جدل سوري ـ أمريكي حول الدخول في حوار مباشر
ضغوط دولية من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين
يواجه الملايين من الشعب السوري خطر الموت جوعا وبردا، إن لم يلقوا حتفهم بالبراميل المتفجرة أو بنيران وقنابل أطراف الصراع في سوريا، في ظل عدم تمكن الجولة الأولى من جنيف 2 من تحقيق تقدم فعلي على الأرض، وعدم وصول المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في حمص وغيرها بالشكل المطلوب.
في حصيلة هي الأكثر دموية منذ فترة، قتل 85 شخصا بالبراميل المتفجرة في حلب، أول أمس إلى صبيحة أمس، من بينهم 65 مدنيا منهم 10 أطفال، والبقية عناصر من جبهة النصرة، ومجهولو الهوية.
وفي غضون ذلك قال ناشطون سوريون إن مقاتلي المعارضة سيطروا على معظم ريف حلب الشمالي والغربي، وبعض الأحياء الشرقية للمدينة، فيما تسيطر القوات الحكومية على أحياء في الريف الغربي والجنوبي، وصولاً إلى مطار حلب الدولي.
هذا ما دفع وزير الخارجية التركي داوود أوغلو إلى انتقاد الأمم المتحدة بشدة، حيث قال في مؤتمر ميونيخ أمس، إن ”الأسرة الدولية تظهر عجزها في سوريا، كما أظهرت عجزها طوال ثلاث سنوات في البوسنة أو في رواندا لسنوات”، مضيفا أن ”الأمم المتحدة طلبت المغفرة لإفلاسها في البوسنة.. وعاجلاً أم آجلاً سيتوجه الأمين العام للأمم المتحدة إلى حمص واليرموك ليطلب المغفرة”.
وشدد داوود أوغلو قائلا سواء ”أكانت الصين أو روسيا أو الولايات المتحدة أو فرنسا أو أي دولة أخرى عضو.. على مجلس الأمن الدولي التحرك الآن”، داعياً خصوصاً إلى أن يتم في أقرب فرصة تبني قرار يتيح نقل المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة.
الأمم المتحدة تضغط لإرسال مساعدات إنسانية
وتعتزم دول عربية وغربية في الأمم المتحدة تشديد الضغط على دمشق للحصول على تسهيلات أفضل لإرسال المساعدات الإنسانية وتسريع عملية إزالة الأسلحة الكيمياوية.
ويجري حالياً إعداد مشروع قرار في مجلس الأمن للمطالبة بإمكانية وصول المساعدات الإنسانية إلى ثلاثة ملايين مدني محاصرين في حمص (وسط) وفي مدن أخرى، كما صرح دبلوماسيون غربيون.
وقامت دول عربية من جهة، وأستراليا ولوكسمبورغ من جهة أخرى، بصياغة مشروعي قرار يمكن أن يجمعا في نص واحد لطرحه على مجلس الأمن الدولي.
وأوضح دبلوماسيون غربيون أنه لن يتخذ أي قرار قبل عقد اجتماع الإثنين في روما حول الأزمة الإنسانية، مشيرين إلى ضرورة التريث لرؤية ما إذا كان بإمكان موسكو أن تقنع حليفها السوري بفتح حمص أمام القوافل الإنسانية. وقال دبلوماسي إن ”روسيا ليس لديها أي رغبة في تعطيل أي قرار إنساني”.
واعتبرت مسؤولة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة، فاليري أموس، أنه ”من غير المقبول قطعاً” أن يبقى 2500 مدني محاصرين منذ 600 يوم في مدينة حمص القديمة، وآخرون في منطقة الغوطة بريف دمشق، فيما شاحنات الأمم المتحدة على أهبة الاستعداد للذهاب لإغاثتهم. وقالت ”إن رجالاً ونساءً وأطفالاً يموتون دون سبب في كل أرجاء البلاد، وآخرين جياع من دون مياه للشرب ولا إسعافات طبية”.
وصرح وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بأن ”هناك أسباباً ملحة لاستئناف النقاش حول الأزمة الإنسانية (في سوريا) في مجلس الأمن الدولي”.
سوريا تصر على اعتذار الولايات المتحدة
في سياق آخر قال وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، أمس إن وفد بلاده إلى مؤتمر ”جنيف 2” يرفض الدخول في حوار مباشر مع الولايات المتحدة الأمريكية، طالما لم يعتذر وزير الخارجية الأمريكي جون كيري عن تصريحاته في افتتاح المفاوضات حول تسوية النزاع السوري في جنيف.
وأضاف المعلم خلال لقاء صحافي أثناء عودته إلى دمشق على متن طائرة خاصة ”بصراحة طلب الأمريكيون ذلك في مونترو وأنا رفضت ما لم يعتذر كيري عما قاله في المؤتمر”. بحسب الوكالة الرسمية السورية ”سانا”.
غير أن وزارة الخارجية الأمريكية نفت، أمس، أن تكون عرضت على الوفد السوري في مؤتمر جنيف 2 إجراء محادثات مباشرة، كما أكد وزير الخارجية السوري وليد المعلم. وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، جنيفر بساكي، لوكالة فرانس برس، بأن ”الولايات المتحدة اقترحت على السوريين إجراء اتصالات ”على مستوى المعاونين” تحت إشراف مشترك للوسيط الأممي الخاص الأخضر الإبراهيمي والأمم المتحدة”.
من جهته أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في كلمة أثناء مؤتمر ميونيخ، أول أمس أن روسيا بمفردها لا يمكن أن تفعل شيئا ولا حتى الولايات المتحدة تستطيع فعل شيء لوحدها.. ”لكننا سوية نستطيع.. يجب أن نتحلى بالصبر واتباع مبدأ التسلسل”.
وأشار لافروف إلى وجود تقدم في الملف الإنساني في مخيم اليرموك الفلسطيني ”تم فك حصاره أخيرا ويتم إيصال المساعدات إلى هناك رغم محاولات بعض المسلحين الإعاقة..”، وأضاف ”لا داعي لجعل الوضع تحت الإنذار والتهديد بخصوص مواعيد تنفيذ خطة عمل الكيميائي، هل هذا سيساعد.. طبعا لا”.
وكان وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، طلب من نظيره الروسي، سيرغي لافروف، خلال لقائهما يوم الجمعة الماضي، في مدينة ميونخ الألمانية، الضغط على السلطات السورية للتعجيل بالتخلص من الأسلحة الكيماوية، مشيرا إلى أن ”وتيرة نقل الكيماوي غير مقبولة”.