مقاطعة بضاعتهم أبلغ رسالة من التظاهر
أساتذة الأزهر يؤكدون ضرورة إصدار قرار يجرّم الإساءة للأديان
أجمع باحثون في الشؤون الإسلامية وأساتذة في جامعة الأزهر، على ضرورة التوجه للأمم المتحدة والمطالبة بإصدار قرار يجرّم الإساءة للأديان، وتجاهل ممارسات المجلة الفرنسية، مؤكدين أن نشر صور أو مقالات تسيء للدين الإسلامي أو لشخص الرسول لن تهزّ صورة الإسلام، واعتبروها “ممارسات سلوك غير قويم وأحمق”. قال الشيخ علوي أمين، أستاذ بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر “إن التجاهل أبلغ رد على ممارسات المجلة الفرنسية “شارلي إيبدو”. ودعا العالم الإسلامي والغربي للكف عن الحديث عنها والتي استفادت - حسبه- من الدعاية المجانية وزادت شهرتها في الفترة الماضية، لافتة إلى أن نشر صور كاريكاتورية أو مقالات تسيء لشخص الرسول - صلى الله عليه وسلم- لن تهز صورة الإسلام وخير خلق الله، قبل أن يضيف في حديث مع “الخبر”، “لقد تعوّدنا من هؤلاء على هكذا تصرفات دنيئة ونشر الصور الكاريكاتورية إجرام جديد يضاف إلى جرائمهم المتتالية”. ويرى الشيخ علوي، أن حناجر المسلمين والعرب التي بحّت بالمطالبة بالخروج في مظاهرات لنصرة الرسول، لا قيمة لها ووصفها بـ”الدعوات الجوفاء”، لا تفيد بشيء. موضحا أن”الذي يفيد هو التحرك بشكل إيجابي وأن نقاطع بضائعهم وأفلامهم ولا نشتري منهم ولا نبيع إليهم، وإنما ما يقومون به لن يهز من قيد أمتنا ولا مكانة رسول الله، وما معنى مظاهرات أجدها تصرفات لا جدوى منها على الإطلاق، والقول الحق في هذا الموقف أن نكون رجالا، وأن نطالب باستصدار قانون يجرّم الإساءة إلى كل الأنبياء، وأقول لجميع المسلمين افعلوا ولا تقولوا، وقبل أن تفعلوا تجاهلوا هذه الأفعال المشينة، وأؤكد أن الممانعة أبلغ رد عليها”. من جهته، قال نبيل نعيم، الخبير في شؤون الحركات المتطرفة، إن “شارلي إيبدو” وعلى شاكلتها ملحدين ولا دين لهم واستهزأوا بكل الأنبياء، ولم يتركوا نبيا إلا استهزأوا به، “والإلحاد ثقافة موجودة في المجتمع الفرنسي، وهناك تقاليد ومعتقدات تختلف عن عادات وتقاليد المسلمين، والمسلمين الذين هاجروا هناك يعرفون ذلك تماما، ووجدوا أنفسهم أمام خيارين إما أن يعيشوا بأخلاقهم أو بأخلاق الإسلام التي تربوا عليها، وهذا خلق حالة احتراب، لأنهم لا يستطيعون الاستمرار في هذه المجتمعات”، وأضاف لـ”الخبر”، “والقلة المتطرفة التي خلقت حالة الاحتراب ذاق منها المجتمع الإسلامي أكثر من المجتمعات الغربية، وكان من الأفضل تجاهل الأمر، لأننا لا نستطيع محاربة كل العالم، لأننا لسنا على عقيدة واحدة، وبالتالي علينا التغاضي عن هذه الأمور المسيئة التي تخرج من ناس ملحدين لا دينيين، حتى لا ندخل في احتراب، لأننا لا نريد أن نخلق حالة احتراب في مجتمعات بها نسبة مسلمين كبيرة، والمجتمع الفرنسي لا يمكنه أن يستأصلها”. وانتقد نعيم اعتبار البعض الصور الكاريكاتورية حرية تعبير، قائلا: “يجب ألا تتعدى حرية التعبير مهما كانت على مقدسات الآخرين، فالحرية المطلقة نوع من التطرف والإرهاب، وهل الاستهزاء بالمقدسات حرية تعبير؟، وكيف لهم أن يتحدثوا عن حرية التعبير وهم يحاكمون روجيه جارودي، ويستنكرون المشككين في مذابح الهولوكوست”. أما الداعية الإسلامية، الدكتورة آمنة نصير، أستاذة الفلسفة والعقيدة الإسلامية بجامعة الأزهر، فقد دعت المجتمع الإسلامي والعربي بالتوجه إلى الأمم المتحدة، والمطالبة بإصدار قرار تجريم التطاول على الأنبياء والرسل، كما فعلت اليهودية، وأوضحت أن حرية التعبير ليست مفتوحة للتطاول على الناس أو تجريح مليار ونصف مسلم في عقيدتهم، وتابعت في تصريح خصت به “الخبر”، “حرية التعبير التي يتحدث عنها الغرب مفلوتة وبلا ضوابط أخلاقية، ولا ينبغي أن تبنى علاقة الإنسان بأخيه الإنسان بالاستهزاء، أو أن يستبيح لنفسه التطاول على رسول شهد الغرب على أخلاقه، وإذا كان ملحد فهو حر في إلحاده، وعتابي على العالم العربي الإسلامي لماذا لا يتكاتفوا لإصدار قرار من الأمم المتحدة لتجريم التطاول على الأنبياء والرسل، حتى نوقف هذا التطاول الوقح على الرسالات السماوية، كما فعلت اليهودية في تجريم السامية”. وتابعت: “لا بد لنا أن نتكتل في إطار القانون الدولي، للرد على تصرف الحمقى من المنتسبين للإسلام، وسلوك المجلة السيئ وغير القويم، والأسوأ منه رد الفعل الأحمق، والحماقة لا علاج لها ولا تنتمي ولا تحسب للإسلام، فهم يتطاولون ثم يحاسبون الإسلام على حمقى، هم الأصل إلى جر لسانهم وأيديهم على ما فعلوا، فالإسلام يحرم قتل الناس”. وفي تعليقها على المظاهرات التي خرجت لنصرة الرسول، تقول محدثتنا: “الرسول غير محتاج لهذه التصرفات غير الحكيمة، وكان ينبغي أن ننادي كلنا بصوت موحد، ونطالب الأمم المتحدة بإصدار قانون يجرّم ازدراء الأديان، ولابد أن يلاقى ظروف هؤلاء الحمقى، ونكشف من الذي دفعهم لذلك، لأن فعلتهم ليس لها علاقة بالتطاول على الرسول ومقدساتنا، وإنما بسبب ظروف اجتماعية وأخلاقية ألمّت بهم لفعل ذلك، ليختزل ذلك في نوع من الجور وغياب الضمير والموضوعية، ولابد أن تقف حريتهم عند مساحة أقدامهم، وألا تكون مفتوحة بلا حدود ولا ضوابط، وكفانا تكاسل وعدم اكتراث ولابد أن يكون لنا صوت، وإلزام من يجرم تحت طائلة القانون، وأتمنى أن نقوى وأن نلزم الآخر باحترامنا”.