قال العلامة عبد المحسن العباد/ شرح سنن أبي داود/ شريط رقم:(77)
شارحاً حديث الجارية لما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم: {أين الله}؟ قالت: في السماء.
قال:
فقولها: (في السماء) مثل قول الله تعالى: {ءأمنتم من في السماء}
والمراد بالسماء العلو، وليس المراد به السماء المبنية، أو السماوات السبع، فإن الله لا يحويه شيء مخلوق، وإنما هو فوق العرش، بائن من خلقه، لا يحويه شيء من مخلوقاته، فالمقصود: {في السماء} يعني: العلو.
ومعلوم أن العلو يطلق على كل ما علا الإنسان، كل ما فوق الإنسان يقال له علو، لكن السماء التي هي مبنية، والتي هي شيء وجودي مخلوق، الله عز وجل لا يحويه شيء مخلوق، فلا يقال إنه في السماء، وأن السماوات تحويه؛ لأنه سبحانه وتعالى فوق العرش، وما فوق العرش يقال له علو ويقال له سماء.
فإذً هو في السماء يعنى فوق العرش، وليس في السماء دون العرش الذي هو السماء المبنية.
وهذه العقيدة التي قالتها هذه الجارية، هذه هي عقيدة الفطرة التي فطر الله الناس عليها، الناس الذين ما تعلموا علم الكلام وابتلوا بعلم الكلام حتى خرجوا عن الفطرة.
عقيدة الفطرة هي هذه، هي عقيدة الجارية التي قالت: (في السماء).
ولهذا جاء عن عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه أنه سأل رجل عن شيء من الأهواء، فقال له: (إلزم عقيدة الصبي والأعرابي والهى عما سوى ذلك) هذه هي العقيدة الصحيحة.
الذين اعتقدوا شيئا يخالف هذه العقيدة إنما جاءهم البلاء بخروجهم عن الفطرة، وخروجهم عن هذه العقيدة الحقة الصحيحة السليمة التي دل عليها كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.