بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر أعمال الملائكة في جزء عم
الملائكة هم خلقٌ من خلق الله - خلقهم الله من نور - مسخَّرون، عباد مُكرَمون، لا يعصون الله ما أمَرهم ويفعلون ما يؤمرون، لا يُوصفون بالذكورة ولا بالأنوثة، لا يأكلون ولا يشربون، ولا يَمَلُّون ولا يتعبون، ولا يتناكحون، ولا يعلم عددَهم إلا اللهُ، سنذكر بعدُ دراسة وبحثًا في جزء عمَّ عن تصنيف بعض أعمالهم.
خلق الله الإنسان ومعه ملائكة يُحصُون الحركاتِ والسكنات، ويحفظون من الآفات، لا يحدُث شيء إلا تمَّ تسجيله؛ كما في سورة الطارق: ﴿ إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾ [الطارق: 4]، وفي سورة الانفطار: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ ﴾ [الانفطار: 10].
فيتقلب الكون والإنسان بين رخاء وشدَّة، والملائكة تتنزل بأمره، تسبِّح في نزولها من السماء وصعودها، وتُسابق وتُسارع إلى تنفيذ أمر الله فيما أوكل إليها من شؤون الكون؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا * فَالسَّابِقَاتِ سَبْقًا * فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا ﴾ [النازعات: 3 - 5].
ومن أعظم النزول للملائكة في أفضل الليالي والشهور يستشعر الإنسان نزولَهم في كل ليلة قدر، تنزل بأنوارها وبركتها، ويتنزل فيها جبريلُ عليه السلام؛ كما في سورة القدر: ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ﴾ [القدر: 4].
ومنهم من وكل بإبلاغ الوحي للأنبياء ﴿ بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ﴾ [عبس: 15]، وفي سورة التكوير حين قال الله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ﴾ [التكوير: 19]، أُرسل جبريل بالقرآن المنزَّل على محمد صلى الله عليه وسلم.
فترعى الملائكة هؤلاء الخلقَ حتى يفارقوا هذه الحياة؛ كما ورد في مطلع سورة النازعات: ﴿ وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا ﴾ [النازعات: 1]، أقسم الله بالملائكة التي تنزع أرواح الكفار نزعًا شديدًا، وفي الآية الثانية: ﴿ وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا ﴾ [النازعات: 2]، التي تقبض أرواح المؤمنين بنشاط ورفق.
ثم يوم القيامة يأمر الله جل جلاله أن تنزل الملائكة للأرض عبر أبواب السماء التي كثر عددها؛ كما ورد في الآية: ﴿ وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا ﴾ [النبأ: 19]، ويُنفخ في الصور مرتين، وتقوم الخلائق للبعث والحساب، يأتي هنا دور الملائكة في الشفاعة ولفصل القضاء؛ ﴿ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ﴾ [النبأ: 38]؛ أي: يقوم جبريل عليه السلام والملائكة مصطفِّين لا يشفعون إلا لمن أذِن له الرحمن في الشفاعة وقال حقًّا وسدادًا، ثم تكريم الصادقين الصالحين، فتشهد الملائكة المقرَّبون من كل سماء من سبع السماوات، للأبرار المكتوبة أعمالهم في الصحف؛ كما ورد في الآية: ﴿ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ [المطففين: 21]، وتعذيب الكافرين: ﴿ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ ﴾ [العلق: 18]، ملائكة غلاظ شداد موكَّلون بالعذاب، فإما ملائكة تفتح للإنسان الجنة، وإما ملائكة تجرُّه للنار بأمر من الله.
ختامًا: الإيمان بالملائكة أصل من أصول الإيمان،لا يصح إيمانُ عبد ما لم يؤمن بهم، وإنزالهم منازلهم، وإثبات أنهم عباد الله وخلقه، لا يَقدرون إلا على ما أقدرهم الله عليه؛ فمنهم رسل يرسلهم الله إلى مَن يشاء من البشر، ومنهم حملة العرش، ومنهم الصافُّون، ومنهم خَزَنة الجنَّة، ومنهم خزنة النار، ومنهم كَتَبة الأعمال، ومنهم الذين يسوقون السحاب؛ كما ورد في بحثنا الموجز، وذلك كله في القرآن. [1].
==================================
[1] حلقة اليُسر - مدرسة الفتاة المسائية لتحفيظ القرآن الكريم بالرياض - مجمع نورين النسائي.