ملاعب..فنادق و50 مليون أورو مصاريف التنظيم.
هذا ما ستربحه الجزائر وتخسره في استضافة "كان 2017"
يحبس الجزائريون أنفاسهم إلى غاية يوم الأربعاء، تاريخ إعلان الاتحاد الإفريقي لكرة القدم عن اسم البلد المنظم لكأس أمم إفريقيا 2017، التي تتواجد الجزائر إلى غاية كتابة هذه الأسطر، في وضعية جيدة للفوز بها بعد تصويت أعضاء المكتب التنفيذي للكاف والمقرر صباح الأربعاء بالعاصمة المصرية القاهرة، وسط استعدادات تنظيمية ومالية مضبوطة بالملف الجزائري المقدم للهيئة القارية، ولأن تنظيم منافسة بحجم كأس إفريقيا للأمم لا يشكل على الإطلاق فائدة مالية للدولة الجزائرية، مقارنة بما يجنيه منظمو كأس العالم أو كأس أوروبا للأمم.
وينتظر أن يكلف تنظيم كأس إفريقيا للأمم 2017 للجزائر، بعيدا عن الأغلفة المالية المخصصة لبناء الملاعب الجديدة، على غرار ملعبي وهران وبراقي وتجديد تلك الموجودة، على غرار ملاعب 5 جويلية وعنابة وملاعب التدريب كالقليعة وشابو والحجار وملعب البليدة، بالإضافة إلى المبالغ المالية الخاصة بتجهيز بعض البنى التحتية، حوالي 50 مليون أورو، وهو المبلغ المخصص للأمور التنظيمية، على غرار حفلي الافتتاح والاختتام، فضلا عن مصاريف إيواء المنتخبات المشاركة والوفود الرسمية ونقل المشاركين عبر مختلف المدن المعنية باحتضان المواجهات، وهو مبلغ ليس بالكبير إذا قورن ببعض التظاهرات التي احتضنتها الجزائر في فترات سابقة، والتي يعد "أغلاها" على الإطلاق احتضان مدينة وهران للمؤتمر الـ16 للغاز سنة 2010، والذي كلف أزيد من 600 مليون أورو، بالإضافة إلى الفضائح التي صاحبته، على غرار الفنادق العائمة وقضية غلق ميناء وهران لـ8 أيام كاملة، علما أن الكاف تساهم بحوالي 5 ملايين دولار في المصاريف التنظيمية.
من جهة أخرى، لا يمكن للجزائر أن تستفيد من تنظيم هذه المنافسة القارية ماديا، على اعتبار أن مداخيل "كان 2017" ستكون شبه منعدمة تماما لعدم تمتع هذه المنافسة بمزايا متابعة الجماهير الحاشدة، كما يحدث في كأسي العالم وأوروبا، بالنظر للوضع الخاص للقارة السمراء واستحالة تنقل أنصارها بالآلاف لمتابعة منتخبات بلادهم، ولن تستفيد الجزائر من "كان 2017" إلا في حالة وحيدة، وهي تأهل منتخبات تونس والمغرب ومصر إلى الدورة، ما يمسح بتنقل أعداد كبيرة من أنصار هذه المنتخبات إلى الجزائر، وعلى وجه التحديد تونس والمغرب الحدوديتان، وهي الفرصة التي تتيح للجزائر تدعيم خزينتها المالية لكأس إفريقيا 2017، وفي حال حدوث العكس لن تتجاوز أرقام المداخيل حدودا دنيا، لا سيما أن الجزائر لن تحظى بسنتيم واحد من أموال الإشهار وحقوق البث التلفزيوني، التي تشكل الحصة الأكبر من المداخيل، والتي تدخل مباشرة إلى خزينة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ومموليه، وعلى رأسهم شركة "أورانج" الفرنسية الراعي الرئيس لهذه المنافسة القارية، وفق عقد "غامض" لم يكشف عن كل خباياه عيسى حياتو، الذي فضل الفرنسيين لاقتسام أرباح الاتحاد الإفريقي لكرة القدم.
وفي سياق ذي صلة، لن تتجاوز فائدة الجزائر من تنظيم هذه المنافسة، تتويج المنتخب الجزائري باللقب، إن حدث طبعا، على غرار ما حدث سنة 1990، والدعاية والترويج لقدرات الجزائر التنظيمية وآفاق الاستثمارات بها، وهو ما كان الهدف الرئيس لكل الدول التي احتضنت هذه المنافسة في السنوات الأخيرة، وأبرزها الغابون وغينيا الاستوائية، في ظل استمرار رفع الكاف لشعار "كأس إفريقيا هو عرس القارة السمراء ويجب التضحية من أجله".
ملعبان للمنافسات وآخران للتدريب وفنادق فخمة لإقامة الوفود
الجزائر العاصمة محور قوة ملف "كان 2017 "
تعتبر الجزائر العاصمة ومرافقها محور قوة ملف الجزائر لتنظيم كأس إفريقيا 2017، حيث سيكون ملعب 5 جويلية الأولمبي مرشحا لاحتضان مباراتي الافتتاح والنهائية في حال حصول الجزائر على شرف تنظيم فعاليات العرس الكروي الإفريقي، وعرف الملعب الذي كان شاهدا على أكبر تتويجات الكرة الجزائرية منذ منتصف سبعينات القرن الماضي، أشغال ترميم مست كافة أرجائه منذ شهر مارس من العام الفارط 2014، حيث مس ذلك مشروع توسعته وتغطيته، بعد أن تم تقسيم مراحل التهيئة إلى 4 مراحل حتى يكون الملعب يتماشى ومعايير الاتحاد الدولي.
وقد خصصت المراحل الثلاث الأولى للتوسعة، البناء مع التطوير والتجهيز قبل انطلاق المونديال الإفريقي، على أن تؤجل مرحلة تغطية الملعب إلى سنة 2017 مباشرة بعد "الكان" في حال تنظيم الجزائر لكأس إفريقيا، كما سيدعم ملعب 5 جويلية بأرضية ميدان جديدة، وملحق التدريبات ويزود أيضا أزيد من 250 كاميرا مع تنصيب كراسيّ مرقمة، على أن يزود الملعب بعيادة طبية ومصعد كهربائي ومحلات تجارية.
وينتظر أن يجهز الملعب غرف حفظ ملابس بحلة جديدة ونفق جديد تحت المنصة الشرفية، مع تخصيص قاعات لإقامة الندوات الصحافية، فيما سيتم توسعة الملعب وغلقه بمدرجات جديدة سعتها أكثر من 14 ألف متفرج قبل "الكان"، على أن تتم تغطية المدرجات والملعب في المرحلة الرابعة، بقوسين فولاذيين وغطاء كبير.
وغير بعيد عن المركب الأولمبي 5 جويلية سيكون جديد المنشآت الرياضية في الجزائر، ملعب "براقي" أيضا مرشحا لاحتضان المباريات الرسمية، بالنظر إلى كونه تحفة جديدة وجزءا من مركب أولمبي، يحتوي على قرية صغيرة لممارسة مختلف الرياضات، إضافة إلى مضمار خاص بألعاب القوى، ومسبح أولمبي، فضلا عن ملاعب تدريب صغيرة محاذية للملعب الرئيسي، إضافة إلى فندق ومكاتب وموقف للسيارات، ناهيك عن محلات تجارية. ويتربع ملعب "براقي" على مساحة 38 هكتارا، حيث أدرج ضمن ملف ترشح الجزائر لاحتضان كأس أمم إفريقيا 2017، وشدد وزير الرياضة محمد تهمي على ضرورة تسليمه قبل انطلاق الموسم الكروي 2016 - 2017.
وقدم ملعب براقي في ملف الترشح للكان المقبلة، كثاني أكبر منشأة في العاصمة بعد ملعب 5 جويلية، بأرضية معشوشبة طبيعيا من آخر طراز، ويحتوي الملعب على 40 ألف مقعد بدلا من 60 ألف كما كان مقررا في بداية المشروع في 2009، في الوقت الذي ستبرمج فيه مختلف تدريبات المنتخبات المشاركة في الدورة المقبلة على ملعب "مصطفى تشاكر" بالبليدة الذي لن يكون معنيا باللقاءات التي تحتضن أمم إفريقيا 2017، خاصة وأن هذا الملعب كان قد شهد أشغال ترميم في الماضي القريب، يضاف إليه ملعب القليعة الذي سيستغل لنفس الغرض، علما أن الأخير كان قد شهر أشغال ترميم وتهيئات جديدة بعد الخراب الذي مسه في إحدى مباريات النادي المحلي في إطار الرابطة المحترفة الثانية.
أما فيما يخص المنشآت الفندقية التي تعد عاملا مهما لتنظيم أي تظاهرة كروية وخاصة تلك التي تتعلق بحجم كأس إفريقيا، التي تستقطب الدولة المنظمة للعرس الكروي جيوشا من المناصرين الأفارقة. وتتوفر الجزائر على عدة فنادق تتموقع غالبيتها في مناطق استراتيجية مهمة على مقربة من مطار الجزائر الدولي، على غرار فندق "الماركير" ذي الـ 5 نجوم، الذي لا يبعد عن مطار العاصمة سوى بكيلومترين فقط، يضاف إليه الفندق المحاذي له "إيبيس"، الذي سيخصص على الأرجح للصحفيين، ناهيك عن فندق "الهيلتون" ذي الـ 5 نجوم الذي لا يبعد بدوره عن المطار وعن الملاعب، فضلا عن فندقي "سوفيتال" و"الأوراسي" وكذا "الشيراتون" الذي سيخصص للوفد الرسمي للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، مثلما جرت العادة في مختلف التظاهرات الرياضية التي احتضنتها الجزائر في وقت سابق.
في انتظار قرار الكاف يوم 8 أفريل الجاري
وهران تتأهب للكان وتراهن على ملعبها "التحفة" وفنادقها الفخمة
يترقب الشارع الرياضي الوهراني كبقية الجزائريين تاريخ الـ8 أفريل، والذي سيشهد إعلان الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم عن هوية البلد المنظم لنهائيات كأس أمم إفريقيا في نسختها الـ31 والمقررة سنة 2017، وبما أن عاصمة الغرب وهران معنية باحتضان جزء من هذه المنافسة القارية، فإن الباهية تستعد على قدم وساق من أجل أن تكون جاهزة في الموعد المحدد في حال أوكلت هيئة الكاميروني عيسى حياتو شرف التنظيم للجزائر لثاني مرة في تاريخها بعد عام 1990، وتعتبر وهران من بين أهم نقاط قوة الملف الجزائري نظرا للإمكانات الكبيرة التي تمتع بها على جميع الأصعدة، سواء فيما يتعلق بالملاعب، أو الفنادق، وكذا وسائل النقل المختلفة، بدون أن ننسى بأن وهران مدينة ساحلية بامتياز، ووجهة سياحية هامة ستعطي لحظوظ الجزائر دفعة قوية قبل التصويت المنتظر في العاصمة المصرية القاهرة.
وتعول وهران كثيرا على المركب الجديد لبئر الجير الذي يتسع لـ40 ألف مقعد، إذ يعتبر هذا الملعب "تحفة" حقيقية، ويوصف على أنه نسخة مصغرة عن ملعب "عش الطائر" الذي احتضن سنة 2008 أولمبياد بيكين، كما أن الشركة الصينية المنجزة قطعت على نفسها وعدا أمام السلطات المحلية لوهران، وكذا وزير الرياضة محمد تهمي بأن يكون ملعب وهران بمواصفات عالمية تليق باستقبال أكبر التظاهرات الرياضية، علما وأن موعد تسليم هذا الملعب قد حدد في الثلاثي الأول لسنة 2016، وتجاوزت نسبة الأشغال به الـ65 بالمائة.
وكانت لجنة الكاف قد حلت شهر ماي من السنة المنقضية بوهران بقيادة المالي أمادو دياكيتي لمعاينة المنشآت، وقد أعجبت اللجنة كثيرا بالمقومات التي تمتلكها العاصمة الثانية للبلاد، حيث زار الوفد حينها بالإضافة لمركب بئر الجير، كلا من ملعب أحمد زبانة، وعدة ملاعب أخرى حتى تكون بمثابة أماكن مخصصة لاستقبال تدريبات المنتخبات المشاركة، كما زارت لجنة التفقد عدة فنادق فخمة من 5 نجوم، يتقدمها فندق "المريديان" الذي يعتبر من بين أحسن الهياكل الفندقية في الجزائر، إضافة لفندق "الشيراتون"، فندق "الروايال"، فندق "الفينيكس"، وكذا "ايدن آر بور"، وشملت الزيارة أيضا مطار أحمد بن بلة الدولي الذي تجري به أشغال التوسعة، دون أن ننسى توفر وسائل النقل الأخرى الحيوية على غرار "الترامواي"، وكان والي وهران قد استقبل وفد الكاف بمقر الولاية، ومنحه ضمانات قوية للغاية حتى تكون الباهية في أبهى حلة لتنظيم أهم محفل كروي في القارة السمراء.
تضم ملعبا رئيسيا و3 ميادين تدريب و3 فنادق فخمة
وفد الكاف انبهر بمنشآت ولاية عنابة
لم يخف وفد الكنفدرالية الإفريقية لكرة القدم، الذي عاين بتاريخ 9 ماي 2014 منشآت مدينة عنابة، استحسانه لكل ما تملكه "بونة" من مؤهلات تجعلها قادرة على احتضان العرس الكروي الإفريقي لعام2017 إذا أسند إلى الجزائر. ويتلخص كل شيء في ما قاله خبير الكاف لمدير ملعب 19 ماي، حمدي لعشيشي، حيث لم يقو على كتم انبهاره بالتحفة الهندسية لملعب بونة قائلا: "إنه ملعب رائع... وأنا جد متأكد أنه بهذه الحالة قادر على احتضان المنافسة بشكل عادي جدا"، لكن مدير الملعب أكد له أنه في حالة منح الكاف الجزائر شرف تنظيم دورة 2017 فإن الملعب سيكون في حالة أحسن بكثير. وقد تفقد وفد الكاف المتكوّن من 4 أعضاء آنذاك ملعب 19 ماي وملحقه، وملعبي العقيد شابو والحجار وفنادق صبري والريم الجميل والشيراتون (الذي لا يزال في مرحلة البناء، لكن بوتيرة سريعة جدا). وحسب عضو المكتب الفيدرالي السابق، الحاج أحمد ميبراك، فإن وفد الكاف لم يتردد في التأكيد لرئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة على كون عنابة تملك كل المؤهلات لاحتضان المنافسة بدرجة الامتياز.
وتملك عنابة تجارب سابقة في تنظيم المنافسات والمواعيد الرياضية الكبرى، حيث سبق لها أن احتضنت بامتياز البطولة الإفريقية لألعاب القوى عام 1988 وبعدها بعامين احتضنت فعاليات المجموعة الثانية لنهائيات كأس أمم إفريقيا التي ضمت آنذاك الكاميرون، السينغال، زامبيا، كينيا. ووقتها أعجب مسؤولو منتخب الأسود غير المروضة ببونة ورشحوها لاحتضان استعداداتهم لمونديال إيطاليا آنذاك... فكيف ستكون الحال عام 2017؟
إبراهيم يوسفي مدير الشباب والرياضة لولاية عنابة لـ "الشروق":
250 مليار سنتيم لا تكفي لإعادة تهيئة 4 ملاعب
للوقوف عند مستجدات منشآت ولاية عنابة، اتصلنا بمدير الشباب والرياضة لولاية عنابة، يوسفي إبراهيم، الذي أكد لنا أن عنابة جاهزة لاحتضان المنافسة، خاصة أنها تمتلك كل المؤهلات من ملاعب وفنادق فخمة وأن ملاحظات وفد الكاف ستؤخذ بعين الاعتبار. وقال: "عنابة ستسعى إلى القيام بإضافات إيجابية لتلميع صورتها في هذا المحفل الهام. وهذا لكون ملاحظات أعضاء الكاف كانت تخص غرف ملابس ملعبي شابو والحجار وكذا ملحق ملعب 19 ماي"، مضيفا: "سيتم إعادة تهيئة كل الملاعب وهذا بعد أن رصدت الوزارة مبلغ 250 مليار سنتيم لهذه العملية التي ستنطلق الشهر القادم". وفي هذا الصدد، أكد يوسفي أن مصالحه تفاوض حاليا شركة جزائرية لتولي مشروع إعادة تهيئة ملعب 19 ماي ليكون بمقاييس عالمية، على أن يكون انطلاق الأشغال مع بداية شهر ماي القادم كأقصى تقدير، فيما لا تزال الدراسة جارية لإعادة تهيئة ملعبي شابو والحجار. كما شدد مدير "الديجياس" على أن مبلغ 250 مليار سنتيم غير كاف لإعادة تهيئة 4 ملاعب بكل المتطلبات بما فيها الكماليات، مشيرا إلى أن الغلاف المالي قد يكفي لضمان تواجد ملاعب بونة في أبهى حلة، خاصة أن عنابة تعد إحدى المدن التي تراهن عليها الجزائر لكسب تنظيم نهائيات كأس أمم إفريقيا عام 2017.