«داعش» يصل إلى أسوار مطار دير الزور العسكري.. وسيطرته تتجاوز 40 % من سوريا
بيروت: نذير رضا
نفى مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن سيطرة تنظيم داعش على بلدات حويجة المريعية وحويجة صكر والمسمكة والمغسلة والجفرة، مؤكدا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن التنظيم المتشدد حقق تقدما واسعا في المنطقة بعد شن هجمات متوالية، مرجحا سيطرته على مطار دير الزور العسكري «قريبا إذا واصل هجماته بالوتيرة نفسها».
وأحرز تنظيم داعش خرقا كبيرا على جبهة مدينة دير الزور ومطارها العسكري الخاضع لسيطرة القوات الحكومية السورية، هو الأول منذ 6 أشهر، حين أحكم التنظيم سيطرته على كامل أرياف المحافظة الحدودية مع العراق. وبعد أشهر من المعارك العنيفة التي تركزت في بلدة حويجة صكر، التي تتوسط مدينة دير الزور ومطارها العسكري، سيطر التنظيم أمس على أجزاء من بلدة جفرة التي تسكنها أغلبية شيعية، وأجزاء أخرى من بلدة حويجة صكر، ووصل مقاتلوه إلى مداخل مطار دير الزور ومداخل المدينة. وأظهرت صفحات إلكترونية يديرها أتباع التنظيم في «تويتر»، صورا لغنائم عسكرية من حاميات المطار، أهمها منصات صواريخ كونكرس المضادة للدروع وحشوات لها، وقاذفات متطورة.
وقتل 19 عنصرا من قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد في تفجير انتحاري نفذه تنظيم داعش في محيط مطار دير الزور العسكري في شرق سوريا، تلته اشتباكات بين الطرفين حقق خلالها التنظيم المتشدد بعض التقدم، بحسب ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد: «إن التفجير الذي وقع ليل أول من أمس استهدف بناء المسمكة الواقع في محيط مطار دير الزور العسكري، فيما اندلعت اشتباكات تبعت التفجير في منطقة حويجة المريعية القريبة من أسوار المطار».
وتمكن التنظيم من السيطرة على مبنى المسمكة وبعض المواقع المحيطة، كما استولى مقاتلوه على دبابتين وعربة مدرعة ومدفعية ورشاشات ثقيلة من المواقع التي تقدم إليها.
وقال ناشطون إن الاشتباكات تواصلت بين قوات النظام وتنظيم داعش في منطقة الرصافة وحيي الصناعة والعمال، مما أدى إلى إصابة القائد العسكري لـ«داعش» في محافظة دير الزور الذي يطلق عليه التنظيم لقب «أمير ولاية الخير».كما قتل 3 مقاتلين على الأقل، من بين 7 مقاتلين على الأقل في المعركة. وقصفت قوات النظام مناطق في أحياء مثل نامات وخسارات والصناعة والحميدية وحويجة صكر ومحيط مطار دير الزور العسكري وبلدة المريعية القريبة من المطار، بينما سمع دوي انفجار في مدينة دير الزور، ناجم عن انفجار مدفعية لقوات النظام متمركزة فوق الجبل المطل على مدينة دير الزور، من دون معلومات عن سبب انفجارها.
وأعلن مؤيدو التنظيم في «تويتر» أن مقاتليه وصلوا إلى «أبواب مطار دير الزور بعد السيطرة على حويجة المريعية وحويجة صكر والمسمكة والمغسلة والجفرة»، لكن مدير المرصد نفى ذلك، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن بلدة المريعية «هي أساسا خاضعة لسيطرة التنظيم»، لافتا إلى أنها تقع في المنطقة الجنوبية للمطار. كما نفى السيطرة على حويجة صكر، مؤكدا: «لو تحقق ذلك، لكان التنظيم تمكن من السيطرة على المدينة، وفصل خط إمداد النظام من مدينة دير الزور إلى مطارها، وهو ما لم يتحقق حتى الآن». وقال عبد الرحمن إن الهجوم إذا استمر في وتيرته «فإن إمكانية سيطرة التنظيم على مدينة دير الزور وطرد القوات النظامية منها، بفترة قياسية، كبيرة».
وفي حال سيطر التنظيم على المطار، فإنه سيحيده عن الصراع الدائر في شرق سوريا، ليبقى مطار واحد بعهدة النظام، هو مطار T4 الذي يقع إلى الغرب من دير الزور في منطقة شرق حمص في صحراء تدمر. أما إذا تمكن من السيطرة على مدينة دير الزور وطرد النظام منها، فإن مناطق نفوذه في سوريا ستمتد من الأراضي العراقية (شرق البلاد) إلى ريف حلب الشمالي، وتتجاوز مساحتها 40 في المائة من مساحة سوريا.
وقال ناشط سوري في مدينة دير الزور لـ«الشرق الأوسط»، إن التنظيم شن هجوما على حويجة صكر والمطار العسكري «من 3 اتجاهات»، مشيرا إلى أنه «أعنف هجوم للتنظيم على مواقع سيطرة النظام السوري في المنطقة». وأكد أن مقاتلي «داعش» «استخدموا قوارب لعبور نهر الفرات، نظرا لاستحالة عبورهم إلى البلدة بعدما دمر النظام قبل شهرين جسر العبور من مناطق سيطرة التنظيم شرق النهر (المتاخمة للحدود العراقية) عن مدينة دير الزور». وقال إن قوات الدفاع الوطني التي ترابض في حويجة صكر وبلدة جفرة التي تسكنها أغلبية شيعية «شاركت في المعركة، فيما كثف النظام من وتيرة القصف المدفعي، وتراجعت طلعات الطيران من مطار دير الزور الذي تعرض لهجوم مدفعي».
وتعد الجفرة وحويجة صكر نقاط التماس التي تفصل مواقع سيطرة «داعش» في ريف دير الزور المحيط بالمدينة، عن مدينة دير الزور ومطارها العسكري، وهي المناطق التي لا تزال خاضعة لسيطرة النظام، بعدما سيطر «داعش» في شهر يونيو (حزيران) الماضي على كامل أرياف دير الزور. وتخضع أحياء من المدينة لسيطرة قوات المعارضة، تناهز نسبتها النصف.
ورأى الأستاذ الجامعي المحاضر في جامعة باريس الجنوب خطار أبو دياب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «داعش» «يصرّ على التقدم والسيطرة على المدينة، ولم ينفع القصف الأميركي في الحد من الهجمات والتقدم لوصل المناطق ببعضها»، مشيرا إلى أنه «كان من الصعب الدفاع عنها بشكل كبير، لكن ما يطرح التساؤل هو تقاسم النفوذ بين النظام و(داعش)». وقال إن استكمال التنظيم السيطرة على مناطق بعيدة وطرد النظام منها بعد طرد خصومه المحليين «يعني أننا أمام تقاسم للنفوذ بين النظام والتنظيم، ويعني المزيد من اهتراء النظام السوري، وتفكك الدولة السورية أكثر»، لافتا إلى أن «هذه المنطقة تبدو وكأنها متروكة لفئة معينة، وكأن وجود التنظيم يساعد في رسم الحدود».
وأعرب أبو دياب، وهو باحث سياسي وخبير استراتيجي، عن اعتقاده أنه «سيكون هناك حسم حيث يسيطر (داعش) على المنطقة، ولن تتم استعادة السيطرة على المنطقة إلا بعد تدريب فئات معارضة معتدلة لاستعادة السيطرة على هذه المناطق وطرد مقاتلي (داعش)».
منقول