1 النصوص القرآنية:
” وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ” الرعد الآية 4
” خَلَقَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ” لقمان الآية 10
” وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ” النحل الآية 78
“ قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (89) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (90) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ” المؤمنون الآية 86/91
“ لَا يَسْأَمُ الْإِنْسَانُ مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ وَإِنْ مَسَّهُ الشَّرُّ فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ (49) وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ رَحْمَةً مِنَّا مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ هَذَا لِي وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلَى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنَى فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِمَا عَمِلُوا وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ ” فصلت 49 /50
” وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين . الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ” آل عمران 133/134
” ما تكون في شأن وما تتلوا فيه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب من ذرة في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين ” يونس الآية 61
شرح مفردات الآيات:
النص الأول: قطع: بقاع مختلفة الطباع والصفات. نخيل صنوان:
نخلات يجمعها أصل واحد. الأكل ما يؤكل وهو الثمر والحب.
النص الثاني: بغير عمد: بغير دعائم وأساطين تقيمها . رواسي: جبالا
ثوابت . أن تميد بكم: لئلاَّ تضطرب بكم . وبث فيها: نشر وفرق وأظهر
فيها. زوج كريم صنف حسن كثير المنفعة.
النص الثالث: الأفئدة: القلوب.
النص الرابع: ملكوت: هو الملك الواسع العظيم. وهو يجير: يغيث
ويحمي من يشاء ويمنع. فأنى ُتسحرون: فكيف ُتخدعون عن توحيده.
النص الخامس: لا يسأم الإنسان: لا يملّ ولا يفتر. دعاء الخير: طلبه
العافية والسعة في النعمة. فيؤوس قنوط: من فضل الله ورحمته. هذا لي:
هذا حقي استحّقه بعملي. عذاب غليظ: شديد لا يفّتر عنهم.
النص السادس: السراء والضراء: اليسر والعسر. والكاظمين الغيظ:
الحاسبين غيظهم في قلوبهم.
النص السابع: تكون في شأن: في أمر هام معتنى به. تفيضون فيه:
تشرعون وتخوضون فيه. وما يعزب: ما يبعد وما يغيب. مثقال ذرة: وزن
أصغر نملة أو هباءة.
المعنى العام:
القرآن وأثره في العقيدة:
نزل القرآن الكريم في مكة على النبي صلى الله عليه وسلم وكانت الجزيرة
العربية قد اشتملت على كثير من الديانات الممسوخة المشوهة فكانت الوثنية على
اختلاف مضاربها وألوانها. في هذا الوسط المظلم نزل القرآن الكريم وأخذ بيد
البشر مخرجا إياهم من هذه الترهات التي كانوا يعيشون بها فغير مجرى
معتقداتهم هذه حتى تحول المجتمع إلى مجتمع توحيد وعبادة للخالق وحده واتخذ
القرآن منهجا خاصا في إثبات العقيدة.
العقيدة الإسلامية
إن العقيدة الإسلامية هي الأساس الرئيسي الذي تبنى عليه سائر أمور الدين
وجميع العلوم الإسلامية، فالعقيدة هي الأصل، وهي أول أمر يطلب ممن أراد
الدخول في هذا الدين.
موضوع العقيدة
لقد خصص القرآن العقيدة الإسلامية باسم الإيمان، وبذا رأى فريق من
العلماء أن الإيمان هو الاعتقاد والاعتقاد هو العلم الجازم بكل ما ثبت بالضرورة
من عند الله على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم مع الرضاء والارتياح
له.
أما جمهور العلماء فذهبوا إلى أن الإيمان هو إقرار باللسان وتصديق بالجنان
وعمل بالأركان.
والذي نستخلصه أن العقيدة الإسلامية هي الجانب النظري الذي يجب على
المؤمن أن يؤمن به إيمانا يقينيا مبنيا على التصديق الجازم مع الشعور بالرضا
والقبول واطمئنان النفس كما قال الله تعالى: ( َفَلا و ربِّك َلا يومُِنون حتَّى يحكِّموك فِي ما َ شجر بيَْنهمْ ُثمَّ َلا يجِدوا فِي أَْنُفسِهِمْ حرجًا مِمَّا َقضيْت ويسلِّموا َتسْلِيمًا ) سورة النساء الآية 65
لوازم العقيدة
العقيدة الإسلامية تحتاج من أصحابها والمؤمنين بها إلى قواعد رئيسية تبنى
عليها العقيدة وينصر بها الدين نجملها في الآتي:
1 الإيمان الكامل بها في سائر قواعدها المختلفة.
2 تثبيت الإيمان بين أفراد معتنقيها ومحافظة المسلمين أفرادا وحكاما
عليها.
3 الدفاع عن العقيدة والغيرة عليها.
4 نشر العقيدة الإسلامية صافية نقية في كل بقاع الأرض: وهذا يتطلب
الاهتمام بها في سائر المدارس بداية من الروضة وانتهاء بالجامعة ولا بد من
وجود منهج تدريجي حسب السن والثقافة، بداية من الطفل إلى نهاية التعليم،
ولخطورة المادة لا بد للجامعات و الهيئات والمدارس من:
الأستاذ الذي يستطيع تدريس هذه المادة، وهنا نركز على الأستاذ الذي
يجب أن يكون مقتنعا أولا بالعقيدة مؤمنا بها، وأن يكون متحمسا غيورا على
العقائد الإسلامية حتى يستطيع أن يفيد الآخرين.
لا بد من وضع الكتاب الملائم للدارسين ولسائر طبقات التعليم بداية من
الطفولة إلى الجامعة بما يتناسب وعقول الدارسين مع كون أن القرآن والسنة هما
الأساس الأول للتعليم.
لا بد من وضع النظام الذي يسير عليه تعليم هذه المادة مقتبسا من القرآن
مؤيدا بالسنة والعقل والعلم.
مزج العقيدة بالسيرة النبوية وسيرة الصحابة التي ترسخ الإيمان.
مهمّة العقيدة الإسلامية
تتضح مهمة العقيدة الإسلامية واضحة جلية في قوله تعالى: ( بلْ َنْقذِف
. بِاْلحقِّ عَلى الباطِلِ َفيدْمغه َفإَِذا هو زاهِق ) سورة الأنبياء الآية 18
فمهمة العقيدة هي إزهاق الباطل وذلك بقذف الحق ونشره بين سائر طبقات
المجتمع:
أولا: تحرير الإنسان من العبودية المزعومة ( عبادة الأشخاص، عبادة
المال، عبادة المناصب، عبادة الأهواء والشهوات … ).
ثانيا: تحرير الإنسان من الكبر والغرور.
رابعا: تبين للإنسان صلته بخالقة تعالى، وصلته بنفسه، وصلته بغيره وما
يحيط به.
خامسا: تبين للإنسان ما له وما عليه.
سادسا: تحمى الإنسان من كل الشرور والآفات الاجتماعية.
سابعا: وهي تقوده إلى ميدان المعرفة وكشف المستور، بتنزيه العقل البشري
من الخرافات والوثنيات القديمة.
وسائل القرآن في تثبيت العقيدة
لقد اعتمد القرآن الكريم على وسائل شتى في تثبيت العقيدة منها:
إثارة الوجدان: كي يتصور الإنسان الأمور على حقيقتها، ولكي يستيقظ
من تبلده.
فالقرآن الكريم بعرضه الجميل للخلق و للأحداث يزيل تلك الغشاوة التي
ترين على الحس والقلب، فهو يعرض الآيات في صورة حية ينفعل بها الوجدان
وتتحرك المشاعر ويستيقن القلب أن صانع هذا الكون والوجود كله هو الله وحده
الذي يستحق العبادة والاستكانة.
إثارة العقل: أقام القرآن العقائد على العقل وفي مقدمة ذلك الإيمان بوجود
الله ووحدانيته وسائر صفاته، ولم يكن بمجرد الحكاية وإنما قام الدعوى وبرهن
عليها، ونبه العقل من غفلته، مبينا نظام الكون وما هو عليه من دقائق الصنع
وحسن الترتيب في قوله تعالى: ( وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُّتَجَاوِرَاتٌ..) سورة الرعد
. الآية 14
موضحا أن في الكون عمليتين خطيرتين أولاهما الخلق والثانية هي النظام
الذي يستهدف خير الإنسان وفي قوله تعالى: ( وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ
تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) سورة النحل
الآية 78 . وفي قوله تعالى: ( قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ )
. سورة المؤمنون الآية 86
والقرآن يخاطب العقل ليفكر ويتدبر آيات الله في الكون التي ترشده وتدله
إلى خالق هذا الكون ومدبر شؤونه وأن ليس له شريك في الملك وليس له شريك
في التدبير.
تذكير الإنسان بما يدور في نفسه وقت الشدة: ما من إنسان غفل عن الله
تعالى في وقت من الأوقات أو أنكر وجود الله متأثرا بالمظللين إلا وجاءت عليه
أوقات سمع فيها نداء ضميره وصراخ ذاته الباطنية، وهتاف وجدانه، والكل يقول
له إنك صنعة الله وعبد الله ومخلوق الله. ويكون هذا الصراخ وقت الشدة خاصة
قال الله تعالى: ( وإَِذا مسَّ الإِنْسان الضرُّ دعانَا لجِنْبِهِ أَوْ َقاعِداً أَوْ َقائِماً َفَلمَّا َ ك َ شْفَنا
عنه ضرَّه مرَّ َ كأَنْ َلمْ يدْعَنا إَِلى ضرٍّ مَّسَّه َ كَذلِك زيِّن لِلْمسْرِفِين ما كاُنوا يعْمُلون)
. سورة يونس الآية
تذكير الإنسان بمراقبة الله له: قال الله تعالى: ( أََلا يعَْلم منْ َ خَلق وهو
اللَّطِيف الخبِير ) سورة الملك الآية 14 . وقال: ( إِنَّه يعَْلم الجهْر و ماي ْ خَفى )
. سورة الأعلى الآية 7
تذكير الإنسان بعظمة الله وقدرته: لقد ذكر القرآن الكريم حقائق علمية
عن سر الكون والحياة والإنسان وبين وجود التصميم في الطبيعة والعلاقة
المنتظمة بين عناصرها كافة وهي دلائل واضحة على عظمة الله سبحانه.
وجاء في القرآن وصف قدرته سبحانه وتعالى : ( و هو الذِي مدَّ الارْض
وجعلَ فِيها رواسِي وأَنْهاراً ومِنْ ُ كلِّ الثَّمراتِ جعلَ فِيها زوْجيْنِ اْثَنيْنِ يغشِي اليْلَ النَّهار إِنَّ فِي َذلِك َلآياتٍ لَِّقوْمٍ يتَفَكَّرون ) الرعد الآية 3
الترغيب في صفات المؤمنين والتنفير من صفات الكافرين: وهذه
الصفات في القرآن الكريم كثيرة، لأن فيها دروسا تربوية عجيبة تربينا على
السلوك الحسن.
قال الله تعالى في صفات المؤمنين:
( أََلا إِنَّ أَوْلياء اللهِ َلا َ خوْف عَليْهِمْ وَلا همْ يحْزُنون ) سورة يونس الآية
.62
( إِنَّ المتَّقِين فِي جنَّاتٍ و عيونٍ آَخِذِين ما آَتاهمْ ربُّهمْ إِنَّهمْ َ كاُنوا َقبْلَ َذلِك
.16 / محْسِنِين ) سورة الذاريات الآية 15
وقال في صفات الكافرين:
( واْلذِين َلا يدْعون مع اللهِ إِلَهًا آخر وَلا يقُْتُلون النَّفْس التِي حرَّم اللهُ إِلَّا بِاْلحقِّ وَلا يزُْنون و منْ يْفعلْ َذلِك يلْق أََثاماً يضاعف لَه العذَا ب يوْم القِيامةِ ويخُلدْ
. فِيهِ مهانًا ) سورة الفرقان الآية 68 و 69
فالقرآن الكريم يصور صفات المؤمنين كريمة نظيفة جذابة، ويصور صفات
الكافرين قبيحة منفرة، وبذلك يمتلئ قلب المؤمن بخشية الله وتقواه.
ذكر قصص الأنبياء: فالقصة في القرآن الكريم ركزت على الصفات
الخيرية للأنبياء، ليكونوا للناس فيهم أسوة، ليعمق العقيدة في النفوس ويبصر بها
العقول، ويحيي بها القلوب، قال الله تعالى: ( و ُ كلًّا َنُقصُّ عَليْك مِنْ أَْنباءِ الرُّسل ما
. ُنَثبِّت بِهِ ُفؤَادك ) سورة هود الآية 120
مناقشة أهل الانحراف: لقد اشتغل القرآن كثيرا بالرد على الكافرين
والمشركين، وكان مسلكه في ذلك الجدل والحوار بالتي هي أحسن، قال الله
تعالى: ( بلْ َنْقذِف بِاْلحقِّ عَلى الباطِلِ َفيدْمغه َفإَِذا هو زاهِق ) سورة الأنبياء الآية