قرارات الحكومة.. مسكنات اجتماعية أو نية في الإصلاح؟
لازالت السلطة تجود على الجزائريين بإجراءات جديدة، تضمنت تسهيلات إدارية وزيادة في الأجور وتخفيض في الأسعار، بالإضافة إلى تقليص مدة الخدمة الوطنية ومعالجة سحب رخص السياقة في ولاية الإقامة، وانفتاح غير مسبوق على المجتمع المدني والأحزاب، وعزم على توزيع 230 ألف وحدة سكنية، ما يجعل المواطن يعيش فترة عسل مع السلطة.
استقبل الجزائريون بارتياح الإجراءات الجديدة التي أعلنتها الحكومة، والتي تتعلق بتقليص مدة الخدمة الوطنية من 18 شهرا إلى 12 شهرا ومعالجة سحب رخصة السياقة في ولاية الإقامة، وتمديد صلاحية شهادة الميلاد من سنة إلى عشرة سنوات، وتخفيض أسعار الميترو والترامواي، وقبلها تم الإعلان عن رفع معاشات المتقاعدين وإلغاء المادة 87، ما سيسمح بزيادات معتبرة للأجور، ورفع قيمة تمويل مشاريع "أونساج" و"كناك" مع تقليص الملف إلى وثيقة واحدة ومدة الرد على المشروع إلى 15 يوما.
كما تم الإعلان عن رفع أجور العاملين في إطار عقود ما قبل التشغيل من 12 إلى 18 ألف دينار، وإلزام المؤسسات بإدماج هذه الشريحة بعد سنتين من الخدمة، وأقرت الحكومة إجراءات جديدة لتحسين الوضعية المهنية لمختلف القطاعات على غرار الزيادة في أجور الأطباء وأعوان الحرس البلدي وإدماج الأساتذة المتعاقدين، والإعلان عن إجراءات الاستفادة من بطاقة الصحفي المحترف، وتقليص مدة الرد على طلبات التوظيف إلى 5 أيام.
وقبل أشهر قليلة، أعلنت وزارة الداخلية تخفيف الوثائق الإدارية، ما اعتبره كثيرون بمثابة عقد صلح بين المواطن والإدارة، حيث أقرت الإجراءات الجديدة تعميم استخراج وثائق الحالة المدنية في جميع البلديات بعد ربط مصالح الحالة المدنية بسجل إلكتروني يمكّن المواطن من استخراج الوثائق الخاصة به دون التنقل لمقر بلدية الإقامة، بالإضافة إلى تقليص وثائق ومدة استخراج البطاقة الوطنية من 15 يوما إلى ساعتين، وجواز السفر العادي في يوم واحد وجواز السفر البيومتيري خلال 15 يوما.
وأعلنت وزارة السكن توزيع 230 ألف وحدة سكنية قبل رمضان، ما بعث حلم الكثيرين في الإقامة في سكن جديد، حيث نزل خبر بعث عملية الترحيل التي ستشمل 23 ألف عائلة بردا وسلاما على قاطني السكنات الهشة والبيوت القصديرية والأحياء الشعبية، الذين يعيشون أسعد أيامهم.
في المجال السياسي تعيش الجزائر حالة من المرونة والانفتاحر، بتوسيع مشاورات تعديل الدستور إلى مختلف أطياف الطبقة السياسية والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية، كما تعزز المشهد الإعلامي بميلاد عشرات القنوات التلفزيونية الخاصة، ما ساهم في توسع دائرة الانتقاد وتعدد الآراء وخلق مساحات إضافية للتعبير.
هذه بعض القرارات والإجراءات الجديدة التي أقرتها السلطة في مدة قصيرة لم تتعد خمسة أشهر، جعلت المواطنين يتنفسون الصعداء ويتحررون من بعض القيود الإدارية والبيروقراطية التي طالما شكلت لهم هاجسا في حياتهم اليومية .
وقد انقسم مواطنون ومختصون بين الرضا والتشكيك في قرارات الإصلاح التي أقرتها الحكومة مؤخرا، حيث اعتبر عدد كبير من المتقاعدين الزيادات الأخيرة في المعاشات بالزهيدة، وشكل تخفيض مدة الخدمة الوطنية "لا حدث" عند بعض الشباب الذين كانوا ينتظرون الإلغاء الكلي للخدمة الوطنية، في حين يشكك حقوقيون في نية السلطات في الإصلاح الحقيقي.