غوركوف.. والعقلية الجزائرية
لا أظن أن هناك جزائريا واحدا لم يكن يتمنى ذهاب المدرب غوركوف، بعد تعادل "الفضيحة" بتنزانيا، والشوط الكارثي الذي أدته التشكيلة الوطنية في دار السلام، وكادت تعود بانهزام تاريخي لولا بركة الحارس مبولحي والحظ الذي لم يسعف رفقاء المتألق ساماتا من حسم الأمور. فانتفض يومها إسلام سليماني، الذي أرجع للجزائر كامل حظوظها في التأهل، وأعاد الثقة للمدرب واللاعبين الذين عرفوا كيف يمطرون شباك التنزانيين بسباعية تاريخية أنستنا مباراة الذهاب، وجعلتنا نقر بأن عملا كبيرا ينتظر التشكيلة الوطنية في الاستحقاقات القادمة وتجعلنا ندخل في جدال "عقيم" حول بقاء المدرب من عدمهّ. وهو الذي كان منذ أسبوع فقط محل انتقاد جميع الجزائريين، خاصة محيطه الذي عمل المستحيل من أجل "تسويد" صورته ودفعه إلى الخروج من الباب الضيق، لكنه وبتجربته وحنكته عرف كيف يقلب الموازين ويسجل نتيجة من الصعب تحقيقها في مثل هذه المواجهات؟
ما يحدث للمدرب الوطني، كريستيان غوركوف، سيناريو حدث تقريبا وبنفس الطريقة للمدربين السابقين، رابح سعدان ووحيد خاليلوزيتش. فالأول أهل الجزائر للمونديال الجنوب إفريقي، لكنه غادر من الباب الضيق وبإيعاز من بعض "المتطفلين"، الذين لا يزالون يعطون دروسا للجزائريين ويريدون دائما فرض آرائهم على المحيط الكروي. والثاني، ورغم العراقيل التي واجهته في مهمته، إلا أنه قاد "الخضر" إلى التألق في مونديال البرازيل، لكنه فضل المغادرة على البقاء رغم إلحاح الرئيس بوتفليقة ورئيس الفاف محمد روراوة.
أستاذ الرياضات، كما يحلو للبعض تسميته، لم يستطع إلى يومنا هذا تحديد تشكيلة أساسية، بسبب الصعوبات التي تواجهه كالإصابات، و"تفشاش" بعض اللاعبين، الذين أصبحوا يتعاملون مع المنتخب بنظرة أخرى لم يستعملها أحسن اللاعبين في العالم، الذين يتركون كل شيء من أجل بلدهم.. المدرب الوطني، الذي يعمل في محيط متعفن، لا يحفظ أسرار الفريق، ويخلقون له مشاكل قد تجعله يغادر دون رجعة ويتركنا في منتصف الطريق، نبحث عن خليفة له رغم أنه وبأمانة يقوم بعمل جيد يجعلنا نتأهل لثالث مرة على التوالي للمونديال.
أعلم أن رئيس الفاف يعمل كل ما في وسعه لتوفير كل شيء للمنتخب الوطني ويقف بنفسه على توفير جزئيات تجعل المنتخب يحضر ويلعب في ظروف أوروبية في الأراضي الإفريقية، ويهمه بقاء المدرب في منصبه والتحضير بجدية للمنافسات القادمة ولا يريد العودة إلى نقطة الصفر، وهو ما قاله حرفيا لمدربه الذي التقاه إلى طاولة العشاء، بعد مباراة العودة أمام تنزانيا وبحضور المرشح لانتخابات الفيفا، السويسري ـ الإيطالي جياني أنفونتينو، الذي حضر المباراة، لكنه يعلم مثلما نعلم ومتأكد مثلما نحن متأكدون، أن من سربوا أسماء مدربين جدد لخلافة غوركوف لا يحبون الخير للمنتخب الوطني، وحتى المدرب يشعر في قرارة نفسه بأن مصيره على رأس "الخضر" يقرر في الكواليس، وليس في الميدان مثلما يحدث في أغلب الأندية والمنتخبات العالمية؟
في كل دول العالم، مصير أي مدرب مرتبط بتحقيق الأهداف المسطرة، لكن في الجزائر، الأمور تتعدى ذلك وحتى ولو جاء مورينيو أو كابيلو، أو حتى أحسن مدرب في العالم، فإنه يصطدم بالعقلية الجزائرية "الانهزامية".. نصيحتي هي أن تتركوا غوركوف وشأنه.. فالمنتخب الوطني في حاجة إلى الاستقرار مثله مثل كل الكرة الجزائرية.
منقول