بسم الله الرحمان الرحيم
تمثلت قصة سيدنا سليمان بذكاء سيدنا سليمان منذ الصغر وكان حريصا على الدعوة ونشر اليد وقد ابتلى سيدنا سليمان بصحته وولده وصبره واستغفاره فان اصبت فمن نفسي وان اخطات فمن الشيطان
هو سليمان ابن النبي داود عليهما السلام, قد ارسل كلاهما لبني اسرائيل وتولى سليمان الملك بعد وفاة والده الذي كان عادلا مع شعبه رحيما بهم, ويحكم بينهم بما امره الله.
تابع سليمان عليه السلام الحكم على نهج والده, وبفضل الله كان قادرا على التحكم بالكثير من المخلوقات والكائنات مثل الانس والجن والطير والرياح والنحاس الذي يلين له وكثيرا غيرها,قال تعالى: {ولسليمان الريح غدوها شهرًا ورواحها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير . يعملون له ما يشاء من محاريب وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داوود شكرًا وقليل من عبادي الشكور} [سبأ:12-13]
كما علم الله سليمان لغة الطيور والحيوانات وسخر له جيش عظيما من الانس والجن والطير, مما جعله دائم الشكر والذكر والاستغفار كثير الصلاة.
فذات يوم كان سليمان يسير بجبشه من الجن والانس, ويظله طيره من فوقه فسمع صوت نملة تقول لزميلاتها: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون} [النمل:18] فتبسَّم سليمان من قول هذه النملة، ورفع يده إلى السماء داعيًا ربه شاكرًا له على هذه النعمة قال: {رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليَّ وعلى والدي وأن أعمل صالحًا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين} [النمل:19].
ذكاء سليمان عليه السلام منذ الصغر
ففي احد الايام عندما كان سليمان مع والده داود عليهما السلام جائهما رجلان يطلبان النظر في قضيتهما حيث ان احدهما كان يملك ارضاً فيها زرع والاخر راعيا للغنم, وقد دخل الغنم الارض ليلا وافسد ما فيها من زرع. فحكم داوود لصاحب الارض بالغنم تعويضا عن الخسائر بعد ان تاكد من صحة القصة من الراعي.
لكن سليمان كان له رأي اخر استأذن والده به, وكان حكمه بأن يأخذ صاحب الغنم الأرض ليصلحها، ويأخذ صاحب الأرض الغنم لينتفع بلبنها وصوفها، فإذا ما انتهي صاحب الغنم من إصلاح الأرض أخذ غنمه، وأخذ صاحب الحديقة حديقته. قال تعالى: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين . ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكمًا وعلمًا وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين} [الأنبياء:78-79(
حرصه على الدعوة ونشر الدين
(قصته مع سبأ)
كان سليمان عليه السلام يتفقد جنده عندما لاحظ غياب الهدهد دون علمه واذنه, مما استدعى غضبه وقال {لأعذبنه عذابًا شديدًا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين} [النمل:21]
وقد جاء الهدهد بدليل قوي فأذهب عنه العذاب حيث ان جاء بخبر سبأ ملكة اليمن {أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين . إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون} [النمل:22-24(
مما احزنه فو لا يتوقع ان يسجد احد لغير الله, فارسل برسالة الى الملكة يدعوها وقومها الى الدين الحق وعبادة الله وحده لا شريك له وارسلها مع الهدهد الذي اوصلها للملكة دون ان يراه احد,فقرأة سبأ الرسالة على مستشاريها
وكانت الرسالة:{ انه من سليمان وانه بسم الله الرحمن الرحيم* ألا تعلو عليّ وأتوني مسلمين} النمل 30-31.
فسألتهم الرأي:{ أفتوني في أمري{ فأجابهم القوم:{ نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر اليك فانظري ماذا تأمرين{ وقالت بلقيس:{ ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة{ وخافت على قومها من حرب سليمان عليه السلام وقوة جيوشه, وارسلت له الهدايا والكنوز من ذهب واحجار كريمة لتختبر صدق دعوته فإذا قبلها فهو راغب بالدنيا ولا حجة له عليها وإذا رفضها فهو نبي صادق, لا ضير بالذهاب له. الا ان رد سليمان كان{ أتمدونن بمال فما آتان الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون} النمل 36.
ارجع اليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجهم منها أذلة وهم صاغرون} النمل 37. فخرجت اليه بلقيس وقومها مسلمين , وعندما علم سليمان بقدومها ارد ان يبهرها بقدرة الله عزوجل فطلب من معشره ان يحضروا له عرشها فتنافس بذلك الانس والجن فكان الجن قادرا على احضاره قبل ان يقوم سليمان من مجلسه ولكن وزيره اصف من الانس والذي كان له علم بكتاب الله كان قادر على ان يحضر العرش قبل ات تطرف عين سليمان وصدق كلامه باذن الله فهو عبد صالح ومؤمن وفي لحظات كان عرش بلقيس امامه فقال: {هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم} [النمل:40)
ولم يكتف سليمان بالعرش لابهار بلقيس وقومها فامر الجن ان يبنوا له قصرا عظيما فوق الماء يستقبل فيه الملكة وكانت ارضه من زجاج صاف شفاف شديد الصلابة والقوة, ووضع العرش فيه.
فدهشت بلقيس لما رأت العرش وعندما حاولت الدخول اليه خافت من الماء الذي يسري ورفعت عن قدمها لتسير على الماء فاخبرها سليمان بان الارضية زجاج, فصدقت بالدعوة واعلنت اسلامها وقالت: {رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين} [النمل: 44]
ابتلاء سليمان بصحته وولده وصبره واستغفاره
مرض سليمان عليه السلام مرض احتار في علاجه الانس والجن, ولم يكتب له الشفاء على ايديهم فداوم على الدعاء والاستغفار, واستمر المرض وبشدة ولكن هذا لم يثنه عن دعاءه وتوسله الله من اجل الشفاء حتى استجاب له ربه ورحمه من الامه فاعاد لخ صحته وقوته وملكه فهو لم ييأس من رحمة ربه.
اما ابنه بعد زواجه من بلقيس وهبه الله غلاما خاف عليه من فتنة الشيطان فرفعه للسحاب وكان هذا الفعل لا يليق به حيث وجب عليه التوكل على الله والرضى بقضاءه وقدره لكن الله عزوجل ارسل ملك الموت ليقبض روحه ورأه سليمان متوفى على كرسيه فعرف غلطه واستغفر الله كثيرا على فعلته.
وفاة سليمان عليه السلام
وفي نهاية عمره اراد سليمان ان يتفرغ لعبادة الله فامر الجن ان يبنو له معبدا يتقرب فيه لله واثناء مراقبته لهم حتى لا يتقاعسوا بالعمل وهو متكأ على عصاه توفي عليه السلام دون ان يعلم احد بذلك فكانوا يظنونه يصلي لله ويذكره حتى انتهوا من البناء ولم يعلموا بوفاته حتى اكلت دابة الارض عصاه ووقع على الارض قال تعالى: }فلما قضينا عليه الموت ما دلهم عليه إلا دابة الأرض تأكل منسأته فلما خر تبينت الجن إن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبسوا في العذاب المهين} [سبأ:14]
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته