علمت صحيفة القدس العربي من مصدر قيادي في حركة فتح أن المباحثات الجارية مع حركة حماس ‘بعيدا عن الأضواء’ وصلت إلى مرحلة بحث فيها الطرفان (كل من الآخر) على ضمانات لتنفيذ بنود اتفاق المصالحة، وأن هذه المباحثات تجرى بين مستويات قيادية كبيرة في الطرفان، ويشارك فيها خالد مشعل زعيم حماس المقيم في قطر، وقيادات فتحاوية منتدبة عن الرئيس محمود عباس.
وتشير المعلومات، أن الكثير من ملفات الخلاف جرى تجاوزها خلال مباحثات الطرفين، والتي تمت عبر اتصالات هاتفية ورسائل متبادلة، ولقاءات شخصية، شارك فيها عن فتح عزام الأحمد رئيس وفد الحركة للمصالحة، ومحمد اشتيه وجبريل الرجوب، وعن حماس خالد مشعل زعيم الحركة، وإسماعيل هنية رئيس الحكومة المقالة، وموسى أبو مرزوق.
وكانت أول هذه الإتصالات تلك التي استقبلها الرئيس عباس بحسب ما قال المصدر الفتحاوي، من كل من خالد مشعل، وهنية خلال المنخفض الجوي العنيف، الذي ضرب غزة الشهر الماضي.
وأسست تلك الإتصالات لمرحلة جديدة من مباحثات المصالحة التي توقفت بعد انشغال الراعي المصري، بسبب الأحداث الداخلية عقب عزل الرئيس محمد مرسي. وتبادل الطرفان عدة رسائل بهدف تسهيل وإشاعة أجواء متفائلة خلال المباحثات، بينها قرارات هنية القاضية بإطلاق سراح عدد من نشطاء فتح، والسماح لنشطاء حركة فتح الذين غادروا القطاع عقب الإنقسام بالعودة إليه مجددا.
ويقول المسؤول الفتحاوي إن الأمور وصلت الآن إلى مرحلة البحث عن ‘ضمانات التنفيذ’، من كلا الطرفان، خاصة وأن حركة حماس لا تمانع بأن يتولي الرئيس عباس رئاسة حكومة التوافق، حسب إعلان الدوحة، في مقابل أن حركة فتح أعطت إشارات على الموافقة على تمديد عمل الحكومة هذه، إلى فترة أكبر من التي نص عليها الإتفاق، وهو من شانه أن يؤجل عملية الإنتخابات بحسب مطلب سابق لحماس.
ويدور الحديث الآن بين الطرفين عن كيفية إدارة ملفات أخرى ما بعد إتمام المصالحة وتشكيل الحكومة، وأهمها الأمن في قطاع غزة.
وينظر الرئيس عباس في هذه الأوقات من حركة حماس أن تعطيه رأيا نهائيا على مطالبه من المصالحة، والممثلة في تطبيق بنود اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة.
ويتوقع أن تثمر التحركات الحالية عن أشياء إيجابية، خاصة وأن هناك رغبة من الفريقين بإتمام المصالحة.
لكن المسؤول الفتحاوي رغم ذلك لم يخف وجود تخوف من أن تدخل المباحثات في ‘حلقة مفرغة’، وتعود الأوضاع إلى المربع الأول، مستشهدا بالعديد من المباحثات السابقة بين الطرفان، والتي كان بعضها يقترب من الإعلان عن أسماء وزراء حكومة التوافق، خلال مفاوضات جرت في العاصمة المصرية القاهرة.
وتوقفت جهود رعاية المصالحة بعد عزل مرسي، وشرعت السلطات المصرية الحاكمة بمهاجمة حركة حماس، والتضييق عليها في غزة، فأغلقت أنفاق التهريب، وهي التي كانت تعتبر رئة القطاع ومتنفسه في كسر حصار إسرائيل، ما أثر كثيرا على حركة حماس، التي تعيش الآن تحت حصار محكم، يحول دون تمكن قادتها من التنقل خارج القطاع لإجراء اتصالات مع أنظمة ومؤسسات عربية، كما كانت الأمور حتى وقت تولي الرئيس الأسبق حسني مبارك.
وعاشت الحركة وقت حكم مرسي أفضل أوقاتها في الحكم، فلم تكن تقع تحت ضغط حكومي مصري، فالرجل (مرسي) فتح لها للمرة الأولى أبواب قصر الإتحادية مقر حكام مصر، على عكس ما آلت إليه الظروف في هذه الأوقات.
وتتهم السلطات المصرية حماس بالوقوف إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين، وتنفيذ هجمات ضد الجيش، وهو أمر تنفيه الحركة، وتؤكد على أنها لا تتدخل في أي شؤون عربية داخلية.
وتريد حماس في هذه الأوقات أن تعمل المصالحة على كسر عزلتها والحصار المفروض على قطاع غزة، فيما يريد الرئيس عباس أن يرتكز عليها لتكون داعما أساسيا له في المفاوضات الجارية مع إسرائيل، التي تتحجج بعدم سيطرته على قطاع غزة، في مطالبته لتكون الدولة الفلسطينية مقامة على حدود العام 1967.