انتهت الحرب العالمية الثانية في المحيط الهادي عندما ألقى الطيران الأمريكي على مدينة هيروشيما اليابانية قنبلة نووية معبأة باليورانيوم وتزن أكثر من 4,5 طن، ,وقد تم اعداد القنبلة ضمن مشروع مانهاتن وهو برنامج سري اطلقته الحكومة الأميركية إبان الحرب العالمية الثانية لتجهيز الولايات المتحدة بترسانة نووية.
وقد تم إعداد البرنامج في لوس ألاموس بنيومكسيكو بمساعدة بريطانيا وكندا وقدرت تكاليفة بحوالى مليار دولار واستخدم في إعداده 130 ألف شخص.
لم تكن هيروشيما وناجازاكي سوى مدينتين من بين سلسلة أهداف أدرجت في قائمة مدن يابانية للاختيار ومن بين تلك المدن كيوتو ويوكوهاما وكوكورا ونيجاتا وقد استبعدت مدينة كيوتو من القائمة فيما بعد بناء على رغبة وزير الحرب هنري ستيمسون الذي كان له ذكريات فيها منذ أن قضى فيها شهر العسل في شبابه قبل عقود سابقة. ويبدو أن هيروشيما تصدرت القائمة لأنها كانت مركزا للصناعات العسكرية اليابانية وتحوي مواقع عسكرية عديدة للجيش الياباني بما فيها مركز الرجل الثاني في القيادة اليابانية الفيلد مارشال هاتا.
أطلق على القنبلة التي ألقيت على مدينة هيروشيما إسما رمزيا هو "الولد الصغير Little Boy".
ألقيت تلك القنبلة في وسط المدينة عند الساعة الثامنة والربع من صباح 6 آب/أغسطس 1945 من ارتفاع 1980 قدم ولم تستغرق القنبلة سوى دقيقة لتنفجر فتحولت المدينة بعد ثوان إلى كومة من اللهب العملاق تأكل الأخضر واليابس، وتبيد البشر والحجر في أكبر تفجير معروف حتى ذلك الوقت.
مئة ألف قتلوا أو أصيبوا بجروح قاتلة في لحظة الانفجار من أصل 245 الفا من السكان. مئة الف آخرون أصيبوا بجراح، ومنهم عشرة آلاف على الاقل ظلوا قادرين على السير، للتوجه نحو مستشفى المدينة الرئيسي الذي لم يكن قادرا على استقبال هكذا اجتياح. من أصل 150 طبيبا، قضى منهم على الفور 65 وأصيب الباقون بجراح. ومن الـ 1780 ممرّضة، سقطت 1654 أو أُصبنَ بجروح بالغة منعتهن من العمل.
عائلات بأكملها من المشوّهين كانت تتساعد في ما بينها. وكان بعض الجرحى يجهشون بالبكاء. الغالبية كانوا يتقيّأون. كانت حواجب بعضهم محترقة وجلدهم معلقا على وجوههم وأيديهم غيرهم كان يرفع ذراعيه بسبب الألم كأنه يحمل اثقالا بيديه. وإذا أمسك جريح من يده، تقشر جلده قطعا كبيرة .
تحولت الحروق من الأصفر إلى الأحمر، ثم انتفخت وانسلخ الجلد ثم بدأت تمتلئ بالقيح وتخرج منها رائحة كريهة. فوق بعض الاجسام العارية، رسمت الحروق شكل الثياب التي اختفتْ. وعلى جلد بعض النساء ـ لأن البياض يعكس حرارة القنبلة والأسود يمتصها ويوصلها الى الجلد ـ كان يمكن رؤية رسوم أزهار الكيمونو الذي كانوا يرتدونه. جميع الجرحى تقريبا كانوا يسيرون كما في المنام، رأسهم مرفوع، صامتين ونظراتهم زائغة.
جميع الذين أصيبوا بحروق او بصدمة الانفجار امتصوا اشعاعات قاتلة الاشعاع النووي يدمر الخلايا ويتسبب في تفكك نواتها وتدمير الغلاف. من لم يموتوا على الفور أو يصابوا بجروح، سرعان ما أُصيبوا بالأمراض. غثيان وأوجاع رأس قوية وحمى تدوم أياما لتبدأ المرحلة الثانية بعد مرور 10 أو 15 يوما على القنبلة. عندها يبدأ الشعر بالتساقط ويلي ذلك الاسهال وحمى تصل الى 41 درجة.
بعد مرور ما بين 20 و30 يوما على الانفجار، ظهرت أولى الاضطرابات الدموية: اللثة تنزف دما عدد الكريات البيضاء يتخفض بصورة دراماتيكية، فيما تنفجر الأنسجةالدموية للجلد والغشاء المخاطي.
يؤدي انخفاض الكريات البيضاء إلى ضعف مقاومة الالتهابات وأدنى جرح يلزمه أسابيع ليبرأ. كان المرضى يصابون بالتهابات مديدة في الحنجرة او الفم. وفي نهاية المرحلة الثانية، اذا استمر المريض على قيد الحياة، يظهر فقر الدم، الأنيميا ، اي انخفاض عدد الكريات الحمراء مما يؤدي بالعديد من المرضى بسبب التهاب الرئة.
أنظمة التناسل تأثرت إلى أمد طويل فقد أصيب الرجال بالعقم، وجميع النساء الحبالى أجهضن وجميع النساء في سن الانجاب لاحظن أن دورتهمن الشهرية توقفت.
لاحظ العلماء اليابانيون الذين وصلوا بعد أسابيع على الانفجار أن الوميض نزع اللون عن الأسمنت وفي بعض الأمكنة تركت القنبلة آثارا متناسبة مع ظلال الاشياء التي أضاءها الوميض.
وما بين إلقاء القنبلة الأولى على هيروشيما والثانية على ناجازاكي أصدر الرئيس هاري ترومان بيانا جاء فيه «لقد سعينا إلى إنقاذ الشعب الياباني من الدمار بإصدارنا إنذارا نهائيا في 28 تموز/يوليو في بوتسدام ، ولكن قادتهم رفضوا الإنذار في ذلك الوقت وإذا لم يقبلوا الآن بشروطنا فعليهم أن يتوقعوا أن نمطر عليهم من الجو دمارا لم تعرف الأرض مثله أبدا من قبل».
وفي التاسع من نفس الشهر انطلقت طائرة بي 29 بقيادة تشارلز سويني تحمل قنبلة ذرية باسم رمزي هو "الرجل البدين، Fat man"، في إشارة الى رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل ،وكانت متجهة أصلا إلى كوكورا ولكن الطيار وجد الأجواء فوق كوكورا غير ملائمة بسبب السحب بعد ثلاث محاولات للتحليق في سماء المدينة حيث أوشك الوقود على النفاد فقرر الطيار الاتجاه إلى الهدف الثاني وهو ناجازاكي.
تعرضت مدينة ناجازاكي لمثل ما تعرضت له مدينة هيروشيما، مع الفارق أن القنبلة هذه المرة كانت محشوة بالبلوتونيوم ، وقد ألقيت تلك القنبلة تقريبا في وسط المدينة لتبيد غالبية سكانها والبالغ عددهم ما بين 380 إلى 420 ألفاً غير أن 630ر126 شخصا إجمالا توفوا منذ ذلك الحين بسبب القنبلة وآثار الإشعاع الناجم عنها.