فتح صخرة دفاع المنتخب الوطني السابق فضيل مغارية قلبه في حوار صريح، تحدث من خلاله عن حظوظ منتخبنا الوطني في بلوغ مونديال البرازيل 2014 بعد الهزيمة بواغادوغو ذهابا بنتيجة ثلاثة أهداف لاثنين، وعاد ابن مدينة الشلف بنا إلى الوراء وتحديدا إلى كأس العالم سنة 1986 والتي أقيمت بالمكسيك، وكشف مغارية عن الأسباب التي جعلتهم يودعون المنافسة من الدور الأول بالرغم من امتلاكهم مجموعة تنبأ لها الكل بالذهاب بعيدا، إلا أن الخضر خرجوا حينها مبكرا من الدورة نتيجة لخلافات ومشاكل كبيرة طفت على السطح على حد قوله.
في البداية، سنتحدث عن حظوظ المنتخب الوطني في بلوغ نهائيات كأس العالم، وهل ترى بأن الخضر قادرون على حسم البطاقة بالبليدة؟
بطبيعة الحال، فأنا شخصيا متفائل للغاية في هذا الخصوص، ولن أبالغ إن قلت لكم بأن حظوظنا في التأهل إلى مونديال البرازيل العام القادم تتجاوز الـ95 بالمائة، لأن النتيجة التي سجلناها حتى وإن كانت هزيمة، لكننا وقعنا هدفين بعيدا عن الديار، وهو أمر في غاية الأهمية، ويعطينا أفضلية كبيرة، وما يزيد من ثقتي هو الأداء الجيد الذي أظهره لاعبونا في واغادوغو، ومن وجهة نظري فإن لقاء بوركينا فاسو يعد من بين المواجهات الأحسن التي شاهدناها للجيل الحالي، وهو أمر يبشر فعلا بالخير ويجعلني متيقنا بأن عرسا آخر سيقام يوم 19 نوفمبر المقبل.
ألا ترى بأن منتخب بوركينا فاسو قادر على إحراج أشبال خاليلوزيتش بملعب البليدة؟
إذا لعبنا بنفس الأداء والروح القتالية والعزيمة التي أظهرناها في مباراة الذهاب، فإن منتخب بوركينا فاسو سيكون دون أنياب، وذلك ليس تقليلا مني لشأن هذا المنتخب الذي يجب مع كل الأحوال الحذر منه ومعاملته بكل احترام تفاديا للمفاجآت، ويجب أن أؤكد على شيء مهم للغاية وهو أن منتخب بوركينا فاسو الذي لعبنا ضده ذهابا يختلف كثيرا من حيث المستوى عن الذي شاهدناه خلال نهائيات كأس أمم إفريقيا الماضية، حاليا لديهم عدة نقائص يمكننا استغلالها، لأن لديهم دفاعا ثقيلا جدا يسهل اختراقه، كما أن حارس مرماهم ضعيف، وفي المجمل يملك المنتخب البوركينابي لاعبين خطيرين هما بيترويبا وبانسي، لكن إذا كنا في يومنا وأمام ملعب ممتلئ عن آخره في البليدة سنفوز عليهم بثلاثية على الأقل.
.
ما رأيك في خيارات مدرب المنتخب الوطني وحيد خاليلوزيتش، وهل أنت ممن يرون بأنها متناقضة؟نحن نشاهد المباريات في التلفاز فقط، ونتابع أخبار المنتخب عبر وسائل الإعلام، لذا لا يمكننا الحكم على خيارات المدرب الذي يعيش مع اللاعبين ويتصل بهم بشكل مستمر، هناك من يستغرب اعتماد خاليلوزيتش على جمال مصباح كمدافع أيسر وهو لا يشارك مع بارما، في حين يبقى غلام المتألق مع سانت ايتيان على مقاعد البدلاء، لكن كل هذا يرجع لقناعات المدرب، وعلينا أن نتركه يحضر مواجهة بوركينا فاسو في هدوء، لأنه يعرف اللاعبين أحسن منا، وفي الأول والأخير هو من سيتحمل مسؤولية النجاح أو الإخفاق.
.
هل أنت مع عودة نذير بلحاج إلى صفوف المنتخب مجددا؟لا، أبدا، أنا ضد ذلك جملة وتفصيلا، ليس لأنني لا أحب هذا اللاعب، بل على العكس اعتبره مدافعا أيسر ممتاز للغاية، لكن اعتراضي نابع من حيث المبدأ، فهو قد أعلن اعتزاله اللعب الدولي سابقا بمحض إرادته، ولم يجبره أحد على فعل ذلك، والمنتخب الوطني شيء مقدس وليس لعبة أو ملكية خاصة ندخلها ونخرج منها وقت ما نشاء، والسبب الذي يقف وراء اعتراضي أيضا هو أن عودة بلحاج ستسرق جهد بعض اللاعبين الذين ضحوا بكل شيء ولعبوا في ظروف قاسية في أدغال إفريقيا خلال تصفيات كأس العالم ويستحقون شرف التواجد في المونديال، وأعتقد بأن إعلان بلحاج رغبته في الرجوع نابعة فقط لاقتراب منتخبنا من حسم بطاقة التأهل للبرازيل، ولو لم يكن الأمر كذلك لما فكر في العدول عن اعتزاله الدولي، يضاف إلى كل ذلك، هو أنه ينشط في بطولة ضعيفة، ولا أرى انه بإمكانه تقديم الجديد للمنتخب.
.
ما الفرق بين هذا المنتخب، وذلك الذي خاض مونديال المكسيك 1986؟
هناك عدة فوارق واضحة بين الجيل الحالي ومنتخب 86، فنحن في ذلك الوقت مثلا لم نكن نملك كل هذه الإمكانيات المتوفرة للاعبين، من مراكز للتحضير، وسفريات خاصة، كما أن منتخبنا في مونديال المكسيك كان يتكون في 80 أو 90 بالمائة من لاعبين محليين، مطعمين بأسماء محترفة في أوروبا، وهي ميزة بالنسبة إلينا، لأننا كنا نقيم تربصا مغلقا كل أسبوع، مما مكننا من خلق مجموعة متجانسة وقوية دون انتظار تواريخ الفيفا مثلما يحدث حاليا، لأن الجيل الحالي معظمه من المحترفين.
.
هل صحيح ما يقال بأن المنتخب الوطني بقيادة سعدان في 1986 كان يسيّر بالهاتف؟هذه النقطة بالتحديد لا يمكنني الجزم فيها، رغم أن الكثيرين قالوا ذلك، وفي الحقيقة أنا لا أحب نشر غسيل المنتخب، وكما يقال بالعامية "اللي فات مات"، ولا داعي لتقليب صفحات الماضي، علينا التطلع فقط للقادم، والأولى بنا الوقوف مع المنتخب الحالي للوصول إلى الهدف المنشود.
.
لكن زملاءك السابقين تكلموا بكل صراحة عبر صفحات الشروق عن وجود مشاكل كبيرة أنذاك، أليس كذلك؟وأنا بدوري لا أنفي ذلك، وهذا الأمر يحدث داخل أكبر الأندية والمنتخبات في العالم وليس حكرا علينا، وأؤكد لكم بأنه سنة 86 كانت هناك مشاكل كبيرة وصراعات لا تنتهي بين الطاقم الفني واللاعبين، وهذا راجع في الأساس إلى أن الـ24 الذين توجهوا لخوض مونديال المكسيك أرادوا المشاركة كأساسيين وهذا غير ممكن بطبيعة الحال، لأن كرة القدم تلعب بـ11 لاعبا فقط فوق المستطيل الأخضر، وهنا دخلنا في دوامة لم نخرج منها إلا بعد مغادرة كأس العالم من الدور الأول.
هل تشير إلى أن المحترفين هم من أحدثوا تلك المشاكل؟البعض منهم دون ذكر أسمائهم أحدث مشاكل كبيرة، وحاولوا الضغط بقوة على المدرب رابح سعدان، ما أفقد المجموعة هدوءها وتركيزها، وتخيلوا معي أن اللاعبين المحترفين وقبل مباراتي البرازيل واسبانيا طلبوا من المدرب عدم تدوين أسمائهم ضمن قائمة الاحتياط إذا لم يشركهم كأساسيين، لأنهم لن يتواجدوا فوق أرضية الميدان أصلا والجلوس على مقاعد البدلاء، وهنا ازدادت الأمور تعقيدا، وبلغت الصراعات أوجها.
.
لكن ما سبب كل تلك الخلافات رغم أنكم تمثلون منتخبا واحدا اسمه الجزائر؟الطاقم الفني وجد نفسه عاجزا عن التحكم في الأمور بسبب الصراع العلني بين اللاعبين المحليين والمحترفين، فاللاعبون الذين كانوا ينشطون بأوروبا كانوا ينظرون إلى زملائهم هنا في الجزائر باستعلاء واحتقار، ولطالما كرروا بأنه من غير المعقول أن لا يلعبوا كأساسيين وهم الذين يحملون ألوان كبار الأندية في فرنسا، إلا أن مستوى الكرة الجزائرية محليا كان عاليا للغاية، ومعظم المحليين لديهم إمكانيات ربما أفضل، تضاف إلى الانسجام الموجود بيننا نتيجة للتربصات الأسبوعية، وأريد توضيح شيء مهم أيضا.
.
تفضل
ما أريد أن أؤكد عليه، وهو أن نقطة سلبية رافقت تاريخ الخضر في المونديال، وهي وجود "الحڤرة"، ففي مونديال 1982، بذل العديد من اللاعبين مجهودات كبيرة في التصفيات، لكنهم وجدوا أنفسهم خارج القائمة على غرار قاسي السعيد ومحيوز، وتكرر نفس السيناريو في كأس العالم بالمكسيك، وحرم كل من ياحي، سرباح، فرڤاني من المشاركة دون وجه حق، وخلال مونديال 2010 استبعد كل من زاوي سمير ورحو سليمان والبقية، وتم المجيء بأسماء لم تتعب ولم تذق مرارة السفر واللعب في أدغال إفريقيا، فهذا الأمر من وجهة نظري غير عادل تماما ويستحق المراجعة، وأتمنى أن لا يتكرر هذا الموقف مع المدرب وحيد خاليلوزيتش إذا تأهلنا إلى مونديال 2014.