معركة سومنات .. فتح الهند الأعظم
معركة سومناتكانتفي يوم الجمعة 16 ذي القعدة سنة 416هـ، عندما زحف السلطان محمود بن سبكتكين ومنمعه من أبطال الإسلام، وقاتلوا الهنود بمنتهى الضراوة، وانتهت المعركة بانتصارالمسلمين انتصارا ساحقا، وأمر السلطان محمود بهدم الصنم سومنات, ولكن ما هي أسبابونتائج معركة سومنات؟ وما هي الأهداف من فتوحات الهند الكبرى؟
المكان:مدينة "سومنات" - نهر "الجانح" الهند
الموضوع:المسلمون بقيادة "محمود بن سبكتكين" يفتحون بلاد "الهند".
الأحداث:
يعتبر دخول الإسلام إلى بلاد الهند الشاسعة أشبه ما يكون بالملاحم الأسطورية التي سطرها كبارالمؤلفين والمؤرخين، والإسلام قد دخل بلاد الهند الضخمة والواسعة منذ القرن الأولالهجري، ولكنه ظل في بلاد السند بوابة الهند الغربية فترة طويلة من الزمان، حتىجاء العهد الذي اقتحم فيه الإسلام تلك البلاد الكبيرة المتشعبة الأفكار والعادات،والمبنية على نظام الطبقات، فاصطدم الإسلام ليس فقط مع القوة المادية والجيوشالحربية, ولكنه اصطدم أيضا مع الأفكار الغربية والانحرافات الهائلة والضلالاتالمظلمة, لذلك فإن معركة الإسلام مع الكفر بأنواعه الكثيرة بالهند ظلت لمئاتالسنين، وما زالت قائمة حتى وقتنا الحاضر والذي نلمسه جليًّا في المذابح والمجازرالسنوية والموسمية التي يقوم بها عباد البقر من الهندوس ضد المسلمين، الذين تحولوامن قادة وحكام للبلاد إلى أقلية وذلك رغم ضخامة أعدادهم مقارنة بغيرهم من بلدانالعالم.
الإسلام والهند:
بلاد الهند قديمًا قبل التقسيم الحالي كانت تشمل بجانب الهند كلاًّ من "باكستان، وأفغانستان،وبورما", وغيرهم إلى حدود الصين، وكانت منقسمة إلى بلاد الهند وبلاد السند،لذلك فلقد عرفت عند الجغرافيين باسم "شبه القارة الهندية" لضخامتها،ولقد دخل الإسلام إلى بلاد السند منذ الأيام الأولى للدولة الإسلامية، وبالتحديدسنة 15 هجرية في خلافة "عمر بن الخطاب"عن طريق الحملات الاستكشافية التيقادها "الحكم بن العاص" الذي وصل إلى ساحل الهند، وتواصلت الحملاتالاستكشافية أيام أمير المؤمنين "عثمان بن عفان", ولكنه t رفض إرسالجيوش كبيرة خوفًا على المسلمين لبعد البلاد واتساعها.=arab>
ظل الأمر هكذا حتى صدر الدولة الأموية, وعندما تولى "زياد بن أبيه" العراقوما بعدها، فقرر أن يجعل سواحل الهند ولاية منفصلة سميت بالثغر، وتشمل المساحةالتي تلي: (سجستان, وزابلستان, وطخارستان) أفغانستان الآن, وكان أول من تولاها رجلاسمه "راشد بن عمرو" ومن يومها بدأت الحملات الجهادية القوية للفتحالإسلامي للهند، وبرز رجال في تلك الحملات أمثال: "عباد بن زياد وسعيد بنأسلم ومحمد بن هارون", وكلهم أكرمهم الله بالشهادة في ميادين الجهاد.
كان التحول الكبير في مسيرة الفتح الإسلامي للهند عندما تولى الشاب القائد "محمدبن القاسم الثقفي" رحمه الله قيادة الحملات الجهادية بناحية السند، وحققانتصارات هائلة بالقضاء على ملك السند "داهر البرهمي", وفتح معظم بلاد "السند"وضمها للدولة الإسلامية، وأزال عنها شعائر الشرك والكفر والبوذية والبرهمية، وذلكسنة 89 هجرية، ولكن "محمد بن القاسم" ما لبث أن راح ضحية لمؤامرة دنيئةقامت بها "صيتا ابنة داهر", حيث ادعت وافترت عليه كذبًا أنه اغتصبها،وسجن "ابن القاسم" ومات في سجنه، وحزن عليه أهل "السند" حزنًاشديدًا، وبموته توقفت حركة الفتح الإسلامي للهند.
وبعد ذلك انتفض ملوك "الهند" و"السند" وعادوا إلى عروشهم، فلماتولى الخليفة الراشد "عمر بن عبد العزيز" كتب إلى ملوك "السند"يدعوهم إلى الإسلام والطاعة على أن يظل كل ملك منهم مكانه، وله ما للمسلمين وعليهما عليهم، فأجابوه، ودخلت بلاد "السند" كلها في الطاعة للمسلمين، وأسلمأهلها وملوكها وتسموا بأسماء العرب، وبهذا أصبحت بلاد "السند" بلادإسلام، وقد اضطرب أمر "السند" في أواخر أيام بني أمية، ولكنها عادت إلىالطاعة والانتظام في أيام "أبي جعفر المنصور" وفي أيامه افتتحت "كشمير"ودخلت في دولة الإسلام، ولكن ظلت بلاد "الهند" الغربية بعيدة عن الإسلامحتى ظهرت عدة دول محلية موالية للخلافة العباسية، ولكنها مستقلة إداريًّاوسياسيًّا وماليًّا، ومن أعظم تلك الدول المحلية التي ساعدت على نشر الإسلام دولةالغزنويين وقائدها الفاتح الكبير "محمود بن سبكتكين".
الدولة الغزنوية:
اسمها مشتق من اسم عاصمتها وهى مدينة "غزنة" الموجودة حاليًا بأفغانستان وأصلهذه الدولة يرجع إلى القائد "سبكتكين" الحاجب التركي الذي عمل في خدمةالأمير "عبد الملك بن نوح الساماني" وترقى في المناصب وارتفعت بهالأطوار حتى نال رضا أمراء "السامانية" فعينوه واليًا على "خراسان"و"غزنة" و"بيشاور"، فكون نواة الدولة "الغزنوية"وتفرغ لمحاربة أمراء وملوك "الهند" وخاصة ملوك شمال "الهند"،وأكبرهم الملك "جيبال" الذي قاد ملوك وأمراء الشمال الهندي، واصطدم معالمسلمين بقيادة "سبكتكين" سنة 369هـ، وكان النصر حليفًا للمسلمين، فرسخبذلك "سبكتكين" الوجود الإسلامي وكذا أركان دولته الوليدة ببلاد "الأفغان"و"طاجيكستان".
وكلما قام به "سبكتكين" كان باسم "السامانيين" وملوك ما وراءالنهر، ولم يعلن استقلاله حتى وقتها، ثم قام بأداء أعظم مهمة لصالح الدولة "السامانية"عندما قضى على قوة "البويهيين" الشيعة بنيسابور سنة 383هـ، فقام الأمير "نوحبن نصر الساماني" بتعين "محمود بن سبكتكين" واليًا على "نيسابور"،وبالتالي غدت الدولة "الغزنوية" أوسع من الدولة "السامانية"نفسها، ومات "سبكتكين" سنة 388هـ، وخلفه ابنه "محمود" لتدخلالمنطقة عهدًا جديدًا من الفتوحات، لم تعرف مثله منذ أيام الخليفة "الفاروق".
الفاتح الكبير:
لم يكد الأمر يستقر للقائد الجديد "محمود بن سبكتكين" حتى بدأ نشاطًا جهاديًّاواسعًا أثبت أنه من أعاظم الفاتحين في تاريخ الإسلام، حتى قال المؤرخون: إن فتوحهتعدل في المساحة فتوح الخليفة "عمر بن الخطاب"، وقد اتبع سياسة جهاديةفي غاية الحكمة تقوم أساسًا على تقوية وتثبيت الجبهة الداخلية عسكريًّا وسياسيًّاوعقائديًّا وهو الأهم فعمل على ما يلى:
1-القضاء على كل المذاهب والعقائد الضالة المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة مثلالاعتزال والتشيع والجمهية والقرامطة والباطنية، والعمل على نشر عقيدة السلفالصالح بين البلاد الواقعة تحت حكمه.
2-قضى على الدولة "البويهية" الشيعية والتي كانت من عوامل التفرقوالانحلال في الأمة الإسلامية كلها، حتى بلغ بها الأمر في التفكير بالعودة للعصر "الساساني"الفارسي، واتخاذ ألقاب المجوس مثل: "شاهنشاه", وبالقضاء على تلك الدولةالرافضية قدم السلطان "محمود" أعظم خدمة للإسلام.
3-أزال الدولة السامانية التي بلغت حالة شديدة السوء من الضعف والانحلال أثرت بشدةعلى سير الحملات الجهادية والفتوحات على الجبهة الهندية.
4-أدخل بلاد الغور وسط "أفغانستان" وهي مناطق صحراوية شاسعة في الإسلام،وأرسل إليهم معلمين ودعاة وقراء، وقضى على دولة "القرامطة" الصغيرةبالملتان، وكان يقودها رجل اسمه "أبو الفتوح داود" وأزال عن هذه البلادالعقائد الضالة والفرق المنحرفة مثل الباطنية والإسماعيلية.
5-أعلن خضوع دولته الضخمة وتبعيتها للخلافة العباسية ببغداد وخطب للخليفة العباسي "القادربالله" وتصدى لمحاولات وإغراءات الدولة الفاطمية للسيطرة على دولته، وقامبقتل داعية الفاطميين "التاهرتي" الذي جاء للتبشير بالدعوة الفاطميةببلاد "محمود بن سبكتكين"، وأهدى بغلته إلى القاضي "أبي منصور محمدبن محمد الأزدي", وقال: "كان يركبها رأس الملحدين، فليركبها رأسالموحدين".
وهكذاظل السلطان "محمود بن سبكتكين" يرتب البيت من الداخل ويقوي القاعدةإيمانيًّا وعقائديًّا وعسكريًّا، ويكون صفًّا واحدًا استعدادًا لسلسلة الحملاتالجهادية الواسعة لفتح بلاد "الهند".
فتوحات الهند الكبرى:
بدأ السلطان محمود فتوحاته الكبيرة ببلاد "الهند" من مركز قوة بعد أن ثبتالجبهة الداخلية لدولته، فقد كان يسيطر على سهول "البنجاب" فكانت مداخلالجبال وممر خيبر الشهير في يده، وكذلك لم يكن هناك مناوئ أو معارض داخلي للسلطان "محمود"يعيق حملاته الجهادية، والهضبة الإيرانية كلها تحت حكمه وسيطرته، لذلك البداية فيغاية القوة.
بدأت الحملات الجهادية بحملة كبيرة على شمال "الهند" سنة 392هـ، حيث انتصرالسلطان "محمود" على ملك الهند الكبير والعنيد "جيبال" وجيوشهالجرارة، ووقع "جيبال" في الأسر، فأطلقه السلطان "محمود" لحكمةيعلمها الله ثم هو, وهي إذلاله نتيجة حروبه الطويلة ضد المسلمين منذ أيام والدهالسلطان "سبكتكين"، وكان من عادة الهنود أنه إذا وقع أحد منهم في أيديالمسلمين أسيرًا لا تنعقد له بعدها رياسة، فلما رأى "جيبال" ذلك حلقرأسه ثم أحرق نفسه بالنار، فاحترق بنار الدنيا قبل الآخرة.
غزا السلطان "محمود" بعد ذلك أقاليم: "ويهنده"، و"الملتان"،و"بهاتندة"، ثم حارب "أناندابال"، وانتصر عليه، وأزال حكمه منشمال "الهند" تمامًا وقضى على سلطانه في "البنجاب", وبعد ذلكمباشرة عمل على نشر الإسلام الصحيح في كل نواحى "السند" إلى حوض "البنجاب".
تصدى السلطان "محمود" لمحاولة أمراء شمال "الهند" استعادة ما أخذالمسلمون، وانتصر عليهم في معركة هائلة سنة 398هـ، وفتح أحصن قلاع "الهند"قلعة "بيهيمنكر" على جبال "الهملايا"، وأخضع مدينة "ناردبين"أحصن وأقوى مدن إقليم "الملتان".
وفيسنة 408هـ فتح السلطان "محمود" إقليم "كشمير"، وحوله لبلدمسلم، وكان لهذا الفتح صدى بعيد نتج عنه دخول العديد من أمراء "الهند"في الإسلام، وعبر السلطان "محمود" بجيوشه نهر "الكنج" أو "الجانح"وهدم نحو عشرة آلاف معبد هندوسى، ثم هاجم أكبر مراكز "البراهمة" في "موجهاوان"وواصل تقدمه وهو يحطم أية قوة هندية تبرز له، ويحول المعابد الهندوسية إلى مساجديعبد الله فيها وحده، وقد أخذ السلطان "محمود" على عاتقه نشر الإسلام فيبلاد الهند والقضاء على الوثنية فيها، وبلغ في فتوحاته إلى حيث لم تبلغه فيالإسلام راية ولم تتل به قط سورة ولا آية.
فتح سومنات:
استمر السلطان "محمود بن سبكتكين" في حملاته وفتوحاته لبلاد "الهند"وكان كلما فتح بلدًا أو هدم صنمًا أو حطم معبدًا قال الهنود: إن هذه الأصناموالبلاد قد سخط عليها الإله "سومنات" ولو أنه راضٍ عنها لأهلك من قصدهابسوء، ولم يعر السلطان "محمود" الأمر اهتمامه حتى كثرت القالة، وأصبحتيقينًا عند الهنود، فسأل عن "سومنات" هذا, فقيل له: إنه أعظم أصناموآلهة الهنود، ويعتقد الهنود فيه أن الأرواح إذا فارقت الأجساد اجتمعت إليه علىعقيدة التناسخ فيعيدها فيمن شاء، وأن المد والجزر الذي عنده إنما هو عبادة البحرله.
يقع "سومنات" على بعد مائتي فرسخ من مصب نهر "الجانح" بإقليم "الكوجرات"في غرب الهند، ولهذا الصنم وقف عشرة آلاف قرية، وعنده ألف كاهن لطقوس العبادة،وثلاثمائة رجل يحلقون رءوس ولحى زواره، وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنونويرقصون على باب الصنم، وأما الصنم "سومنات" نفسه فهو مبني على ستوخمسين سارية من الصاج المصفح بالرصاص، و"سومنات" من حجر طوله خمسةأذرع، وليس له هيئة أو شكل بل هو ثلاث دوائر وذراعان.
عندما اطلع سلطان الإسلام السلطان "محمود" على حقيقة الأمر عزم على غزوهوتحطيمهن وفتح معبده؛ ظنًّا منه أن "الهند" إذا فقدوه ورأوا كذب ادعائهمالباطل دخلوا في الإسلام، فالسلطان "محمود" لا يبغي من جهاده سوى خدمةونشر الإسلام, فاستخار الله وخرج بجيوشه ومن انضم إليه من المتطوعينوالمجاهدين وذلك في 10 شعبان سنة 416هـ، واخترق صحاري وقفار مهلكة لا ماء فيها ولاميرة، واصطدم بالعديد من الجيوش الهندية وهو في طريقه إلى "سومنات"، معالعلم أنه أعلم الجميع بوجهته وهدفه، ليرى الهنود إن كان "سومنات" سيدفععن نفسه أو غيره شيئًا.
بلغ السلطان "محمود" بجيوشه مدينة "دبولواره" على بعد مرحلتين من "سومنات"،وقد ثبت أهلها لقتال المسلمين ظنًّا منهم أن إلههم "سومنات" يمنعهمويدفع عنهم، فاستولى عليها المسلمون، وحطموها تمامًا، وقتلوا جيشها بأكمله، وسارواحتى وصلوا إلى "سومنات" يوم الخميس 15 ذي القعدة سنة 416هـ، فرأوا حصنًاحصينًا على ساحل النهر، وأهله على الأسوار يتفرجون على المسلمين واثقين أن معبدوهميقطع دابرهم ويهلكهم.
وفي يوم الجمعة 16 ذي القعدة وعند وقت الزوال كما هي عادة المسلمين الفاتحين زحفالسلطان "محمود" ومن معه من أبطال الإسلام، وقاتلوا الهنود بمنتهىالضراوة، بحيث إن الهنود صعقوا من هول الصدمة القتالية بعدما ظنوا أن إلههم الباطلسيمنعهم ويهلك عدوهم، ونصب المسلمون السلالم على أسوار المدينة وصعدوا عليهاوأعلنوا كلمة التوحيد والتكبير وانحدروا كالسيل الجارف داخل المدينة، وحينئذ اشتدالقتال جدًّا وتقدم جماعة من الهنود إلى معبدوهم "سومنات" وعفروا وجوههموسألوه النصر، واعتنقوه وبكوا، ثم خرجوا للقتال فقتلوا جميعًا, وهكذا فريق تلوالآخر يدخل ثم يقتل, وسبحانه من أضل هؤلاء حتى صاروا أضل من البهائم السوائم، قاتلالهنود على باب معبد الصنم "سومنات" أشد ما يكون القتال، حتى راح منهمخمسون ألف قتيل، ولما شعروا أنهم سيفنون بالكلية ركبت البقية منهم مراكب في النهروحاولوا الهرب، فأدركهم المسلمون فما نجا منهم أحد، وكان يومًا على الكافرينعسيرًا، وأمر السلطان "محمود" بهدم الصنم "سومنات" وأخذأحجاره وجعلها عتبة لجامع غزنة الكبير شكرًا لله U.=arab>
أعظم مشاهد المعركة:
لهذا المشهد نرسله بصورة عاجلة لكل الطاعنين والمشككين في سماحة وعدالة الدين الإسلامي،وحقيقة الجهاد في سبيل الله وأن هذا الجهاد لم يرد به المسلمون أبدًا الدنياوزينتها، بل كان خالصًا لوجه الله، ولنشر دين الإسلام وإزاحة قوى الكفر وانطلاقًامن طريق الدعوة الإسلامية.
أثناء القتال الشرس حول صنم "سومنات" رأى بعض عقلاء الهنود مدى إصرار المسلمينعلى هدم "سومنات" وشراستهم في القتال حتى ولو قتلوا جميعًا عن بكرةأبيهم، فطلبوا الاجتماع مع السلطان "محمود"، وعرضوا عليهم أموالاً هائلة،وكنوزًا عظيمة في سبيل ترك "سومنات" والرحيل عنه، ظنًّا منهم أنالمسلمين ما جاءوا إلا لأجل الأموال والكنوز فجمع السلطان "محمود"قادته، واستشارهم في ذلك، فأشاروا عليه بقبول الأموال للمجهود الضخم والأموالالطائلة التي أنفقت على تلك الحملة الجهادية، فبات السلطان "محمود" طولليلته يفكر ويستخير الله ، ولما أصبح قرر هدم الصنم "سومنات"، وعدم قبول الأموالوقال كلمته الشهيرة: "وإني فكرت في الأمر الذي ذكر، فرأيت إذا نوديت يومالقيامة أين "محمود" الذي كسر الصنم؟ أحب إليَّ من أن يقال: الذي تركالصنم لأجل ما يناله من الدنيا؟!".
وهكذا نرى هذا الطراز العظيم من القادة الربانيين الذين لم تشغلهم الدنيا عن الآخرة، ولاأموال الدنيا وكنوزها عن نشر رسالة الإسلام وخدمة الدعوة إليه، والذين ضربوا لناأروع الأمثلة في بيان نصاعة وصفاء العقيدة الإسلامية، وأظهروا حقيقة الجهاد فيسبيل الله وغاياته النبيلة.