.
عودة السلطات المعنية إلى رشدها، وعمارة بن يونس عن نفسه قائلا إن “الحلال والحرام ليسا قضيتي”.
حرر قرار الوزير الأول، عبد المالك سلال، تجميد التعليمة التي أصدرها وزير التجارة حول تحرير بيع الخمور، المجلس الإسلامي الأعلى الذي أصدر بيانا “نادرا” يستنكر فيه بشدة قرار وزارة التجارة ويحيي “عودة السلطات المعنية إلى رشدها”، بينما دافع عمارة بن يونس عن نفسه قائلا إن “الحلال والحرام ليسا قضيتي”.
استنكر المجلس الإسلامي الأعلى، أمس، في سابقة من لدن هيئة استشارية دستورية تابعة لرئاسة الجمهورية، بشدة قرار وزارة التجارة القاضي بتحرير تجارة الخمور. وقال إن ذلك “من شأنه أن يؤدي إلى زرع الفتنة في المجتمع الجزائري وزعزعة استقراره، خاصة في هذه الظروف الصعبة والأخطار التي تحيط بالأمة”.
وحيا المجلس الإسلامي الأعلى “عودة السلطات المعنية إلى رشدها وصوابها والعدول عن هذا القرار المشين، وذلك حفاظا على تماسك المجتمع الجزائري المسلم”. وذكر المجلس أن “الدستور الجزائري ينص صراحة على أن الإسلام هو دين الدولة ومن ثم يجب ألا تكون القوانين والتشريعات التي تسنها الدولة مخالفة للإسلام”.
واللافت أن بيان المجلس الإسلامي الأعلى انتظر إلى غاية إصدار الوزير الأول، عبد المالك سلال، قرارا أمس الأول بتجميد تعليمة تحرير بيع وتجارة الخمور التي مر عليها أكثر من نصف شهر، وهو ما يبرز حجم الحرج الذي استشعرته هذه الهيئة المتحفظة جدا في التعليق على الأحداث التي ترتبط بالمسائل الدينية عندما تكون مرتبطة بالدولة.
ولم يتوقف هذا القرار عند استجلاب ردود الفعل الساخطة خاصة من قبل الإسلاميين، حيث وجه النائب عن جبهة العدالة والتنمية، لخضر بن خلاف، سؤالا شفويا للحكومة، باعتبار القرار “انتهاكا صارخا لثوابت الأمة”. بينما دعا النائب ناصر حمدادوش الوزير بن يونس إلى الاستقالة.
وأمام ذلك، بدا وزير التجارة، عمارة بن يونس، أمس، في حوار مع الإذاعة الوطنية، منزعجا مما اعتبرها “حملة إعلامية استهدفته من قبل أطراف سياسية ومافيوية”. وأكد أن الوزير الأول أمر فعلا بتجميد التعليمة من أجل “التهدئة”، مدافعا عن نفسه بالقول: “لست إماما أو مفتيا. أنا وزير في الجمهورية، وما يهمني هو القانون. أما الحلال والحرام فليسا قضية وزارة التجارة”.
ويحيل تبرير “التهدئة” الذي لجأ إليه الوزير الأول في تجميد تعليمة تحرير الخمور، إلى استسلام السلطات العمومية للضغط المطالب منذ مدة بإلغاء قرار وزير التجارة، حيث تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بالحملات المنددة التي انخرط فيها الآلاف، وانتقل ذلك إلى الشارع الذي شهد وقفات رافضة عقب صلاة الجمعة في عدد من الولايات.
وليست المرة الأولى التي تضطر فيها الحكومة إلى التراجع عن قرار اتخذته، فقد استسلمت بالمثل حيث سحبت قرار إلزامية التعامل بالشيك للمعاملات فوق 500 ألف دينار، بعد خروج شباب إلى الشارع في ما عرف لاحقا بمظاهرات الزيت والسكر التي اندلعت في فيفري 2010 قبل أشهر من انتفاضات الربيع العربي. أما على المستويات المحلية في التسيير، فقد أصبح أقصر طريق لتحقيق المواطنين مطالبهم هو التظاهر وقطع الطرقات.
ورغم استماتة الحكومة في الدفاع عن مشروع الغاز الصخري، إلا أن الحراك الشعبي الرافض له اضطرها لتليين لهجتها، والتأكيد على لسان كبار المسؤولين أن الدولة ليس واردا في أجندتها الاستغلال حاليا. ويؤشر هذا التضارب في القرارات بين مؤسسات الدولة نفسها، وفق فاروق طيفور، القيادي في حركة مجتمع السلم، على غياب التخطيط والتفكير الجماعي بين مختلف الوزارات في طبيعة القرارات المتخذة، ما يجعل الحكومة بعد فوات الأوان تواجه سياسة الأمر الواقع.