تلك الوقفاتُ , هى أطياف فكر ,
وإنفعالاتُ قلبٍ وروح ,
فما كان منها موافقا لشرع الله ومنهاجه , فهو بتوفيق من الله وسداد ,
وله الحمد سبحانه وتعالى
وما كان منها من خطأ أو سهو أو نسيان
فمن نفسى ومن الشيطان
والله بريئ منها ورسوله
آلاء الرحمن فى خلق الإنسان ...وقفات قلم
( 1 )
غاية خلق الإنسان
كان من شرف الغاية التي خلق الله الإنسان من أجلها , أن تمنتها الملائكة الأبرار الأطهار , الذين لا يعصون الله طرفة عين , ويفعلون ما يؤمرون ,ولها خلق الله الإنسان ( آدم ) بيديه , ونفخ فيه من روحه , وعلمه الأسماء كلها , وهى الخلافة عن الله في الأرض ,وإذا كان لكل مُستخلف منهاجُ استخلاف ,
يضبطُ له مهمته , ويبين له أوامر الاستخلاف ونواهيه , فقد جاء منهاج استخلاف الإنسان على منهج العبودية لله
الذي يرسم له خرائط حركته , ويبين له الحكمة وراءها , وأولويات الحركة الإستخلافية , وآثارها الدنيوية والأخروية . منهاج متكامل عقيدة وتشريعا , أخلاقا ومعاملات ,
وإذا كانت عمارة الأرض ضمن منهج الاستخلاف, فقد جعلت قيم التعمير أعلى شأنا, وأسمى منزلة من التعمير نفسه, والالتزام بمنهج الاستخلاف في عموم حركة الإنسان هي أصل الفوز والنجاح الدنيوي والأخروي , بل جُعلت أسمى مراتب الاستخلاف , هي نشر المنهج , دعوة وجهادا .
وليست الخلافة الراشدة أمرا يسيرا, وشأنا هينا مُستطاعا من الجميع, فرُشد الخلافة الأرضية لا يأتي إلا بالالتزام الكامل بالمنهج , وضبط المسيرة الإنسانية على موازينه الربانية , التي لا يعتروها ميلٌ أو هوى , ولا يتطرق إليها نقصان . مما يستلزم مغالبة للنفس , وتعاليا على الأهواء , وبعدا عن الشهوات , ومخالفة للزائغين من الشياطين , إنسا وجنا .
وهذا المنهج القويم , منهاج سابغ للوجود الإنساني قلبا وقالبا , وحركة وسكونا , وصحة ومرضا , قوة وضعفا
بينه وبين الله , وبينه وبين نفسه , وبينه وبين أهله , وفى مجتمعه ووطنه , وفى وجوده الأرضى كله
يبيعُ فيها ( المؤمن ) المتبعُ لمنهاج الخلافة نفسه وماله وأهله لله , وتعكس خطواته الأرضية
هذا البيع الدائم لكل ما أوتى فى دنياه لصاحب الخلافة عنه
ولا سبيل إلى إنزال النفس عليه , والعمل به إلا بالاستعانة بالله , والالتصاق الدائم به , ومداومة اللجوء والتضرع إليه . طوال المسيرة البشرية الأرضية
وكل إستخلاف على غير منهج العبودية , هو إستخلاف باطل , فاقد لأركان وجوده , ومنعدمٌ فى ذاته , إذا يَخرجُ به الإنسان من طاعة ربه الذى أوجده وأناط به الإستخلاف, إلى طاعة نفسه وهواه , وإتباع الطواغيت , أعداء الله وأعداء منهاجه ( جنا كانوا أم إنسا ) .
إنها مهمة شاقةٌ عسيرة , أُسْجِدَّ الملائكة للإنسان ( سجود تشريف ) لأجلها , وأبتها السمواتُ والأرضُ والجبال
وأشفقن منها , وقد حملها الإنسان , فكانت رحمة الله المحيطة به , وجودا ومنهاجا
رضا فهيم
ونواصل بمشيئة الرحمن