منهج المسلم للمرافقة النبي الاكرم في الجنة نَغبط صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكانتهم منه:
لا شكَّ أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم مَنزلة يُحسدون عليها؛ لصُحبتِهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولمُلازتهم إياه، والتعلم منه، والكرامة إلى جواره، والتنعُّم برؤيته، والطمأنينة في جواره صلى الله عليه وسلم.
لكن إذا كانت قد فاتتْك صحبتُه في الدنيا فاظفر برفقته في الجنة:
ولا شكَّ أيضًا أن كل مسلم يتمنَّى أن يُرافق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، لكن لنعلم جميعًا أن مُرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة لها أسبابها ووسائلها الموصلة إليها؛ فمن أراد أن ينال مَعالي الأمور عليه أن يفكِّر جيدًا، ويعدَّ العدَّة لكي يصل إلى هدفه ومبتغاه.
أمنية لها أسبابها التي توصل إليها وهي كالتالي:
١ - المرء مع من أحب:
عن أنس رضي الله عنه، أنَّ رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: ((وماذا أعددت لها؟)) قال: لا شيء، إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((أنت مع من أحببتَ))، قال أنس: فما فرحنا بشيء فرَحَنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((أنتَ مع مَن أحببتَ)).
٢ - ربيعة جمع بين الحُسنَيَين:
عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كنتُ أبيتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيتُه بوضوئه وحاجته، فقال لي: ((سل))، فقلتُ: أسألك مرافقَتَك في الجنة، قال: ((أوَغير ذلك؟)) قلت: هو ذاك، قال: ((فأعنِّي على نفسك بكثرة السجود)).
٣ - بطاعته تَنال رفقته:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسولَ الله، إني لأحبُّك، حتى إني لأَذكُرُك، فلولا أني أجيء فأنظر إليك ظننت أن نفسي تخرج، فأذكر أني إن دخلت الجنة صرت دونك في المنزلة فشقَّ ذلك عليَّ، وأحب أن أكون معك في الدرجة، فلم يردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا، فأنزل الله عز وجل: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ﴾ [النساء: 69]، فدعاه رسول صلى الله عليه وسلم فتلاها عليه.
٤ - حُسْن أخلاقك:
عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ مِن أحبِّكم إليَّ، وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة: أحاسنُكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إليَّ، وأبعدكم مني مجلسًا يوم القيامة: الثرثارون، والمتشدِّقون، والمُتفيهِقُون))، قالوا: يا رسول الله، قد علمنا "الثرثارون والمُتشدِّقون"، فما المتفيهقون؟ قال: قال: ((المتكبِّرون))؛ رواه الترمذي (2018)، وصحَّحه الألباني رحمه الله في "صحيح سنن الترمذي" (2 / 385).
٥ - اكفل يتيمًا:
عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((أنا وكافل اليَتيم في الجنة هكذا))، وأشار بالسبَّابة والوسطى وفرَّجَ بينهما.
٦ - أَحسِن إلى البنات:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن كان له أُختانِ أو ابنتانِ، فأحسنَ إليهما ما صحبتاهُ، كنتُ أنا وهو في الجنةِ كهاتينِ، وقرنَ بين إصبعيه)).
٧ - جزاء مَن آمن به ولم يَرَه:
جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبَرَة، فقال: ((السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أني قد رأيت إخواننا))، فقالوا: يا رسول الله، ألسنا بإخوانك؟ قال: ((بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد، وأنا فَرَطهم على الحوض))، فقالوا: يا رسول الله، كيف تعرف من يأتي بعدك من أمتك؟ قال: ((أرأيتَ لو كان لرجل خيل غر محجَّلة في خيل دهْم بهم ألا يعرف خيله؟)) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((فإنهم يأتون يوم القيامة غرًّا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض، ألا ليُذادنَّ رجال عن حوضي كما يُذاد البعير الضال، أناديهم: ألا هلمَّ، ألا هلمَّ، ألا هلمَّ، فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك، فأقول: سحقًا سحقًا)).
وروى الإمام أحمد من حديث أبي جمعة رضي الله عنه قال: تغدَّينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنا أبو عبيدة بن الجراح، فقال: يا رسول الله، أحدٌ خيرٌ مِنا؟ أسلمنا وجاهدنا معك! قال: ((نعم؛ قوم يكونون من بعدكم، يؤمنون بي ولم يروني))، قال الشيخ الألباني: رواه الدارمي وأحمد والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وإسناد الدارمي وأحد إسنادَي أحمد صحيح.
الموضوع منقول للامانة
لا تنسونا من صالح دعائكم