كيف تمدد تنظيم "الدولة" رغم ضربات التحالف الدولي؟!
على وقع غارات التحالف الدولي المستمرة منذ نحو أسبوعين ضد مواقع "تنظيم الدولة" في العراق وسوريا، ازداد في المقابل هجوم التنظيم وسيطرته على العديد من المناطق، داخل الأراضي السورية والعراقية.
فقد سيطر التنظيم على أجزاء واسعة من مدينة عين العرب (كوباني) السورية الحدودية مع تركيا، في المقابل بات مقاتلو التنظيم على بعد 6 أميال فقط عن العاصمة العراقية بغداد.
في أثناء ذلك، قال وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا، خلال لقاء مع قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، مساء الثلاثاء: "إن سقوط العاصمة العراقية بغداد بأيدي مسلحي تنظيم الدولة، بات أمراً حتمياً".
وأضاف بانيتا: "أعتقد أن الحرب ستستمر نحو ثلاثين عاماً، وستكون صعبة، وقد يمتد تهديد التنظيم المتطرف إلى ليبيا ونيجيريا والصومال واليمن"، على حد قوله.
تُوْجع لكنها تُقوِّي
وقد مضى على بدء غارات التحالف على "تنظيم الدولة" أكثر من أسبوعين، ولكن ما زال يتمتع التنظيم بقوته، ويقاتل على جبهتين في وقت واحد، على الرغم من إعلان التحالف أنه قتل المئات من مقاتلي التنظيم، وألحق بهم خسائر فادحة.
وقال الناشط رامان مصطفى، المرابط في عين العرب (كوباني)، في تصريح لــ"الخليج أونلاين": "إن الضربات التي يتلقاها التنظيم لا تلحق الأذى به، بل على العكس، بتنا نرى أعداد مقاتلي داعش تزيد، وسيطرتهم وتمددهم يزداد، حتى أصبحنا نعتقد أن غرفة عمليات التحالف التي يتم منها توجيه الضربات مخترقة".
وفي العراق، بات التنظيم على بعد 6 أميال فقط من قلب العاصمة بغداد؛ بسيطرته على بلدة "الضلوعية" شمال بغداد، إذ باتت العاصمة العراقية أقرب من أي وقت مضى إلى السقوط في قبضة "تنظيم الدولة"، على الرغم من استمرار قصف التحالف الدولي لمواقع التنظيم".
ويرى العميد المتقاعد أحمد رحال، أن "السر وراء محافظة داعش على قوتها، هو أن التحالف لا يعمد إلى القضاء على التنظيم، بل يقوم بقصف المواقع التي يستخدمها كموارد اقتصادية له، أي تعمل على تقليم أظافرهم فقط دون قلعها"، على حد وصفه.
وأضاف في حديثه لــ"الخليج أونلاين": "إن الغارات الجوية وحدها لا تكفي، إذ من المفروض أن تكون هناك قوات برية تدعم الغارات على الأرض، وهي غير موجودة لا في سوريا ولا في العراق".
واستطرد قائلاً: "في العراق، على الرغم من إعلان الولايات المتحدة أن الجيش العراقي شريك لها في الحرب، فإن المالكي حوّله إلى مليشيات طائفية، تستقوي على العزّل، وقد شاهدنا الجيش العراقي كيف فر من أمام داعش، وحتى البيشمركة لا تستطيع الدفاع عن غير المناطق الكردية، لأن ظهرها سيكون مكشوفاً، وستكون عرضة للهزيمة أمام داعش، وبالنسبة للقوات الإيرانية، فإن طهران أرسلت 2300 جندي فقط لحماية المراقد الشيعية في سامراء، وحتى إن دخلوا في مواجهة مع التنظيم، فسيكونون فريسة له؛ لعدم وجود المدد الكافي لهم، ومن ثم فقد باتت غارات التحالف عديمة الفائدة في العراق، وداعش ستسيطر على بغداد في وقت قريب إن استمر الحال على ما هو عليه".
وحول تقدم "تنظيم الدولة" في عين العرب (كوباني)، قال رحال: "إن القوات الكردية في كوباني لن تصمد طويلاً أمام داعش، فهي غير مؤهلة لقتال التنظيم الذي يملك رؤية وخطة واستراتيجية عسكرية واضحة مكنته من القتال على جبهات عدة، وهو قادر على القتال على جبهات أخرى أيضاً، فمقاتلو داعش، جلهم تدربوا في جيش صدام حسين على الحرب النظامية وحرب العصابات، كما أنهم خاضوا حرب عصابات طاحنة ضد الأمريكيين في العراق وأفغانستان، وهم الآن يستخدمون أسلحة اغتنموها من النظام السوري والعراق".
وأشار الرحال إلى أن "القوة الوحيدة التي تستطيع وضع حد لداعش برياً هي تركيا، التي ما زالت ترفض التدخل عسكرياً حتى اللحظة لاعتبارات سياسية وأمنية"، مشيراً إلى أنه "إن لم تتدخل قوة برية قادرة على ردع داعش، فإنها ستسيطر على بغداد ودمشق، وسيصل خطرها الأردن والكويت والسعودية، عما قريب"، على حد قوله.
الحل في تركيا
وفي المقابل، تراقب الحكومة التركية عن كثب ما يجري في العراق وسوريا، وتحديداً على جبهة عين العرب (كوباني)، ولكنها أكدت مراراً وتكراراً أنها لن تتدخل خارج حدودها ضد "تنظيم الدولة"؛ لاعتبارات هي تراها، وستكتفي بتوجيه الدعم الإنساني للمتضررين.
ويرى الكاتب التركي محمد زاهد غول "أن غارات التحالف ضد داعش ستكون فاشلة كسابقتها ضد التنظيمات المتطرفة في العراق وأفغانستان واليمن، لأن الحل، كما قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، لا يمكن حله بالقصف العسكري وحسب، بل يجب أن يكون حلاً سياسياً واجتماعياً للأسباب التي أظهرت هذا الفكر".
وأضاف في حديثه لــ"الخليج أونلاين: "إن تركيا لن تتدخل في كوباني ما لم يكن هناك خطر على حدودها وأراضيها، وأي صراع خارج حدودها لا يعنيها، وستكتفي بالدعم الإنساني"، على حد قوله.
وأشار غول إلى أنه "ما لم ينفذ حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، الشروط التي طلبتها تركيا منه لدعمه، وهي إنهاء الحكم الذاتي الذي فرضه الحزب بقوة السلاح على المناطق الكردية شمال سوريا؛ لأن ذلك لم يكن بالتوافق مع الكتل السورية، وقطع العلاقات مع نظام الأسد، فإنها ستحافظ على موقفها".
ورأى زاهد غول "أن تركيا لن تدخل في التحالف ضد داعش ما لم يكن يشمل الهجوم على نظام بشار الأسد، الأولى بالمحاربة لأنه سبب الإرهاب في المنطقة"، على حد تعبيره.