الحكومة ضخت الملايير لاستصلاح الأراضي وحفر الآبار
أموال الفلاحين تنهب والمتهم فيضانات وحرائق!
علمت ”الخبر” بأن لجنة من رئاسة الجمهورية باشرت تحقيقاتها في أموال صندوق الدعم الفلاحي، الذي منح أموالا ضخمة لفلاحين وهميين، ساهم في الاستيلاء عليها ولاة ومسؤولون ومنتخبون وفلاحون وهميون منذ سنوات التسعينات.. وأكد متتبعون لهذا الملف، أن الملايير كانت تضخ سنويا على مدار 20 سنة كاملة لدعم الفلاحين، من أجل رفع الإنتاج، لكنها حوّلت إلى غير وجهتها، ولم تحقق أي نتيجة. وكانت أغلب التقارير التي تبرر هذا العجز، ترجع الأمر إلى ”العوامل المناخية”، خاصة الفيضانات والحرائق والجليد، لتبرير صرف الملايير على استصلاح الأراضي الفلاحية واقتناء العتاد على الورق لا غير.
صرفت على مدار 20 سنة دون فائدة
ملايير الدعم الفلاحي في جيوب أصحاب النفوذ ومافيا العقار
ضخت الحكومة على مدار 20 سنة كاملة، الملايير تحت غطاء ”الدعم الفلاحي” لتدخل جيوب مافيا الفلاحة وأصحاب النفوذ، الذين استغلوا استخفاف وزارة الفلاحة برقابة أموالها ليحوّلوها إلى وجهات أخرى، ما جعل حلم تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال المنتوجات الفلاحية ضربا من الخيال.
عندما عمدت وزارة الفلاحة إلى فتح المجال للدعم الفلاحي، وقدمت لمدرائها الولائيين صكا على بياض لتمكين الفلاحين من اقتناء ما يلزم لخدمة الأرض، تفنن هؤلاء في التواطؤ مع كل من له علاقة بـ«نهب الأرض” ليحصل على حصة الأسد من ملايير الدعم الفلاحي. ويرى متتبعون بأن أكثر من 4000 مليار سنتيم كانت تضخ سنويا على مدار 20 سنة كاملة لدعم الفلاحين، من أجل رفع الإنتاج، لكنها حوّلت إلى غير وجهتها ولم تحقق أي نتيجة. وكانت أغلب التقارير التي تبرر هذا العجز، ترجع الأمر إلى ”العوامل المناخية”، خاصة الفيضانات والحرائق والجليد، لتبرير صرف الملايير على استصلاح الأراضي الفلاحية واقتناء العتاد على الورق لا غير.
وقبل أن يصل رشيد بن عيسى على رأس وزارة الفلاحة، أقر السعيد بركات بأن الاحتيال وتحويل أموال الدعم الفلاحي تم فعلا، وأن آلاف الهكتارات من الأراضي الفلاحية حوّلت إلى غير وجهتها.
كما أن الكثير من المحسوبين على الفلاحة احتالوا على الدولة بكل الطرق، وتحصلوا على الملايير لحفر الآبار وضخ المياه، واكتفوا باستعمال آلات بسيطة ليبرروا بعدها صرفهم للأموال بعدم عثورهم على المياه، وفشل المشروع الاستصلاحي ككل، وضخوا الأموال لمشاريع أخرى صناعية وتجارية بعيدا عن الرقابة.
وكان فلاحو ولاية بسكرة كشفوا عن تحويل الأموال التي خصصت لاقتناء 16 مولدا كهربائيا في إطار سياسة الدعم الفلاحي، كانت ستخصص لنقل مياه السدود إلى 360 هكتارا مخصصة لزراعة القمح بالولاية، وهو ما يسبب بعدها في تلف محصول يقارب 17 ألف قنطار من القمح العام الماضي.
مستثمرات فلاحية
لزراعة المخدرات
وفي سنة 2008، انكشفت كل الفضيحة، عندما وسعت مصالح الأمن من دائرة التحقيقات في ملف الدعم الفلاحي، وتم إيداع 28 فلاحا الحبس ومتابعة 18 آخرين عبر الوطن بعد تورطهم في قضايا تتعلق بتحويل مستثمراتهم إلى زراعة القنب الهندي، وبناء السكنات والمتاجرة بقطع الأراضي لتحويلها إلى إقامات سكنية.
واحتلت أدرار قائمة الولايات التي حوّل فيها الدعم الفلاحي إلى زراعة القنب الهندي. ومن مجموع المستثمرات الفلاحية المتواجدة بها، تم اكتشاف 34 حقلا للقنب الهندي والأفيون بمزارع تمتد مساحتها على مساحة قدرها 41 هكتارا موزعا على 8 بلديات، أغلبها بقصور دائرة تيميمون.
وبلغ الحد أيضا ملف دعم تصنيع الطماطم، حيث كشفت تحقيقات أولية عن تحويل 100 مليار دينار نحو الخارج من قبل متعاملين في مجال تصنيع الطماطم لاستيراد الطماطم من دول آسيوية وأوروبية، وتسويقها في الجزائر على أنها منتج جزائري، مقابل الحصول على دعم من بنك الفلاحة والتنمية الريفية.
وتقول مصادر ”الخبر” إنه حتى وإن كانت وزارة الفلاحة قد أمرت بإيفاد لجان تحقيق إلى 20 ولاية للتحقيق في أموال الدعم الفلاحي، إلا أن الملف يظل مطويا وأن العقاب لا يطال أصحاب النفوذ.
الجزائر: زبير فاضل
الأمين العام للاتحاد الوطني للفلاحين محمد عليوي لـ”الخبر”
50 بالمائة من أموال الدعم أخذت طريقا آخر
هل أخذت ملايير الدعم الفلاحي التي رصدتها الحكومات المتعاقبة وجهتها الحقيقية نحو الفلاحين؟
-للأسف لم يحدث ذلك، فما يعادل 50 بالمائة من الأموال التي رصدت وضخت ”للفلاحين” أخذت طريقا آخر، وتمكن عدد من ”البزناسية” والوسطاء والمافيا من الاستحواذ على هذه الأموال وغيّروا وجهتها، من أجل اقتناء عقارات وسيارات فخمة، وانجاز مصانع لا علاقة لها بالقطاع الفلاحي، وبها تحوّل الكثير منهم إلى أثرياء بعيدا عن رقابة الدولة، وتكرر المشهد في المدن الشمالية كما الداخلية.
ماذا عن دوركم أنتم كاتحاد للفلاحين، في كشف هؤلاء المحتالين؟
- نحن أعددنا تحقيقا مفصلا عن وجهة هذه الأموال، وسنكشف عنه قريبا، وكنا في كل مرة تصلنا المعلومات والشكاوى نوجّه الملفات إلى الجهات الوصية، لكن هناك من لهم أياد خفية لا تطالهم السلطة ولا يحاسبون، ويعبثون بهذه الأموال من دون حسيب ولا رقيب. وفي مقابل ذلك، ندعم كل الفلاحين الذين يحققون النتائج الإيجابية في دعم الفلاحة وتنمية المنتوج. الأكثر من هذا، فإن هناك من شيدوا فيلات ومصانع لا علاقة لها بالفلاحة على قطع أرضية، ونحن طالبنا بالتحقيق في كيفية حصول هؤلاء على رخصة البناء، لأن ذلك يعني تواطؤ مصالح البلديات بشكل لا يمكن السكوت عنه، وبهذا حوّلت الأراضي من طابعها الفلاحي إلى طابع آخر.
كيف ترى إذن صمت وزارة الفلاحة في هذا الجانب؟
- الغريب في الأمر، أن من تطالهم العقوبات هم الفقراء، أما أصحاب ”الكتاف” أو النفوذ فلم تطلهم لا أيدي العدالة ولا أي سلطة أخرى، ووزارة الفلاحة لا تلعب دورها، وكان عليها أن تقوم بجرد كل الملفات عبر الوطن لمعرفة وجهة هذه الملايير. وعلى وزارة الفلاحة أن تقدم كل من تثبت إدانته في تحويل أموال الدعم الفلاحي في كل الولايات إلى العدالة.
الجزائر: زبير فاضل
كلّفت بإنجازه شركة صربية ومؤسسة ”برودا”
الشروع في إنجاز مركب ضخم لتخزين المنتوج الفلاحي
تسبب نقص غرف التبريد لدى الفلاحين الخواص في عدم استيعاب المنتوج الكبير من البطاطا والفواكه، الأمر الذي دفع السلطات العمومية إلى تسجيل مشروع ضخم كلفت بإنجازه شركة صربية والمؤسسة الوطنية العمومية ”برودا”.
استحداث هذا المركب الضخم الذي تفوق طاقة استيعابه مركبي المحمدية وبرقيقة، بتبريد 30 ألف متر مكعب من المواد ذات الاستهلاك الواسع كالبطاطا والبصل وأصناف الفواكه، حسب ما أكدته السلطات الولائية لـ«الخبر”، يأتي لسد النقص المسجل في مجال الحفظ والتبريد، حيث تم اختيار أرضيته بالمحاذاة مع مزرعة قوادري بلقاسم المقابلة لمحطة الخدمات بالمخرج الشرقي لعاصمة الولاية عين الدفلى.
وبحسب المصالح المعنية، فإن الملف الذي لقي موافقة لجنة الاستثمار، من المنتظر أن تنطلق به الأشغال قريبا من طرف شركة صربية رفقة المؤسسة الوطنية ”برودا” بهدف امتصاص العجز المسجل في غرف التبريد لدى الخواص المقدرة بحوالي 300 غرفة، والتي صارت غير كافية لتلبية الطلب المتزايد في تبريد المواد ذات الاستهلاك الواسع وسط هذه الحرارة الشديدة، خاصة كالفواكه بمختلف أنواعها، والبطاطا والثوم والبصل واللحوم الحمراء والبيضاء، والتي عادة ما تتعرض إلى هزات في انخفاض الأسعار مما يكبد المنتجين خسائر كبيرة في ظل محدودية التخزين بغرف التبريد لدى الفلاحين الخواص الذين صاروا غير قادرين على استيعاب منتوج 40 ألف هكتار من المساحات المسقية، مما ينعكس سلبا على واقع النشاط الفلاحي والمستهلك الذي يعاني من ندرة المواد في بعض الفترات.
وبحسب رئيس الغرفة الفلاحية بعين الدفلى، الحاج جعلالي، فإن إنشاء مثل هذا المركب الخاص بالتبريد من شأنه القضاء على الندرة وضبط المنتوج والأسعار يقول ذات المسؤول.وبالموازاة مع هذا المشروع الاستثماري، أعطت اللجنة الولائية المكلفة بمثل هذه المشاريع موافقتها على انجاز وحدات صناعية تحويلية بالمنطقة الصناعية بعين الدفلى ومنطقة النشاطات بكل من بومدفع وسيدي لخضر والعطاف، بعد تلقي الضوء الأخضر من الوالي، حسب مصادرنا المطلعة بالملف.
عين الدفلى: ح.ياسين
الملف ظل مطويا ومخفيا طيلة 20 سنة
ولاة ومسؤولون ومنتخبون في قلب فضيحة أموال الدعم الفلاحي
قررت رئاسة الجمهورية فتح تحقيق في ملف الدعم الفلاحي بعد أن وصلتها رسائل تفيد بأن أموال الدعم الفلاحي، التي منحت لفلاحين منتصف تسعينات القرن الماضي لتنشيط القطاع الفلاحي من خلال منح الأراضي عن طريق الاستصلاح والامتياز، وتحصل المستفيدون على أموال قصد تفعيل زراعة الحبوب وتربية الدواجن والحيوانات، وخلق ثروة لأسر الريف، لكن هناك من استفاد من الفلاحين من هذه القروض والعقار ولم ينجزوا أي شيء، بل لجأ إلى بيع حتى العقار الذي تحصلوا عليه، كما تضمنت قوائم المستفيدين مسؤولين ومنتخبين وولاة في ذلك الوقت، وصاروا أصحاب أموال، في الوقت الذي كانت الجزائر تعاني من المديونية، والبطالة.
وظل الملف مفتوحا، حيث لم تغفل الجهات المعنية عن مصير عشرات الآلاف من الملايير، التي تم منحها للفلاحين عبر 48 ولاية التي استفادت بعض الولايات المعروفة بخصوبة أراضيها، وجودة ووفرة إنتاجها بحصة الأسد، لكن لم ينعكس ذلك على الفلاحة بالإيجاب، بل صار المردود المنتظر اختلاسا وتحويلا للأموال، وبيعا للأراضي الفلاحية لعدم وجود مراقبة، وتراخي المصالح الفلاحية التي لم تتابع الأشغال.
خنشلة: ط.بن جمعة