المختصون يشددون على حماية سلامتهم الجسدية قبل النفسية
ثقل المحفظة وإضرابات المعلمين أكبر عقدة نفسية للتلاميذ
وجهت وزارة التربية تعليمة إلى مديري الصحة في المناطق التي ستستقبل تلاميذ العائلات المرحلة لتجنيد الأطباء النفسانيين الموجودين في وحدات الكشف المدرسي لمرافقتهم بداية من الدخول المدرسي المقبل، فيما تشرع الوزيرة بن غبريط ابتداء من اليوم في استقبال نقابات القطاع لإعادة بعث الحوار، في محاولة لامتصاص غضبهم بعد “الأزمة” التي أحدثتها تصريحاتها الأخيرة.
أمرت وزارة التربية مديري التربية الموزعين في مختلف ولايات الوطن بالتجند تحسبا لموجة التغيير التي ستعرفها المؤسسات التربوية من مختلف الأطوار، تبعا لعمليات الترحيل وإعادة الإسكان التي ستشهدها الولايات قبل نهاية العام.
وقالت مصادر من الوزارة إن تعليمات صارمة وجهت لمديري المؤسسات التربوية لتجنيد الأطباء النفسانيين العاملين على مستوى وحدات الكشف المدرسي بهدف مرافقة التلاميذ المرحلين، بالموازاة مع تخصيص مناصب مالية جديدة تحسبا لأي عجز في التأطير.
وشددت الوصاية على ضرورة تمكين هؤلاء النفسانيين من جميع الوسائل اللازمة للتكفل بهذه الفئة من التلاميذ على وجه الخصوص، باعتبارهم سيواجهون مرحلة انتقالية سواء في المحيط الذين سيحتضنهم أو المؤسسة التربوية التي تستقبلهم، تجنبا للمشاكل النفسية التي ظهرت بعد عمليات الترحيل التي شهدتها مختلف بلديات ولاية بومرداس بعد زلزال 2003، حيث ظهرت ردود فعل عدوانية لدى بعض التلاميذ تجاه المعلمين وحتى زملائهم في نفس القسم، إضافة إلى حالات الانعزال المسجلة لديهم، وهو ما أكده رئيس جمعيات أولياء التلاميذ خالد أحمد في تصريح لـ “الخبر”، حيث قال إن أحداث العنف واستعمال الأسلحة البيضاء ضد الشباب المرحلين السنة الماضية أكبر دليل على ما يمكن أن يتعرضوا له من اضطرابات نفسية جراء هذا الاحتكاك.
وبحسب محدثنا، فإن وزارة التربية مطالبة بالإضافة إلى تكثيف المرافقة النفسانية، بتوفير الأمن للتلاميذ قبل عملية الترحيل، لتجنب هذه الاعتداءات باعتبارها تؤثر مباشرة في التحصيل العلمي لهم، وتعتبر المناوشات الكلامية والجسدية التي عرفتها الأحياء الجديدة العام الماضي انعكاسا مباشرا لعدم التفكير في توفير جميع الشروط لضمان استقرار نفسي خاصة لتلاميذ المتوسطات والثانويات، باعتبارهم مراهقين ومعرضين لمختلف أنواع الأزمات النفسية.
ومن هذا المنطلق، فعلى السلطات المعنية توفير الأمن قبل توفير السكن، خاصة خلال الأشهر الأولى التي تلي عمليات الترحيل، يقول خالد أحمد الذي أشار إلى أن أهم المشاكل النفسية التي تظهر عند تلاميذ العائلات المرحلة الذين يجدون صعوبة في التأقلم داخل الحي الجديد، وكذا في المؤسسة التربوية التي ينتقلون إليها، ترتبط أساسا بالاعتداءات الجسدية واللفظية، وتصل إلى حد تغير سلوك التلميذ وظهور سلوكات عدوانية كرد فعل على واقع معيشي جديد لم يُستشر فيه.
من جهته قال رئيس نقابة الأطباء النفسانيين إن الحديث عن المرافقة النفسية للتلاميذ لا بد أن يكون مرتبطا بتوفير وسائل العمل للمختصين النفسانيين على مستوى وحدات الكشف المدرسي، وهو أمر لازال لم يتحقق بعد، رغم الدور الكبير الذي يلعبه هؤلاء في إطار مهامهم اليومية و “غير المناسباتية”.
وبحسب كداد خالد، فإن المشاكل النفسية ليست مطروحة لدى التلاميذ المرحلين بنفس الحدة المسجلة لدى التلاميذ الذي ينتقلون من طور إلى آخر، حيث تتولد لديهم حالات انطواء تسبب لهم تراجعا ملموسا في مستواهم التعليمي، ويرى ممثل الأطباء النفسانيين بالمقابل بأن المعاينات التي قام بها المختصون الموجودون على مستوى وحدات الكشف المدرسي أثبتت بأن البرامج المكثفة وتراجع مستوى التعليم وعدم التكفل بانشغالات عمال القطاع وما نتج عنها من إضرابات، كلها عوامل أثرت سلبا في نفسية التلميذ وسببت له عقدة تحول دون استيعابه للبرامج الدراسية.
وأول ما يشتكي منه التلميذ اليوم، يضيف محدثنا، ثقل المحفظة وما نتج عنه من مشاكل صحية لديهم، والوزيرة مطالبة في هذه الحالة بتخفيف وزن هذه الأخيرة لحماية سلامة التلميذ الجسدية قبل التفكير في حماية صحته النفسية.