1 نص الحديث:
عن الزبير بن العوام رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ” لأن يأخذ أحدكم أحبله فيأتي الجبل فيجيئ بحزمة من حطب على ظهره فيبيعها فيستغني بثمنها خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه ” رواه البخاري
التعريف بالراوي:
هو الصحابي الجليل الزبير بن العوام بن خويلد، ابن عمة رسول الله صلى الله
عليه وسلم ( صفية بنت عبد المطلب )، أسلم وهو يبلغ من العمر 16 سنة، وهو
أحد العشرة المبشرين بالجنة، روى عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث
قليلة، توفي رضي الله عنه سنة 63 ه.
شرح الألفاظ:
حزمة: المجموعة من الحطب.
يستغني: لا يحتاج إلى الناس.
منعوه: ردوه ولم يعطوه.
المعنى الإجمالي:
نوضح من خلال المعنى العام للحديث الشريف ما يلي:
مفهوم العمل: هو ممارسة أي نشاط، والعمل في أي مجال، عن طريق
الزراعة أو التجارة أو الصناعة، وأي حرفة من الحرف اليدوية وغيرها، ما دام
ذلك كله في دائرة ما أحلّ الله تعالى.
دعوة الإسلام إلى العمل: أسلوب الإسلام في الدعوة إلى العمل أسلوب متميز،
لا يكاد يضاهيه أو يقاربه أي أسلوب آخر. قال الله تعالى:
“وَهُوَ اْلذِي َخَلق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّاٍم وَكَانَ عَرْشُهُ عََلى المَاءِ لِيَبُْلوَكم أَيُّ ُ كم أَحْسَنُ عَمَلا” هود الآية 7
“ وَلَكلٍّ دَرَجَات مِمَّا عَمُِلوْا وَلُِنوَفِّيَهُم أَعْمَاَلهُم وَهُمْ َلا يُظْلَمُونَ ” الأحقاف الآية 19
“ وَأَنْ َليْسَ لِلإِنْسَان إِلَّا مَا سَعَى وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْف يُرَى ُثمَّ يُجْزَاهُ الجَزَاءَ الأَوَْفى” النجم الآية 39/40/41
“ وَُقلْ اِعْمَُلوْا َفسَيَرَى اللهُ عَمََل ُ كمْ وَرَسُوُلهُ وَالمُؤْمُِنونَ ” التوبة الآية 105
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ” ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده ” رواه البخاري
مفهوم البطالة: هي القعود عن العمل، وعدم الاشتغال.
البطالة ظاهرة وُجدت في أغلب المجتمعات الإنسانية في السابق والحاضر،
ولا يكاد مجتمع من المجتمعات الإنسانية على مر العصور يخلو من هذه الظاهرة
أو المشكلة بشكل أو آخر.
محاربة الإسلام للبطالة: حرم الإسلام البطالة، ومقت القاعدين عن العمل من
غير سبب، فقد ورد في الأثر أن أشد الناس عذابًا يوم القيامة المكفي الفارغ ( وهو
من يكفيه الناس ضرورات الحياة )، وقد ورد في الأثر ( إن الله يحب العبد
المحترف ويكره العبد البطال )، وكانت هذه الحرمة لأن التب ّ طل سبيل إلى الفقر
الذي كاد أن يكون كفرًا. ولأن العمل حركة ونشاط والبطالة سُكون وموت .
النهي عن التسول: نهى الإسلام عن التسول وقبحة لأنه ذلّ ومهانة، فالإسلام
يدعو إلى الاستغناء عن الناس مهما كان حال الإنسان من الفقر والعوز، كما لا
يحل لصاحب القوة الجسمية أن يسأل ما في يد الناس، بل يجب عليه أن يبذل
جهده ويحفظ ماء وجهه، قال عليه الصلاة والسلام: ( لا تحل صدقة لغني ولا لذي
مرة سوي ) .
ما يستفاد من الحديث:
رواية أخرى للحديث: ( لأن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحُزمة حطب فيبيعها
فيك ّ ف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أع َ طوْه أو منعوه ) متفق عليه.
العمل الذي يريده الإسلام، ويدعو إليه هو كلّ عمل صالح تزكو به النفس،
وتقوم به الأخلاق، وتقوى به العلاقات الإنسانية، وتنتظم به الحياة، وتصان به
ضرورات الإنسان. وهو كلّ عمل ينمي الإنتاج، ويزيد الثروة، فتكون للأمة
السيادة، ويكون لها المجد.
لقد حارب الإسلام البطالة بوسائل شّتى منها:
* توفير مناصب الشغل، وجعلها من حقوق الإنسان.
* الترغيب في العمل والترهيب من البطالة.
* الترغيب في الشركة والمضاربة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله
عز وجلّ يقول: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانه خرجت
من بينهما ) رواه أبو داود
* مشروعية القرض الحسن الذي يساعد على العمل، قال الرسول صلى الله
عليه وسلم: ( ما من عبد يُقرض مسلمًا قرضًا مرتين إلا كان له كصدقة مرة )
رواه ابن ماجه.
* حث الإسلام على إعانة الفقير، وجعل المُعين خيرًا من المعان من جهة نيل
الأجر والثواب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اليد العليا خير من اليد
السفلى ) متفق عليه.
* تشريع الحج وجعله من العبادات السامية، وذلك لا يتحّقق إلا بالمال والعمل،
فكان الحج دافعًا للعمل والكسب.
6 أسئلة المناقشة:
1 ما هي قيمة العمل وثماره على الفرد والمجتمع ؟
2 ما هي الآثار السلبية للبطالة على عموم أفراد المجتمع ؟
3 تحدث عن التسول وأضراره النفسية والاجتماعية.