موقف القرآن الكريم من العقل
1 النصوص القرآنية:
“ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلا ” الإسراء الآية 70
“ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ” البقرة الآية 170
“ أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ” محمد الآية 24
“ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ ” العنكبوت الآية 43
“ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ” البقرة الآية 164
“ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ” البقرة الآية 260
“ أفلا يتبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدو فيه إختلافا كثيرا ” النساء الآية 82
” ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال ربي أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن أنظر إلى الجبل فإن إستقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ” الأعراف الآية 143
2 شرح مفردات الآيات:
النص الثالث: ألفينا: وجدنا.
النص الرابع: أقفالها: مغاليقها التي لا تُفتح.
النص السادس: بث فيها: فرّق ونشر فيها بالتوالد. وتصريف الرياح: تقليبها
في مهابّها وأحوالها. المسخّر: المهيئ.
النص السابع: فصرهن إليك: أمِلهنّ، أو قطّعهن مُمالة إليك.
النص الثامن: تجلّى ربُّه إلى الجبل: بدا له شيء من نوره تعالى. دآّا مدآوآا
متفتّتا. سبحانك: تنزيها لك من مشابهة خلقك.
3 المعنى العام:
تمهيد إنّ العقل هو أعظم النعم وأجل المنح، ولا ريب في أنّ صلاح العقل واستقامته
في الإدراك والتفكير ووزنه الأشياء بميزان الحقيقة، وتحرّيه الإنصاف في أحكامه
يترتّب عليه إصلاح الأعضاء آلّها، فلا تُصدر إلّا خيراً ولا تعمل إلا صلاحاً، ولا
تقول إلا حسناً، لأنّه الحاآم عليها والرئيس بينها، وإذا صلح العقل صلحت الحياة،
أمّا إذا فسد العقل واختلّ نظام التفكير فسدت الحياة فلا يصدر إلّا الشر.
تكريم الله للإنسان بالعقل العقل هو تلك النعمة العظيمة والمنحة الربانية العجيبة التي منحها الله تعالى
للإنسان وآرّمه بها وفضّله، قال الله تعالى: (
وَلَقَدْ آَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى آَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) سورة
. الإسراء الآية 70
والعقل هو إحدى معجزات الخلق. الذي يتحقّق به الإدراك والفهم والتصوّر.
ولأجل ذلك ذمّ الإسلام إتباع الأمم السالفة وحتى الأمم الحاضرة من غير إعمال
العقل وهو ما يسمّى بالتقليد الأعمى ( والتقليد في عُرف اللغة هو مجموع العادات
التي يرثها الآباء عن الأجداد أو التي تسري بمجرّد عامل الاحتكاك في بيئة من
البيئات أو بلد من البلدان ) الذي لا دليل عليه يقوّيه، ولا برهان يعضّده، قال الله تعالى: (
وَإِذَا قِيلَ لَهُم اِتَّبِعُواْ مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ آَانَ آبَاؤُهُم لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلَا يَهْتَدُونَ ) البقرة الآية 17
وبالعقل آلّف الله تعالى الإنسان وخاطبه بكتابه العظيم قال تعالى: (
وَتِلْكَ الأَْمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ ) سورة العنكبوت الآية 4
حث القرآن على إعمال العقل وبناء على الآيات التي سبق ذآرها فقد أجمع المسلمون على أنّه لا يجوز التقليد
في مبادئ العقيدة، وأنّ من قال أنّني أومن بالله لأني أرى أهلي جميعاً يؤمنون به أو
لأنّ البيئة تفرض عليَّ ذلك، فإنّ إيمانه ليس بالإيمان الصحيح الذي أراده الله تعالى.
فأحكام الله تعالى ليست من قبيل التعاليم التي تنتقل بالوراثة، وإنما هي مبادئ
قائمة على أساس من المصالح الدنيوية والأخروية.
إنّ المتأمّل في آيات القرآن الكريم يلقاه حافلاً بالدعوة إلى إعمال العقل في آل
أمر، قال الله تعالى:
. (
وَقَالُواْ لَوْ آُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا آُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) الملك الآية 10
. (
أُفٍ لَكُم وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) الأنبياء الآية 67
. (
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) سورة محمد الآية 67
وجوب المحافظة على العقل من خصائص العقل الإدراك، فإعمال العقل يقود إلى فهم الأمور فهماً آاملاً
وتصوّرها تصوّراً صحيحاً، وذلك هو الذي يُعين على إدراك الأمور على حقيقتها
فتُستخرج منها أسرارها وتُبنى عليها النتائج والأحكام الصحيحة.
وإذا استعمل الإنسان عقله يمنع غيره من السيطرة عليه، ممّن يصدّون عن
سبيل الله ويبغونها عوجاً، بل ويمنعه من الحيلولة بينه وبين الحياة العادية التي
يُنشدها آلّ إنسان عرف إنسانيته في هذه الحياة الدنيا.
ولأجل ذلك آله أوجب الإسلام على الإنسان أن يحافظ على هذه النعمة الإلهية
العظمى، وحفظ العقل واستقامته تكون في:
الإدراك والتفكير، والتأمّل في ملكوت الله، قال الله تعالى: (
الْذِينَ يَذْآُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) آل عمران
الآية 191 . وقال الله عزّ وجلّ: (
أَوَ لَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا . خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ ) الأعراف الآية 185
ودرء عنه ما يفسده من جهل، قال الله تعالى: (
قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْذِينَ يَعْلَمُونَ وَالْذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) الزمر 9. وآلّ مسكر ومخدّر، قال الله تعالى: (
إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )
. المائدة 90