون في ترتيب بعض السُّور ولا يطلقون القولَ كإطلاقه.
ولا يفرح بوكروح بأنَّ الخلاف في المسألة قديم والاجتهاد فيها سائغٌ، إذ ثمرة الخلاف ليست عمليَّة بأن ينادى بإعادة ترتيب المصحف بل هي علميَّة تظهر ثمرتها «في مسألة تناسق سور القرآن، وهو ما يسمى بعلم المناسبات، فإذا قيل: إن الذي رتبه الرسول صلّى الله عليه وسلّم أخذاً منه عن جبريل، فهذا يعني أنه من ترتيب الله سبحانه وتعالى، ولا بد أن يكون لحكمة، فيبحث عن الحكمة ما دام منسوباً إلى المشرِّع، أما إذا كان الترتيب من اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم فقد يكون هناك حكمة عند المجتهد، وقد لا يكون كذلك، وإنما رتبوها باعتبارات معينة»(3).
ولو كان لبوكروح مسكة عقل، وماء وجه، لكان يكفيه في ردِّ دعواه ما يراه من إطباق المسلمين قاطبة من قديم الزمان إلى عصرنا هذا على إبقاء الترتيب الذي عليه المصحف اليوم، فها هي كتب التَّفاسير وكتب القراءات وكتب غريب القرآن وكتب مشكل القرآن وغيرها مما له علاقة بكتاب الله جلَّ وعلا مطبقة على الترتيب الَّذي في المصحف، ولكنَّه الجهل المطبق، والجرأة على الدِّين، وما إخال هذا الفعل منه والعلاقة مع «الشروق» التي علم منها الترويج للتشيع والرفض إلا بداية تشكيك المسلمين في كتاب ربهم ابتداء بترتيب السور وتعريجا على أقوال الشيعة الرافضة وشبهاتهم في كتاب ربِّنا جلَّ وعلا، ولولا إحسان الظَّنِّ لقلنا أنَّ للأمر علاقة بعثمان بن عفَّان رضي الله عنه وأرضاه.
وأرجو من إخواني حفظهم الله ممَّن له عنايةٌ بهذا المجال، أن يوفِّي المقام حقَّه، فما هي إلا مبادرةٌ لبداية موفَّقة، أرجو أن تتبعها مقالات علميَّة نافعة، ومنظومات استنكاريَّة، عسى الله تعالى أن ينفعنا بما نكتب.
فاللهم إنَّا نسألك أن تكفيَ المسلمين شرَّ هؤلاء الفتَّانين، وإنَّا نبرأ إليك من فعالهم وجرائمهم.
فتحي إدريس
14/جمادى الثانية/1436
الهامش: (1) من بحث للدكتور طه عابد بن طه بعنوان: «ترتيب سور القرآن الكريم» (ص 51). (2) «الجامع لأحكام القرآن»(1/ 60). (3) «شرح مقدمة التسهيل لعلوم التنزيل»(ص54) للدكتور سليمان الطيَّار. |
|