الإحساس و الإدراك
قيل إن العلاقة بين الاحساس و الادراك علاقة انفصال دعم هذه الأطروحة
طرح المشكلة
يواجه الانسان في حياته الكثير من المخاطر و الصعوبات و للتلاؤم مع عالمه الخارجي يلجأ إلى استعمال العديد من الملكات الذهنية من بينها الاحساس و كذا الادراك، هاتان الملكتان ضروريتان بالرغم من اختلافهما فأولى أقل تعقيدا و أثر بساطة و الثانية مركبة. إلا أن هناك من يرى أن العلاقة بينهما علاقة اتصال في حين يذهب آخرون إلى العكس من ذلك و يبدو هذا الطرح أقرب إلى الصواب و الصحة منه إلى الخطأ
فكيف يمكننا تدعيم الأطروحة القائلة بأن العلاقة بين الإحساس و الإدراك علاقة انفصال؟
محاولة حل المشكلة:
عرض منطق الأطروحة: يدور منطق الأطروحة حول أن العلاقة بين الإحساس و الإدراك علاقة انفصال و تباين إذ أن الإدراك يختلف إختلافا جوهريا عن الإحساس
و قد دعم أصحاب هذا الإتجاه موقفهم هذا بجملة من الحجج و الأدلة منها ماذهب إليه أصحاب النزعة العقلية إذ أقرو بضرورة التمييز بين هتين الملكتين، افما يقدمه لنا الإحساس من معطيات عن الموضوع يختلف عما يقدمه لنا الإدراك فالأول يقدم لنا معارف أولية بسيطة أما الثاني فيقدم لنا معارف مركبة لذا نجد الطفل الصغير في بداية تعلمه يستعمل الحواس و بعد أن تنمو قدراته العقلية بالشكل الكافي الكافي يستعمل الادراك.
إن المعارف التي يمدنا بها الاحساس بسيطة أولية لا يمكن فهمها إلا بالإدراك أي بواسطة العقل إذ أن الاحساس يتعلق بالتأقلم مع العالم الخارجي أكثر من تعلقه بمعرفة هذا العالم فيشترك في هذا الإنسان و الحيوان معا أما عن الإدراك فهو يهتم أكثر بمعرفة العالم الخارجي و فهم ظواهره و قوانينه و الربط بينها و هذا ما لايوجد عند الحيوان فالإحساس خاصية يشترك فيها الإنسان و الحيوان أما الإدراك فيختص بالإنسان حصرا.
اذن فالعلاقة بين الاحساس و الإدراك علاقة انفصال
عرض منطق الخصوم و نقده:
إن لهذه الأطروحة خصوم و هم الفلاسفة الذين يقرون بأن العلاقة بين الاحساس و الادراك علاقة اتصال و تلازم اذ لا يمكن الفصل بين موضوع المراد معرفته و الذات العارفة فالحساس يمدنا بالمادة الأولية التي يمكن للإدراك أن يفسرها و يعرفها و هذا ما ذهب إليه أصحاب المدرسة الجشطاليتية إذ أنهم يرون الموضوع أو الصورة بصفة كاملة و لا ينظرون إلى الأجزاء فيتداخل هنا الاحساس و الادراك.
نقده:
إن منطق الخصوم تعرض للعديد من الانتقادات منها أن الجمع بين الاحساس و الدراك بشكل مطلق أمر مبالغ فيه، و إن كان كما يدعي أصحاب هذا الاتجاه فلماذا نطلق تسمين مختلالفتين عن هاتين الملكتين
تدعيم الأطروحة بالحجج الشخصية:
إن الانتقادات الموجهة لموقف الخصوم تدفعنا للبحث عن حجج شخصية جديدة لإداة الدفاع عن الاطروحة منها أن الإحساس في الأخير يرجع إلى الحواس بصفة كلية كالبصر و السمع و الذوق و اللمس و الشم في حين أن الإدراك يرتد في الأخير إلى العقل و تفسيراته و تأويلاته فشتان بين الحواس و العقل.
الحل النهائي للمشكلة:
نستنتج في الأخير بأن الأطروحة القائلة بأن العلاقة بين الإحساس و الإدراك علاقة انفصال أطروحة صحيحة قابلة للدفاع عنها و الأخذ برأي مناصريها لأن الاحساس معرفة أولية بسيطة و الإدراك معرفة مركبة معقدة.