تعريف الإعلام
الإعلام لغة من العلم، وأعلم فلاناً بالشئ أخبره به وعرّفه إياه. أما الكلمة الإنكليزية information الدالة على الإعلام، وكذلك الفرنسية التي تماثلها كتابة وتختلف عنها لفظاً، فمن الأصل اللاتيني informatio الذي يعني، كما في العربية، الإخبار والتوضيح والشرح. وإعلام الآخرين بخبر أو واقعة، أفراداً أو جماعات، قديم في المجتمعات البشرية وقد تنوعت أشكاله ومضامينه ووسائله، ويعد الإعلام من أغراض الصحافة ومحور اهتمامها مع الإلحاح على الجماهير. وقد ازداد هذا الإلحاح على الجماهير مع استعمال الوسائل السمعية والبصرية الحديثة. وغدا مصطلح الاتصال communication في الوقت الحاضر صاحب الحظوة والمقام الأول في البحوث التي تتناول الإعلام ونقل المعلومات بين المرسل والمتلقي ولاسيما حين يكون المستقبل جمهوراً واسعاً. والإعلام أو الاتصال فعالية ملازمة لوجود الإنسان، وهو ـ أي الإعلام ـ عامل مهم في التكامل الاجتماعي، فلا يمكن أن يستمر المجتمع ويتطور بالاتصال وحده مع أنه نشأ أصلاً على الاتصال.
وقد بدأ الإعلام اتصالاً بين الأفراد والجماعات باستخدام الإشارات والحركات والصوت، ثم كان اختراع الكتابة انعطافاً تاريخياً مهماً في العملية الإعلامية، كما كان اختراع الطباعة عام 1450 انعطافاً جذرياً آخر جعل تحقيق الإعلام ممكناً على نطاق واسع وسريع على أساس الوسيلة الناقلة للخبر وتعدد النسخ. وظهرت أول صحيفة يومية في العالم عام 1609 في ألمانية. بعد ذلك تسارعت التطورات الاجتماعية والاقتصادية والاكتشافات العلمية (التصوير 1822، والبرق 1838، والهاتف 1861، والإذاعة 1895، والتلفزيون 1934 فالمعلوماتية) وساعدت كلها على تطوير الإعلام عامة والإعلام الجماهيري خاصة.
أنواع الإعلام
ثمة نوعان للإعلام هما:
الإعلام الوجاهي (الشخصي): وهو الإعلام الذي يتم بين فرد وآخر، أو بين فرد واحد ومجموعة محدودة من الأفراد. ويختص الإعلام الوجاهي بقوة الحضور: فالمرسل فيه حاضر، وصوته هو حامل الرسالة الإعلامية، مما يجعل المرسل قادراً على زيادة قوة تأثير رسالته وفعاليتها بنبرات صوته ولهجته وإشاراته وحركاته. ويتميز هذا النوع من الإعلام بوجود قدر كبير من العفوية والمرونة والتغذية الراجعة أو الارتدادية المتمثلة بزيادة دعم التأثير عن طريق الاستمرارية والتكرار، ويكون المستقبل أو المتلقي حاضراً فيه أيضاً أمام المرسل الذي يعرف الجمهور الحاضر جيداً، ويراه، ويراقب ردود فعله، وتأثير رسالته فيه، الأمر الذي يمكنه من أن يجري على الرسالة التعديلات التي يراها مناسبة. هذه المزايا جعلت الإعلام الوجاهي مؤثراً وفعالاً حتى في أكثر المجتمعات الحديثة تطوراً وتعقيداً. وهذا ما يفسر استمرار استخدامه والاعتماد عليه، ولاسيما عندما يعمل بطريقة يدعم فيها وسائل الإعلام الجماهيري ويتكامل معها.
الإعلام الجماهيري: أدت التطورات الاجتماعية والاقتصادية، والثقافية والتعليمية، وتطبيقات الثورة العلمية والتقنية في مجال الاتصال إلى جعل الإعلام جماهيرياً. ويتصف الإعلام الجماهيري بأنه أصبح، مع التطور، مؤسسياًً وموازياً لتطور المجتمع وتعقده. فقد أصبحت الوسيلة الإعلامية ـ وليس الفرد ـ هي حاملة الرسالة الإعلامية، وأصبحت هذه الوسيلة قادرة على إيصال الرسالة إلى الملايين في وقت واحد، وأصبح الإعلام وحيد الاتجاه، من المرسل إلى المستقبل. وبرزت مسألة الاختيار، بمعنى أن الوسيلة الإعلامية هي التي تختار جمهورها، وأن الجمهور هو الذي يختار الوسيلة التي يرغب من الوسائل المتاحة. وأثبت التطور الاقتصادي التقني أن الإعلام الجماهيري يحتاج إلى عدد من الوسائل يقل عما كان يستخدم سابقاً، وبات واضحاً أن عدداً من المنتجين يستطيعون أن ينتجوا عدداً كبيراً من المنتجات الموحدة والنمطية والمتشابهة. ومن الخصائص المهمة للإعلام الجماهيري أنه يوجَّه إلى مستقبل متوسط، أي إلى نقطة متوسطة افتراضية تتجمع حولها أكبر كتلة من الجمهور. صحيح أن المؤسسة الإعلامية تتعامل مع أفراد، ولكنها لا تعرفهم شخصياً، والأبحاث الإعلامية تصنفهم فئاتٍ لا تهتم بفرديتهم. ومن الظواهر المهمة في مجال الإعلام الجماهيري المعاصر تزايد الارتباط القائم بين المؤسسة الإعلامية والمجتمع، وتزايد تفاعلها معه، حتى غدا من المتعذر فهم وسائل الإعلام بمعزل عن فهم المجتمع وعن دراسة التاريخ والاجتماع والفلسفة والاقتصاد وغيرها.
عناصر العملية الإعلامية وأنماطها
تتألف كل عملية إعلامية من مجموعة عناصر، تختلف وتتنوع بحسب نمط الاتصال المستخدم، ومع ذلك فثمة عناصر ثابتة في العمليات الإعلامية كافة وهي: المصدر الذي تصدر عنه المعلومات أو الوقائع أو الآراء، والمرسل الذي يقوم بصوغ هذه المعلومات وبترميزها وتحويلها إلى إشارات، والرسالة وهي المادة التي يرسلها المرسل، والوسيلة أي أداة نقل الرسالة أو بثها، والمستقبل وهو الجهاز الذي يقوم بفك رموز الرسالة، والجهة المتلقية أي الفرد أو الجمهور الذي يراد إيصال الرسالة إليه. وكثيراً ما يضيف الباحثون إلى هذه العناصر الغرض الذي يوجه العملية منذ بدئها.
أما أنماط الاتصال فأهمها أربعة. يلخص الأول العملية الإعلامية في الإجابة عن الأسئلة التالية: مَن يقول، وماذا يقول؟ وبأي وسيلة ولمن وبأي تأثير؟.
أما الثاني فيحدد ثلاثة مستويات للعملية الإعلامية: المستوى الفني العادي في نقل الرموز بدقة، والمستوى الدلالي، وهو مدى الدقة التي نقلت بها هذه الرموز والمعنى المطلوب إيصاله، ومستوى فعالية الاتصال أي كيفية تأثير المعاني التي تم استيعابها في سلوك المستقبِل أو المتلقي بالطريقة التي أرادها المرسل. ويطرح هذا النمط أيضاً مشكلة التشويش الذي تتعرض له الرسالة وتجعلها أقل فعالية.
أما النمط الثالث فيؤكد أهمية الخبرة المشتركة بين المرسل والمستقبل، (إن أكثر الرسائل جاذبية هي التي تقوم على أساس من خبرات مشتركة، وتلبي حاجات، وتقدم حلولاً). كما يؤكد أهمية التغذية الراجعة التي توضح كيف تم تفسير الرسالة وفهمها.
ويؤكد النمط الرابع الطابع الخاص في كل حالة من حالات الاتصال، ويفرق بين العوامل الثابتة والمتغيرة في كل عملية اتصال. فالمصدر ثابت ولكن آراءه واتجاهاته تختلف، والرسالة ثابتة ولكن مضمونها ومعالجتها قد يختلفان، والوسيلة ثابتة ولكن نوعها قد يختلف، والمستقبل ثابت كذلك ولكن خبرة أفراده واتجاهاتهم قد تختلف.
وظائف الإعلام
يسعى الإعلام إلى تحقيق وظائف معينة في المجتمع، وترتبط هذه الوظائف أساساً بفهم الدور الذي يقوم به الإعلام في المجتمع، وباحتياجات الناس المادية والفكرية والروحية، ولذلك فإن هذه الوظائف تختلف من مجتمع إلى آخر، ومن مرحلة يمر بها المجتمع الواحد إلى أخرى، ومن صحيفة إلى أخرى، ولها سمات مختلفة، وأحياناً متناقضة، الأمر الذي يجعل لهذه الوظائف طابعاً نسبياً ومتغيراً، ويؤدي إلى تباين آثار الإعلام واختلافها في المجتمعات الإنسانية.
وتحدّد غالبية المنظّرين الإعلاميين وظائف الإعلام على النحو التالي:
ـ الإعلام: أي تزويد الفرد بالمعلومات الضرورية ليستطيع فهم نفسه ومجتمعه وعالمه، وليستطيع التصرف عن علم ومعرفة، وأن يتوصل إلى قرار سليم.
ـ التنشئة الاجتماعية: أي توفير المعرفة الضرورية لجعل الأفراد أعضاءً فعّالين في المجتمع، ومشاركين في الحياة العامة، ولدعم التآزر والوعي الاجتماعيين.
ـ تعزيز الدوافع: بمعنى دعم الأهداف المباشرة والنهائية للمجتمع، وتشجيع الدافع إلى الاختيارات والتطلعات الشخصية، ودعم الأنشطة الخاصة بالأفراد والجماعات التي تتجه صوب تحقيق الأهداف المتفق عليها.
ـ الحوار: أي تبادل الآراء في الحقائق القائمة للوصول إلى اتفاق حولها وتوضيح مختلف وجهات النظر حول القضايا المهمة.
ـ التربية ونشر المعرفة: على نحو يعزّز التطور الثقافي والفني والعلمي وتكوين الشخصية واكتساب المهارات.
ـ الترفيه: بمعنى التسلية والإمتاع على الصعيدين الفردي والجماعي.
ـ التكامل: أي توفير الفرص للأشخاص والجماعات والأمم بما يكفل الوصول إلى رسائل متنوعة تحقق حاجاتهم من التعارف والتفاهم.
ـ التسويق والإعلان: بمعنى الإسهام في تنشيط الاقتصاد عن طريق الترويج للسلع وتسويقها.
وثمة نظرية إعلامية أخرى تنطلق من مكانة الصحافة في المجتمع، وهي النظرية الاشتراكية في الصحافة، وهي تفرق بين مفهومي الوظائف والمهمات. وترى هذه النظرية أن وظائف الإعلام ثابتة في حين تكون مهماته متغيرة. وتحدد هذه النظرية ثلاث وظائف للإعلام:
ـ التحريض: بمعنى إيجاد علاقة فكرية عاطفية بين الفرد والوقائع والظواهر والتطورات، عن طريق نشر الأخبار وتحليلها من وجهة نظر محددة.
ـ الدعاية: بمعنى تقديم المادة الإعلامية التي تعتمد أساساً على التحليل العميق للأحداث والظواهر من موقف أيديولوجي محدد، والتي تتوجه أساساً إلى ذهن القارئ (أو المستمع أو المشاهد) وإلى وعيه وقناعاته بقصد إيجاد قناعات عميقة ودائمة، تكوّن الأسس العامة لتفكيره وفهمه الأحداث وسلوكه في المجتمع.
ـ التنظيم: إذا كان التحريض يحدد «ماذا يجب أن نفعل»، والدعاية تحدد «لماذا يجب أن نفعل» فإن التنظيم يحدد «كيف يجب أن نفعل هذا الشيء»، بمعنى كيف يمكن تغيير الأشياء بالاتجاه المطلوب.
الإعلام والعلم
يدرس العلم الظاهرات وتطورها، ويسعى إلى التعميم، أي إلى قانون موضوعي يفسر هذه الظاهرات. أما الإعلام فيتناول الأحداث والظاهرات والتطورات كما هي عليه فعلاً، ويعنى بالمهمات العملية المحددة في ضوء الواقع الراهن وحاجات الإعلام. وبهذا المعنى يكون الإعلام تاريخاً للوضع الراهن. ثم إن الإعلام يرصد الممارسة الاجتماعية التي تقوم على أساس القوانين الموضوعية التي اكتشفها العلم، كما أن الكتابة الإعلامية التي تؤلف الأساس فيه تعتمد مناهج التفكير التي اكتشفها العلم. يضاف إلى ذلك أن المادة الإعلامية تؤلف مادة أولية مهمة للعلم. ومن هذه الزوايا المتعددة والمتعاونة تُرى الصلة الوثيقة بين الإعلام والعلم.
الإعلام والأدب والفن
يرتبط الإعلام ارتباطاً وثيقاً بصورتين من صور النشاط الفكري الإنساني: الصورة العلمية النظرية، والصورة الفنية. ويعد الأدب والفن صورتين من صور الفهم الجمالي عند الفرد، ولكل منهما أهداف جمالية، ويسعى كل منهما إلى إبداع نموذج، أو صورة نموذجية للشخصية، ويركز على أن الفرد حالة نموذجية بذاتها، لذلك فإن الأنواع الأدبية والفنية تستخدم الصورة أسلوباً للتعبير عن الواقع وانعكاسه، في حين يهتم الإعلام بدراسة دور الفرد في المجتمع، ومن ثم فإن من الممكن النظر إلى الإعلام على أنه وجه من وجوه المعرفة لانعكاس الواقع في جميع مظاهره. وهذا ما يفسر كون جميع عناصر الكتابة الأدبية والفنية التي يستخدمها الإعلام، لا تخدم أهدافاً جمالية، بل تخدم المعرفة بالدرجة الأولى وتصوير الفرد في الإعلام ليس له هدف جمالي بحت، بل يقوم مقام الواقعة. فالإعلام يرى في الفرد واقعةً لمعالجة قضية ما. وهو يدرس الظاهرات والتطورات والوقائع والشخصية الإنسانية (المتفردة) من وجهة نظر معرفية. فليست مهمة الإعلام إيجاد لوحة للواقع عن طريق منظومة من الصور، بل إن مهمته كتابة التاريخ المعاصر ومواكبة حركة الحياة وعملية التطور. ومما تقدم يمكن القول: إن الإعلام فن قائم بذاته، يسعى إلى المعرفة الموضوعية للعالم، وإنه، من ثمّ، ليس خليطاً من العلم والفن بل إن له مكانه الخاص.
لغة الإعلام وأسلوبه
يتصف الإعلام بأنه يقدم مادة تتعلق بالأحداث والظاهرات والتطورات الجارية، وأنه، بسبب طبيعته، يغلب عليه أنه يقدم هذه المادة بسرعة تفرضها مواعيد النشر والبث وغير ذلك، وأنه يقدم هذه المادة لجمهور مشغول، ومتعجل، ومتعب، وله مستوى معين من الثقافة، ودرجة معينة من الاهتمام، وأنه يقرأ هذه المادة أو يشاهدها، أو يستمع إليها في أحوال مختلفة ولأهداف متنوعة، وبدرجات متفاوتة من التركيز. إن مجمل هذه الخصائص يفرض على الإعلام استخدام لغة وأسلوب يتميزان بقدر كبير من الشروط العملية، كالوضوح والسهولة والإيجاز والقابلية السريعة للفهم والاستيعاب، والبنية البسيطة البعيدة عن أي غموض، الخالية من أي تعقيد أو إبهام أو لبس، وقريبة من الحياة اليومية، ومن القارئ أو المستمع أو المشاهد.
أثر الإعلام
العملية الإعلامية عملية متعمدة وغائية، وكأنها تقول: «نحن نتصل لنؤثر، ونؤثر بهدف». ويتوقف أثر الإعلام على عوامل متعددة أهمها: انتقاء المادة المناسبة، ومعالجتها بطريقة مناسبة، ونقلها وتقديمها بأسلوب مناسب، إلى جمهور مناسب. وتؤكد البحوث الإعلامية المعاصرة أن تأثير الإعلام «عملية» معقدة ومستمرة وتراكمية. وأن هذا التأثير لا يتوقف على خصائص الرسالة الإعلامية وحسب، بل كذلك على الأحوال التي يتم فيها إنتاج الرسالة وإيصالها، وعلى شخصية المستقبل، وعلى الأوضاع العامة في المجتمع. ومن الثابت أنه نادراً ما تعمل وسائل الإعلام وحيدة في عملية التأثير، بل تعمل ضمن مجموعة من القوى الوسيطة الخارجة عن عملية الإعلام. وتفيد هذه البحوث أن أثر الإعلام يشمل المجالات التالية: التنشيط (حض المتلقي على التفكير والتصرّف) والتدعيم (دعم قناعات وأفكار موجودة في ذهن المتلقي) والتحويل (العمل على تغيير بعض القناعات الموجودة في ذهن المتلقي أو تعديلها). ومع أن التركيز ينصب على تأثير مضمون وسائل الإعلام فإن ثمة من يرى أن المجتمع يتأثر بوسائل الإعلام ذاتها، أكثر مما يتأثر بمضمونها، وأن المطبعة أهم من أي شيء ومن كل شيء نشرته، وأن التلفزيون أهم من أي شيء أو من كل شيء تقدمه الشاشة، وينتهي إلى مقولة أن «الوسيلة هي الرسالة».
تكامل وسائل الإعلام
تؤكد البحوث الإعلامية المعاصرة أن العلاقة بين وسائل الإعلام المختلفة هي «علاقة تكامل لا تنافس». ومن الثابت أن وسيلة الإعلام القديمة لا تموت بظهور الوسيلة الجديدة، بل تكيف نفسها كي تستطيع أن تتعايش معها. فقد سيطرت الصحافة المقروءة عدة قرون، ومع ذلك لم تقض على الإعلام الوجاهي الشخصي. وحين ظهرت الإذاعة، لم يعد بين خصائص الصحافة السرعة في تقديم الأخبار، وأصبح في مقدمة مهماتها تفسير الأحداث وتوضيحها وشرحها. وعندما ظهر التلفزيون، قلّلت الصحافة من مواد التسلية والترفيه، وأكثرت من المواد التي تعطي خلفية للأحداث. ومن المحقق علمياً أن الاستماع إلى الإذاعة لا يتناقض مع قراءة الصحف، بل هو مكمل لها، كما أن التلفزيون ساعد الصحف، لأنه جعل الناس أقرب إلى الأحداث، ومكّن الصحافة من توسيع تغطيتها الإخبارية.
إن لكل وسيلة إعلامية مقدرة إقناعية مختلفة عما لغيرها. فالاتصال الوجاهي أكثر مقدرة على الإقناع من الصحيفة، والإذاعة أكثر سرعة وفاعلية ومقدرة على الاستهواء من الصحيفة، والصحيفة أكثر مقدرة على تفسير الأحداث وتحليلها من الإذاعة والتلفزيون، ولكن التلفزيون أكثر انتشاراً، وأكثر مقدرة على إعطاء الشعور بالمشاركة.
تؤكد البحوث أن ثمة تداخلاً بين مختلف الوسائل الإعلامية وأثرها وجمهورها، وأن هذه الوسائل لا تعمل منعزلة، بل تعمل على نحو متكامل. هذا ما يفسر حقيقة تعايش مختلف وسائل الإعلام (الفردية والجماهيرية، القديمة والحديثة، البصرية والسمعية، والسمعية ـ البصرية)، واستخدامها في المجتمع المعاصر.
ملكية وسائل الإعلام
تختلف ملكية وسائل الإعلام وتتنوع من مجتمع إلى آخر، ومن وسيلة إعلامية إلى أخرى. وتوجد في بعض الدول أشكال الملكية الثلاثة: الخاصة والتعاونية والعامة. ويحتدم الجدل حول سلبيات كل شكل منها وإيجابياته. فثمة من يرى أن الملكية الخاصة استطاعت أن تستفيد من المبادأة الفردية ومن المنافسة، وأن تحقق تطور الوسيلة الإعلامية وحيويتها، وأن توفر حيزاً واسعاً من الحرية، ومن دفع الأحداث لتحتل مكانتها في اهتمامات الفرد. ولكنها، في المقابل، حوّلت الوسيلة الإعلامية إلى سلعة، وخضعت لهيمنة رأس المال ولسيطرة الإعلان. ثم هناك من يقول إن الملكية التعاونية استطاعت إخراج الوسائل الإعلامية جزئياً من مأزقها التاريخي، ولكنها بقيت محدودة. وثمة من يرى أن الملكية العامة لوسائل الإعلام هي البديل الحقيقي للملكية الخاصة الذي يستطيع أن يحقق الطابع الوطني للإعلام ولاسيما في الدول النامية، وأن يحقق التطور المادي والتقني لهذه الوسائل، ويحررها من سيطرة الاحتكارات ورؤوس الأموال والإعلانات، ويجعلها تخدم المصالح الحقيقية للوطن والمواطن. ولكنها، في المقابل، أدت إلى نوع من الرسمية والجمود والنظرة الواحدية، والبيروقراطية، حتى انعكس الأمر سلبياً على فعالية هذه الوسائل، وعلى مقدرتها في التأثير في المستقبل.
البعد الدولي للإعلام
أبرز التطور التقني العاصف في مجال الإعلام مسألة البعد الدولي للإعلام وبات واضحاً ومؤكداً أن صورة الاتصال المعاصر هي انعكاس لواقع توزيع القوى على الساحة الدولية ولحقائق الوضع العالمي الجديد. كان الشعار المرفوع هو «التدفق الحر» للأنباء والمعلومات والآراء. ولكن الواقع الراهن يؤكد ظهور عقبات ضخمة أمام هذا التدفق الحر، أبرزها: الرقابة، وتكاليف الإنتاج الباهظة، وتزايد الطابع التجاري للتبادل الإعلامي، وتقويم مضمون الاتصال بوصفه سلعة يتم تسويقها وبيعها كأي سلعة أخرى، وإساءة استخدام سلطة الدولة، والممارسات الاحتكارية. هذه العوائق جعلت «التدفق الحر» يخدم مصالح الأقوى، الذي يملك موارد أكبر، وجعلت التدفق يستخدم أداة اقتصادية وثقافية وأيديولوجية للسيطرة على من لم تتوافر لديهم تلك الوسائل بالقدر نفسه. وهكذا برزت التبعية الإعلامية، وتحول «التدفق الحر» إلى تدفق باتجاه واحد ـ يتم على الصعيد الدولي من الدول الصناعية الغنية، إلى الدول الصناعية الأخرى الأقل تطوراً، كما يتم باتجاه الدول النامية، ويفرض عليها نوعاً من الهيمنة والغزو السياسي والأيديولوجي والثقافي والأخلاقي، الأمر الذي دفع بالدول النامية إلى السعي لتحقيق ما أصبح يعرف باسم «النظام الإعلامي الدولي الجديد»، الذي يهدف إلى تصحيح هذا الخلل.
مفهوم الاتصال:
يعود أصل كلمة communication في اللغات الأوروبية -والتي اقتبست أو ترجمت إلى اللغات الأخرى وشاعت في العالم- إلى جذورالكلمة اللاتينية communis التي تعني "الشيء المشترك" ، ومن هذه الكلمة اشتقت كلمةcommune التي كانت تعني في القرنين العاشر والحادي عشر "الجماعة المدنية" بعدانتزاع الحق في الإدارة الذاتية للجماعات في كل من فرنسا وإيطاليا قبل أن تكتسب الكلمة المغزى السياسي والأيديولوجي فيما عرف بـ "كومونة باريس" في القرن الثامن عشر؛ أما الفعل اللاتيني لجذر الكلمة communicare فمعناه "يذيع أو يشيع " ومن هذاالفعل اشتق من اللاتينية والفرنسية نعت communique الذي يعني "بلاغ رسمي" أو بيان أو توضيح حكومي.
وقد تعددت المفاهيم التي طرحت لتحديد معنى الاتصال بتعددالمدارس العلمية والفكرية للباحثين في هذا المجال ، وبتعدد الزوايا والجوانب التييأخذها هؤلاء الباحثون في الاعتبار عند النظر إلى هذه العملية، فعلى المستوى العلميالبحثي يمكن القول بوجود مدخلين لتعريف الاتصال:
المدخل الأول:
ينظر إلىالاتصال على انه عملية يقوم فيها طرف أول (مرسل) بإرسال رسالة إلى طرفمقابل(مستقبل) بما يؤدي إلى أحداث اثر معين على متلقي الرسالة.
المدخل الثاني:
يرى أن الاتصال يقوم على تبادل المعاني الموجودة في الرسائل والتي منخلالها يتفاعل الأفراد من ذوي الثقافات المختلفة ، وذلك من أجل إتاحة الفرصة لتوصيلالمعنى ، وفهم الرسالة.
والمدخل الأول يهدف إلى تعريف المراحل التي يمر بهاالاتصال ، ويدرس كل مرحلة على حدة ، وهدفها وتأثيرها على عملية الاتصال ككل. أماالتعريف الثاني فهو تعريف بناءي أو تركيبي ، حيث يركز على العناصر الرئيسية المكونةللمعنى ، والتي تنقسم بدورها إلى ثلاث مجموعات رئيسية:
أ- الموضوع: إشارتهورموزه.
ب- قارئو الموضوع والخبرة الثقافية والاجتماعية التي كونتهم، والإشاراتوالرموز التي يستخدمونها.
ج- الوعي بوجود واقع خارجي يرجع إليه الموضوعالناس.
وفي ضوء المدخل الأول عرف بعض الباحثين الاتصال بالنظر إليه كعملية يتممن خلالها نقل معلومات أو أفكار معينة بشكل تفاعل من مرسل إلى مستقبل بشكل هادف،ومن نماذج هذه التعريفات:
• الاتصال هو العملية التي يتم من خلالها نقل رسالةمعينة أو مجموعة من الرسائل من مرسل أو مصدر معين إلى مستقبل،أما الاتصال الجماهيريفهو ذلك النمط من الاتصال الذي يتم بين اكثر من شخصين لإتمام العملية الاتصاليةوالتي غالبا ما تقوم بها بعض المؤسسات أو الهيئات عن طريق رسائل جماهيرية.
• الاتصال هو نقل أو انتقال للمعلومات والأفكار والاتجاهات أو العواطف من شخص أوجماعة لآخر أو للآخرين من خلال رموز معينة.
• الاتصال يعرف على انه عملية تحددالوسائل والهدف الذي يتصل أو يرتبط بالآخرين ، ويكون من الضروري اعتباره تطبيقالثلاثة عناصر :العملية-الوسيلة-الهدف.
• الاتصال عملية تفاعل بين طرفين من خلالرسالة معينة ،فكرة ، أو خبرة ،أو أي مضمون اتصالي آخر عبر قنوات اتصالية ينبغي أنتتناسب مع مضمون الرسالة بصورة توضح تفاعلا مشتركا فيما بينهما.
وفي ضوء المدخلالثاني الذي ينظر إلى الاتصال على انه عملية تبادل معاني يعرف بعض الباحثين الاتصالكعملية تتم من خلال الاتكاء على وسيط لغوي ، في ضوء أن كلا من المرسل والمستقبليشتركان في إطار دلالي واحد، بحيث ينظر إلى الاتصال هنا على انه عملية تفاعل رمزي ،ومن نماذج هذه التعريفات:
• الاتصال تفاعل بالرموز اللفظية بين طرفين : أحدهمامرسل يبدأ الحوار ، وما لم يكمل المستقبل الحوار ، لا يتحقق الاتصال ويقتصر الأمرعلى توجيه الآراء أو المعلومات، من جانب واحد فقط دون معرفة نوع الاستجابة أوالتأثير الذي حدث عند المستقبل.
• الاتصال عملية يتم من خلالها تحقيق معانيمشتركة (متطابقة) بين الشخص الذي يقوم بالمبادرة بإصدار الرسالة من جانب والشخصالذي يستقبلها من جانب آخر.
والإعلام هو جزء من الاتصال ، فالاتصال اعم واشمل،ويمكن تعريف الإعلام بأنه تلك العملية الإعلامية التي تبدأ بمعرفة المخبر الصحفيبمعلومات ذات أهمية، أي معلومات جديدة بالنشر والنقل، ثم تتوالى مراحلها: تجميعالمعلومات من مصادرها، نقلها، التعاطي معها وتحريرها، ثم نشرها وإطلاقها أو إرسالهاعبر صحيفة أو وكالة أو إذاعة أو محطة تلفزة إلى طرف معني بها ومهتم بوثائقها.
إذن لابد من وجود شخص أو هيئة أو فئة أو جمهور يهتم بالمعلوماتفيمنحها أهمية على أهميتها، ويكون الإعلام عن تلك العملية الإعلامية التي تتم بينميدان المعلومات وبين ميدان نشرها أو بثها.
مكونات عملية الاتصال:
إن النظرإلى الاتصال كعملية يعني أن الاتصال لا ينتهي بمجرد أن تصل الرسالة من المصدر (المرسل) إلى المتلقي (المستقبل)، كما يعني أن هناك العديد من العوامل الوسيطة بينالرسالة والمتلقي بما يحدد تأثير الاتصال؛ من جهة أخرى فإن كلا من المرسل والمتلقيي تحدث عن موضوع معين أو موضوعات معينة فيما يعرف بالرسالة أو الرسائل، ويعكس هذاالحديث ليس فقط مدى معرفة كل منها بالموضوع أو الرسالة ، ولكن أيضا يتأثر بما لديهمقيم ومعتقدات وكذلك بانتماءاته الاجتماعية الثقافية بما يثير لديه ردود فعل معينةتجاه ما يتلقاه من معلومات وآراء وبما يحدد أيضا مدى تأثره بهذه المعلومات والآراء.
في هذا الإطار المركز تطورت النماذج التي تشرح وتفسر عملية الاتصالبعناصرها المختلفة، حيث ظهر في البداية النموذج الخطي أو المباشر الذي يرى أن تلكالعناصر هي مجرد المرسل والرسالة والمستقبل، ولكن الدراسات التي أجريت منذالأربعينيات بينت مدى قصور ذلك النموذج ، وحطمت النظرية القائلة بأن لوسائل الإعلامتأثيرا مباشرا على الجمهور ؛ لقد ظهرت العديد من النماذج والتي تطورت من الطبيعةالثنائية إلى الطبيعة الدائرية والتي على ضوئها تتكون عملية الاتصال من ستة عناصرأساسية هي المصدر والرسالة والمتلقي (المستقبل) ثم رجع الصدى والتأثير، وفيما يلينبذة موجزة عن هذه العناصر:
المصدر(source):
ويقصد به منشأ الرسالة، وقد يكونالمصدر فردا أو مجموعة من الأفراد وقد\ يكون مؤسسة أو شركة ، وكثيرا ما يستخدمالمصدر بمعنى القائم بالاتصال، غير أن ما يجدر التنويه إليه هنا أن المصدر ليسبالضرورة هو القائم بالاتصال، فمندوب التلفزيون قد يحصل على خبر معين من موقعالأحداث ثم يتولى المحرر صياغته وتحريره، ويقدمه قارئ النشرة إلى الجمهور ، في هذهالحالة وجدنا بعض دراسات الاتصال يذهب إلى أن كل من المندوب والمحرر وقارئ النشرةبمثابة قائم بالاتصال وان اختلف الدور، بينما يذهب البعض الآخر من الدراسات إلى أنالقائم بالاتصال هو قارئ النشرة فقط ، أي انه بينما يوسع البعض مفهوم القائمبالاتصال ليشمل كل من يشارك في الرسالة بصورة أو بأخرى ، فإن البعض الآخر يضيقالمفهوم قاصرا إياه على من يقوم بالدور الواضحللمتلقي.
الرسالة(message):
وهي المنبه الذي ينقله المصدر إلى المستقبل ،وتتضمن المعاني من أفكار وآراء تتعلق بموضوعات معينة يتم التعبير عنها رمزيا سواءباللغة المنطوقة أو غير المنطوقة، وتتوقف فاعلية الاتصال على الفهم المشترك للموضوعواللغة التي يقدم بها، فالمصطلحات العلمية والمعادلات الرياضية المعقدة الخاصةبالكيمياء الحيوية مثلا تكون مفهومة بين أستاذ الكيمياء وطلابه، أما إذا تحدث نفسالأستاذ عن الموضوع مع طلاب الإعلام والاتصال لا يكون الأمر كذلك، فهناك فجوة أوعدم وجود مجال مشترك للفهم بين المرسل والمستقبل، والمنطق نفسه إذا كان الأستاذيلقي محاضرة بلغة لا يفهمها أو لا يعرفها الحاضرون ، أو إذا استخدم إيماءات وإشاراتذات دلالة مختلفة لهم.
من جهة أخرى تتوقف فاعلية الاتصال على الحجم الإجماليللمعلومات المتضمنة في الرسالة ، ومستوى هذه المعلومات من حيث البساطة والتعقيد،حيث أن المعلومات إذا كانت قليلة فإنها قد لا تجيب على تساؤلات المتلقي ولا تحيطهعلما كافيا بموضوع الرسالة الأمر الذي يجعلها عرضة للتشويه، أما المعلومات الكثيرةفقد يصعب على المتلقي استيعابها ولا يقدر جهازه الإدراكي على الربطبينها.
الوسيلة أو القناة(channel):
وتعرف بأنها الأداة التي من خلالها أوبواسطتها يتم نقل الرسالة من المرسل إلى المستقبل، وتختلف الوسيلة باختلاف مستوىالاتصال، فهي الاتصال الجماهيري تكون الصحيفة أو المجلة أو الإذاعة أو التلفزيون،وفي الاتصال الجمعي مثل المحاضرة أو خطبة الجمعة أو المؤتمرات تكون الميكرفون ، وفيبعض مواقف الاتصال الجمعي أيضا قد تكون الأداة مطبوعات أو شرائح أو أفلام فيديو،اما في الاتصال المباشر فإن الوسيلة لا تكون ميكانيكية (صناعية) وانما تكونطبيعية
وظائف وسائل الإعلام:
دور وسائل الإعلام في المجتمع هام جدا إلى درجةخصصت الحكومات أقساما ودوائر ووزارات إعلام تتولى تحقيق أهداف داخلية وخارجية عنطريق تلك الوسائل، من تلك الأهداف رفع مستوى الجماهير ثقافيا، وتطوير أوضاعهاالاجتماعية والاقتصادية، هذا داخليا.
أما خارجيا فمن أهداف دوائر الإعلام تعريفالعالم بحضارة الشعوب ووجهات نظر الحكومات في المسائل الدولية.
ولم يقتصر اهتمام وسائل الحكومات بوسائل الإعلام، بل أن مؤسسات اجتماعية وسياسية واقتصادية اهتمتبها، ووجدت ان تلك الوسائل تخدمها وتخدم اهدافها وتساعد في ازدهارها.
وليس أدل على أهمية الإعلام ووسائله مما أصبح معروفا في العالم، من ان الدولة ذات الإعلام القوي تعتبر قوية وقادرة، فلقد أصبح الإعلام رئيسيا في بقاء بعض الدول وخاصة تلكالتي وجدت فيه احدى دعاماتها الرئيسية الأولى، وقدمته على باقي دعائمالدولة.
وسبب كل ذلك هو ان وسائل الإعلام مؤثرة في الجماهير وفاعلة سلبا أوايجابا؛ فما هي وظائف تلك الوسائل؟
للإعلام خمس وظائف رئيسية هي:
أولا: التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات.
ثانيا: زيادة الثقافة والمعلومات.
ثالثا: تنمية العلاقات البينية وزيادة التماسك الاجتماعي.
رابعا: الترفيه وتوفير سبلالتسلية وقضاء أوقات الفراغ.
خامسا: الاعلان والدعاية.
أولا: التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات:
من المتعارف عليه ان المدرسة تولى مهمة التوجيه،باعتبار ان الطالب يقضي قسما مهما من حياته فيها؛ لكن المجتمع بجميع مؤسساتهالاسرية والعائلية والاجتماعية والدينية والاقتصادية له دور كبير في مجال التوجيه،وتكوين المواقف والاتجاهات الخاصة بكل فرد.
من هنا تتلاقى تلك المؤسسات معالمدرسة في مهمة التوجيه وتكوين المواقف والاتجاهات، خاصة وان المجتمع ليس كلهطلابا، ولا يتاح عادة لكل افراد المجتمع دخول المدارس أو الاستمرار في الدرسوالتحصيل.
وإذا كانت المدرسة تقوم بمهمتها تلك عن طريق الهيئة التعليميةوالكتاب، فإن توجيه المجتمع يمارس بشكل مباشر وغير مباشر على السواء عن طريق وسائلالإعلام المنتشرة عادة، فكلما كانت المادة الإعلامية ملائمة للجمهور لغة ومحتوى،ازداد تأثيرها، فلا يعقل مثلا ان تخاطب الذين لا يجيدون اللغة العربية باللغةالفصحى، ولا الذين ليس لديهم مستوى ثقافي معين بالمنطق وعلم الكلام والحجج الفكرية والفلسفية.
ثانيا: زيادة الثقافة والمعلومات:
التثقيف العام هدفه هوزيادة ثقافة الفرد بواسطة وسائل الإعلام وليس بالطرق والوسائل الاكاديميةالتلعيمية، والتثقيف العام يحدث في الإطار الاجتماعي للفرد أكان ذلك بشكل عفويوعارض أو بشكل مخطط ومبرمج ومقصود.
والتثقيف العفوي هو مواجهة دائمة من جانبوسائل الإعلام للفرد، هذه المواجهة تقدم له ـ بدون أن يكون هو المقصود بالذات ـمعلومات وافكار وصور وآراء، وهذا يحدث عندما يتجول الطالب في ساحة ملعب جامعتهفيفاجأ بجريد حائط أو بتلفزيون نادي الجامعة أو باللافتات المرفوعة في أماكن منالجامعة، وكلها تحمل عبارات تلفت نظره، فيندفع في قراءتها أو متابعتها فتعلق بعضالكلمات في ذهنه ويأخذ ببعض الآراء.
أما التثقيف المخطط فهو حصيلة وظيفتيالتوجيه والتبشير؛ لكن هناك بعض الحالات تقع في دائرة التثقيف المخطط كالبرامجالزراعية التي هي عبارة عن حلقات ارشاد للمزارعين يدعون إليها أو تبث إليهم عبرالاذاعة أو التلفزيون.
ثالثا: الاتصال الاجتماعي والعلاقات البينية:
ويعرف الاتصال الاجتماعي عادة بالاحتكاك المتبادل بين الأفراد بعضهم معبعض، هذا الاحتكاك هو نوع من التعارف الاجتماعي يتم عن طريق وسائل الإعلام التيتتولى تعميق الصلات الاجتماعية وتنميتها.
فعندما تقدم الصحف كل يوم اخبارااجتماعية عن الأفراد او الجماعات او المؤسسات الاجتماعية والثقافية فإنها بذلك تكونصلة وصل يومية تنقل أخبار الافراح من مواليد وزيجات، وأخبار الاحزان من وفيات وفشلوخسارة، وليست صفحة الولادات والوفيات والشكر بصفحة عابرة وغير مهمة في الصحف، بلانها وسيلة للاتصال الاجتماعي اليومي بين جميع فئات الجماهير.
وأمر ثان هو قياموسائل الإعلام كلها تقريبا بتعريف الناس ببعض الاشخاص البارزين أو الذين هم في طريقالشهرة سواء في مجال السياسة او الفن او المجتمع او الادب.
رابعا: الترفيه عن الجمهور وتسليته:
وتقوم وسائل الإعلام بما تقوم به من وظائف بمهمة ملء أوقاتالفراغ عند الجمهور بما هو مسل ومرفه؛ وهذا يتوقف بواسطة الابواب المسلية في الصحفأو كالبرامج الكوميدية في التلفزيون.
في الحالتين تأخذ وسائل الإعلام فياعتبارها مبدأ واضحا وهو ان برامج الترفيه والتسلية ضرورية لراحة الجمهور ولجذبهاليها؛ وحتى في مجال الترفيه هناك برامج وابواب ترفيه موجه يمكن عن طريقها الدعوةإلى بعض المواقف ودعم بعض الاتجاهات او تحويرها وحتى تغييرها، وهذا يتطلب بالطبعاساليب مناسبة من جانب وسائل الإعلام.
خامسا: الاعلان والدعاية:
تقوم وسائل الإعلام بوظيفة الاعلان عن السلع الجديدة التي تهم المواطنين، كما تقوم بدورهام في حقول العمل والتجارة عندما تتولى الاعلان عن وجود وظائف شاغرة او وجودموظفين مستعدين للعمل ، او عندما تتولى الاعلان عن اجراء مناقصة او وضع التزام موضعالتنفيذ…الخ.
ولهذا استطاعت وسائل الإعلام على تنوعها من صحافة وتلفزيون وسينماوأحيانا إذاعة، أمام تعقيد الحياة وتعدد ما فيها من اختراعات وصناعات واكتشافات انتقوم بمهمة التعريف بما هو جديد وتقديمه إلى الجمهور وعرض فوائده واسعاره وحسناتهبشكل عام.
هذه هي الوظائف الاجتماعية لوسائل الإعلام ، وهي وان جرى حصرها فيخمس وظائف، لكن تبقى هناك مهمات تفصيلية أيضا لوسائل الإعلام تندرج تحت هذهالوظائف، فوسائل الإعلام في الواقع أصبحت تقوم مقام المعلم والمربي وحتى الاب والامفي حالات كثيرة، فالبرامج التربوية والمدرسية وبرامج الاطفال وبرامج الطلاب وغيرهامن برامج تبثها وسائل الإعلام انما تلتقي بوظيفة التثقيف ، لكنها تتعدى تلك الوظيفةإلى ما هو اعمق وأعم واشمل، إلى درجة يمكن القول معها ان الفرد يولد وينمو قليلاحتى تتولاه وسائل الإعلام وترعاه وتقدم إليه ما يلزم من تثقيف وتوجيه وترفيه واعلانوغير ذلك، وأحيانا تقدم إليه ما يسيء إلى نمو شخصيته وآرائه، فتنحرف بها اوتشوهها.
نظريات الإعلام:
مفهوم نظريات الإعلام:
يقصد بنظريات الإعلامخلاصة نتائج الباحثين والدارسين للاتصال الإنساني بالجماهير بهدف تفسير ظاهرةالاتصال والإعلام ومحاولة التحكم فيها والتنبؤ بتطبيقاتها وأثرها في المجتمع ، فهيتوصيف النظم الإعلامية في دول العالم على نحو ما جاء في كتاب نظريات الصحافة الأربعلبيترسون وشرام.
علاقة نظريات الإعلام بفلسفة الإعلام:
هناك علاقة بين نظرياتالإعلام وفلسفة الإعلام ففلسفة الإعلام هي بحث العلاقة الجدلية بين الإعلاموتطبيقاته في المجتمع ، أي تحليل التفاعل بين أسس الإعلام كعلم وبين ممارساتهالفعلية في الواقع الاجتماعي، ويرى النظريون أن نظريات الإعلام جزء من فلسفةالإعلام، لأن فلسفة الإعلام أعم واشمل من النظريات ، وكثيرا ما شاع استخدام نظرياتالإعلام باعتبارها فلسفة الإعلام أو مذاهب الإعلام، ولكن في واقع الأمر أن استخدامتعبير نظريات الإعلام كان في مجمله انعكاسا للحديث عن أيديولوجيات ومعتقداتاجتماعية واقتصادية أو الحديث عن أصول ومنابع العملية الإعلامية(مرسل، ومستقبل،ووسيلة …الخ)
وترتبط النظريات بالسياسات الإعلامية في المجتمع، من حيث مدىالتحكم في الوسيلة من الناحية السياسية، وفرص الرقابة عليها وعلى المضمون الذي ينشرأو يذاع من خلالها، فهل تسيطر عليها الحكومة أم لها مطلق الحرية أم تحددها بعضالقوانين.
1-نظرية السلطة
ظهرت هذه النظرية في إنجلترا في القرن السادس عشر ،وتعتمد عل نظريات أفلاطون وميكافيللي، وترى أن الشعب غير جدير على أن يتحملالمسؤولية أو السلطة فهي ملك للحاكم أو السلطة التي يشكلها.
وتعمل هذه النظريةعلى الدفاع عن السلطة، ويتم احتكار تصاريح وسائل الإعلام، حيث تقوم الحكومة علىمراقبة ما يتم نشره، كما يحظر على وسائل الإعلام نقد السلطة الحاكمة والوزراءوموظفي الحكومة؛ وعلى الرغم من السماح للقطاع الخاص على إصدار المجلات إلا انهينبغي أن تظل وسائل الإعلام خاضعة للسلطة الحاكمة.
وتمثل تجربة هتلر وفرانكوتجربة أوروبية معاصرة في ظل هذه النظرية ، وقد عبر هتلر عن رؤيته الأساسية للصحافة بقوله:
"انه ليس من عمل الصحافة أن تنشر على الناس اختلاف الآراء بين أعضاءالحكومة، لقد تخلصنا من مفهوم الحرية السياسية الذي يذهب إلى القول بأن لكل فردالحق في أن يقول ما يشاء".
ومن الأفكار الهامة في هذه النظرية أن الشخص الذييعمل في الصحافة أو وسائل الإعلام الجماهيرية ، يعمل بها كامتياز منحه إياه الزعيمالوطني ويتعين أن يكون ملتزما أمام الحكومة والزعامة الوطنية.
2-نظريةالحرية:
ظهرت في بريطانيا عام 1688م ثم انتشرت إلى أوروبا وأمريكا، وترى هذهالنظرية أن الفرد يجب أن يكون حرا في نشر ما يعتقد انه صحيحا عبر وسائل الإعلام،وترفض هذه النظرية الرقابة أو مصادرة الفكر.
ومن أهداف نظرية الحرية تحقيق اكبرقدر من الربح المادي من خلال الإعلان والترفيه والدعاية، لكن الهدف الأساسي لوجودهاهو مراقبة الحكومة وأنشطتها المختلفة من أجل كشف العيوب والفساد وغيرها من الأمور،كما انه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تمتلك الحكومة وسائل الإعلام؛ أما كيفيةإشراف وسائل الإعلام في ظل نظرية الحرية فيتم من خلال عملية التصحيح الذاتي للحقيقةفي سوق حرة بواسطة المحاكمة.
وتتميز هذه النظرية أن وسائل الإعلام وسيلة تراقبأعمال وممارسات أصحاب النفوذ والقوة في المجتمع، وتدعو هذه النظرية إلى فتح المجاللتداول المعلومات بين الناس بدون قيود من خلال جمع ونشر وإذاعة هذه المعلومات عبروسائل الإعلام كحق مشروع للجميع.
نقد النظرية:
لقد تعرضت نظرية الحرية للكثيرمن الملاحظات والانتقادات ، حيث أصبحت وسائل الإعلام تحت شعار الحرية تُعرض الأخلاقالعامة للخطر، وتقحم نفسها في حياة الأفراد الخاصة دون مبرر، وتبالغ في الأمورالتافهة من أجل الإثارة وتسويق المادة الإعلامية الجديدة، كما أن الإعلام اصبح يحققأهداف الأشخاص الذين يملكون على حساب مصالح المجتمع وذلك من خلال توجيه الإعلاملأهداف سياسية أو اقتصادية ، وكذلك من خلال تدخل المعلنين في السياسة التحريرية ،وهنا يجب ان ندرك ان الحرية مطلوبة لكن شريطة ان تكون في إطار الذوق العام، فالحريةالمطلقة تعني الفوضى وهذا يسيء إلى المجتمع ويمزقه.
3- نظرية المسؤولية الاجتماعية:
بعد ان تعرضت نظرية الحرية للكثير من الملاحظات لابد من ظهور نظرية جديدة في الساحة الإعلامية ، فبعد الحرب العالمية الثانية ظهرت نظرية المسؤوليةالاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتقوم هذه النظرية على ممارسة العمليةالإعلامية بحرية قائمة على المسؤولية الاجتماعية ، وظهرت القواعد والقوانين التيتجعل الرأي العام رقيبا على آداب المهنة وذلك بعد ان استُخدمت وسائل الإعلام فيالإثارة والخوض في أخبار الجنس والجريمة مما أدى إلى إساءة الحرية أو مفهوم الحرية.
ويرى أصحاب هذه النظرية ان الحرية حق وواجب ومسؤولية في نفس الوقت، ومنهنا يجب ان تقبل وسائل الإعلام القيام بالتزامات معينة تجاه المجتمع، ويمكنهاالقيام بهذه الالتزامات من خلال وضع مستويات أو معايير مهنية للإعلام مثل الصدقوالموضوعية والتوازن والدقة - ونلاحظ ان هذه المعايير تفتقد إليها نظرية الحرية – ويجب على وسائل الإعلام في إطار قبولها لهذه الالتزامات ان تتولى تنظيم أمورهاذاتيا في إطار القانون والمؤسسات القائمة، ويجب ان تكون وسائل الإعلام تعددية تعكستنوع الآراء والأفكار في المجتمع من خلال إتاحة الفرصة للجميع من خلال النشروالعرض، كما ان للجمهور العام الحق في ان يتوقع من وسائل الإعلام مستويات أداءعليا، وان التدخل في شؤون وسائل الإعلام يمكن ان يكون مبرره تحقيق هذه المصلحةالعامة؛ أضف إلى ذلك ان الإعلاميين في وسائل الاتصال يجب ان يكونوا مسؤولين أمامالمجتمع بالإضافة إلى مسؤولياتهم أمام مؤسساتهم الإعلامية.
وتهدف هذه النظريةإلى رفع مستوى التصادم إلى مستوى النقاش الموضوعي البعيد عن الانفعال، كما تهدف هذهالنظرية إلى الإعلام والترفيه والحصول على الربح إلى جانب الأهداف الاجتماعيةالأخرى .
ويحظر على وسائل الإعلام نشر أو عرض ما يساعد على الجريمة أو العنف أوماله تأثير سلبي على الاقليات في أي مجتمع، كما يحظر على وسائل الإعلام التدخل فيحياة الأفراد الخاصة؛ وبإمكان القطاع العام والخاص ان يمتلكوا وسائل الإعلام في ظلهذه النظريات ولكنها تشجع القطاع الخاص على امتلاك وسائل الإعلام.
4- النظريةالسوفيتية(الاشتراكية):
ان الأفكار الرئيسية لهذه النظرية التي وضع أساسها ماركسوانجلوس ووضع قواعد تطبيقها لينين واستالين يمكن إيجازها في ان الطبقة العاملة هيالتي تمتلك سلطة في أي مجتمع اشتراكي ، وحتى تحتفظ هذه الطبقة بالسلطة والقوة فإنهالابد ان تسيطر على وسائل الإنتاج الفكري التي يشكل الإعلام الجزء الأكبر منها، لهذايجب ان تخضع وسائل الإعلام لسيطرة وكلاء لهذه الطبقة العاملة وهم في الأساس الحربا لشيوعي .
ان المجتمعات الاشتراكية تفترض أنها طبقات لا طبقية، وبالتالي لا وجودصراع للطبقات، لذلك لا ينبغي ان تنشأ وسائل الإعلام على أساس التعبير عن مصالحمتعارضة حتى لا ينفذ الخلاف ويشكل خطورة على المجتمع.
لقد حدد لينين اختصاصاتالصحافة وأهدافها :
* زيادة نجاح واستمرارية النظام الاشتراكي وبوجه خاصدكتاتورية الحرب الشيوعي.
• يكون حق استخدام وسائل وقنوات الاتصال لأعضاء الحربالمتعصبين والموالين أكثر من الأعضاء المعتدلين.
• تخضع وسائل الإعلام للرقابةالصارمة.
• يجب ان تقدم وسائل الإعلام رؤية كاملة للمجتمع والعالم طبقا للمبادئالشيوعية ووجود قوانين موضوعية تحكم التاريخ.
• إن الحرب الشيوعي هو الذي يحق لهامتلاك وإدارة وسائل الإعلام من أجل تطويعها لخدمة الشيوعية والاشتراكية.
5- النظرية التنموية:
نظرا لاختلاف ظروف العالم النامي التي ظهرت للوجود في منتصفهذا القرن هي بالتالي تختلف عن الدول المتقدمة من حيث الإمكانيات الماديةوالاجتماعية ، كان لابد لهذه الدول من نموذج إعلامي يختلف عن النظريات التقليديةالأربع التي استعرضناها، ويناسب هذا النموذج أو النظرية أو الأوضاع القائمة فيالمجتمعات النامية فظهرت النظرية التنموية في عقد الثمانينات، وتقوم على الأفكاروالآراء التي وردت في تقرير لجنة "واك برايل" حول مشكلات الاتصال في العالم الثالث،فهذه النظرية تخرج عن نطاق بعدي الرقابة والحرية كأساس لتصنيف الأنظمة الإعلامية ،فالأوضاع المتشابهة في دول العالم الثالث تحد من إمكانية تطبيق نظريات الإعلام التيأشرنا إليها في السابق وذلك لغياب العوامل الأساسية للاتصال كالمهارات المهنيةوالمواد الثقافية والجمهور المتاح.
ان المبادئ والأفكار التي تضمنت هذه النظريةتعتبر هامة ومفيدة لدول العالم النامي لأنها تعارض التبعية وسياسة الهيمنةالخارجية.
كما ان هذه المبادئ تعمل على تأكيد الهوية الوطنية والسيادة القوميةوالخصوصية الثقافية للمجتمعات؛ وعلى الرغم من أن هذه النظرية لا تسمح إلا بقدر قليلمن الديمقراطية حسب الظرف السائدة إلا أنها في نفس الوقت تفرض التعاون وتدعو إلىتظافر الجهود بين مختلف القطاعات لتحقيق الأهداف التنموية، وتكتسب النظرية التنمويةوجودها المستقل من نظريات الإعلام الأخرى من اعترافها وقبولها للتنمية الشاملةوالتغيير الاجتماعي.
وتتلخص أفكار هذه النظرية في النقاط التالية:
• ان وسائل الإعلام يجب ان تقبل تنفيذ المهام التنموية بما يتفق مع السياسة الوطنيةالقائمة.
• ان حرية وسائل الإعلام ينبغي ان تخضع للقيود التي تفرضها الأولوياتالتنموية والاحتياجات الاقتصادية للمجتمع.
• يجب ان تعطي وسائل الإعلام أولويةللثقافة الوطنية واللغة الوطنية في محتوى ما تقدمه.
• ان وسائل الإعلام مدعوة فيإعطاء أولوية فيما تقدمه من أفكار ومعلومات لتلك الدول النامية الأخرى القريبةجغرافيا وسياسيا وثقافيا.
• ان الصحفيين والإعلاميين في وسائل الاتصال لهمالحرية في جمع وتوزيع المعلومات والأخبار.
• ان للدولة الحق في مراقبة وتنفيذأنشطة وسائل الإعلام واستخدام الرقابة خدمة للأهداف التنموية.
6- نظرية المشاركةالديمقراطية:
تعد هذه النظرية أحدث إضافة لنظريات الإعلام وأصعبها تحديدا، فقدبرزت هذه النظرية من واقع الخبرة العملية كاتجاه إيجابي نحو ضرورة وجود أشكال جديدةفي تنظيم وسائل الإعلام، فالنظرية قامت كرد فعل مضاد للطابع التجاري والاحتكاريلوسائل الإعلام المملوكة ملكية خاصة، كما أن هذه النظرية قامت ردا على مركزيةمؤسسات الإذاعة العامة التي قامت على معيار المسؤولية الاجتماعية وتنتشر بشكل خاصفي الدول الرأسمالية.
فالدول الأوروبية التي اختارت نظام الإذاعة العامة بديلاعن النموذج التجاري الأمريكي كانت تتوقع قدرة الإذاعة العامة على تحسين الأوضاعالاجتماعية والممارسة العاجلة للإعلام، ولكن الممارسة الفعلية لوسائل الإعلام أدتإلى حالة من الإحباط وخيبة الأمل بسبب التوجه الصفوي لبعض منظمات الإذاعةوالتلفزيون العامة واستجابتها للضغوط السياسية والاقتصادية ولمراكز القوى فيالمجتمع كالأحزاب السياسية ورجال المال ورجال الفكر.
ويعبر مصطلح "المشاركةالديمقراطية" عن معنى التحرر من وهم الأحزاب والنظام البرلماني الديمقراطي فيالمجتمعات الغربية والذي أص