اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم صلاة الجماعة على أقوال عدة :
أصحها : أن صلاة الجماعة في المسجد واجبة ، وعليه تدل الأدلة الشرعية .
وهو قول عطاء بن أبي رباح والحسن البصري والأوزاعي وأبي ثور ، والإمام أحمد في ظاهر مذهبه ، ونص عليه
الشافعي في " مختصر المزني " فقال : " وأما الجماعة فلا أرخص في تركها إلا من عذر " .
وأما الأدلة على الوجوب فكما يلي :
1. قال الله تعالى : { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم
طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك } النساء / 102 .
قال ابن المنذر :
ففي أمر الله بإقامة الجماعة في حال الخوف : دليل على أن ذلك في حال الأمن أوجب .
أما من السنة:
1- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: \"أتى النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - رجلٌ أعمى، فقال: يا رسول الله،
إنَّه ليس لي قائدٌ يقودني إلى المسجد. فسأل رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنْ يرخص له، فيصلي في بيته، فرخَّص له، فلما ولَّى، دعاه
فقال: ((هل تسمع النداء بالصلاة؟))، فقال: نعم، قال: ((فأجب))\".
رواه مسلم
2- وعن ابن أم مكتوم - رضي الله عنه - أنَّه سألَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: \"يا رسولَ الله، إنِّي رجل ضرير
البَصَر، شاسع الدار، ولي قائد لا يُلائمني، فهل لي رخصة أنْ أصلي في بيتي؟ قال: ((هل تسمع
النداء؟))، قال: نعم، قال: ((لا أجد لك رخصة))\".
وفي لفظٍ أنَّه قال: يا رسول الله، إن المدينة كثيرة الهوام والسباع، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((أتسمع حيَّ على الصلاة، حيَّ على الفلاح؟ فحَيَّ هَلاً))
. رواه أبو داود بإسناد حسن ومعنى ( حي هلا) : تعال.
3- عن أبي هريرة: ان رسول الله صل الله عليه وسلم قال :
((والذي نفسي بيده، لقد هَمَمْتُ أنْ آمر بحطب ليحطب، ثم آمر بالصلاة، فيؤذن لها، ثم آمر رَجلاً، فيؤم الناس، ثم أُخَالِف إلى رجالٍ،
فأُحرِّق عليهم بيوتَهم، والذي نفسي بيده، لو يعلم أحدهم أنه يجد عَرْقًا سَمينًا ، أو مِرْمَاتَيْنِ حَسَنَتَيْنِ ، لشهد العشاء)) متفق عليه.
وفي هذا الحديث دلالة على أن صلاة الجماعة فرض عين .
4- وعن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: \"مَن سَرَّه أن يلقى الله - تعالى - غدًا مُسلمًا، فليحافظْ على هؤلاء
الصلوات؛ حيث ينادَى بهن، فإنَّ الله شرع لنبيكم - صلى الله عليه وسلم - سُنَنَ الهدى، وإنَّهن من سنن الهدى، ولو أنَّكم صليتم في بيوتكم كما يُصلي
هذاالمتخلف في بيته، لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنةَ نبيكم، لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلاَّ مُنافق معلوم النِّفاق، ولقد كان الرجلُ يُؤتى به،
يُهَادَى[4] بين الرَّجُلَين؛ حتى يقام في الصف\"؛ رواه مسلم.
يهادى بين الرجلين : اي من شدة المرض