بات المنتخب النيجيري قريباً جداً من اقتطاع تذكرته إلى مونديال البرازيل الصيف المقبل، عقب عودته بانتصار ثمين من أرض مضيفه الإثيوبي بنتيجة (2-1) اليوم الأحد ضمن موقعة ذهاب الدور الحاسم للتصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم 2014.
في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، قدّم صاحب الأرض مباراة محترمة للغاية على المستويين الفنّي والبدني غير أنّ خبرة "النسور الخضر" كانت لها الكلمة الفيصل في حسم اللقاء الذي استهلّه الإثيوبيون بشكل جيّد عقب تقدّمهم في النتيجة بهدف لمتوسط ميدانه بيهايلو أسيفا (56)، ليسجّل بعد ذلك الضيوف انتفاضة قوية بواسطة ثنائية لنجم الهجوم ومحترف فنربهتشه التركي إيمانويل إمينيكيه في الدقيقتين (67 و90 من ركلة جزاء).
وبهذا الفوز الغالي خارج القواعد، يمكن القول إنّ أبناء المدرب ستيفان كيشي قد قطعوا أكثر من نصف الطريق نحو البرازيل على اعتبار عدم احتواء التشكيلة الإثيوبية على اللاعبين القادرين على قلب الطاولة في موعد الإياب بعد أسبوعين في أبوجا.
كما أنّ "النسور الخضر"، حاملة لقب كأس الأمم الافريقية، لم تعد تحتاج سوى الفوز أو التعادل بأية نتيجة لتسجّل رسمياً وجودها بين كبار المونديال، بيد أنّه لا بديل لزملاء جيرما أدانيه عن الفوز وبأكثر من هدف أو فارق هدف بنتيجة 3-2 أوأكثر، لمعانقة التاريخ وتسجيل الحضور المونديالي، وهو ما أصبح صعباً جداً إن لم نقل مستحيلاً بعد "سقوط" أديس أبابا.
منتخب الأرض... بلا مركبات
استهلّت المواجهة بروح حذرة من الطرفين، وكانت مفهومة بالنظر إلى قيمة الرهان والهاجس المسيطر بالخوف من قبول أية أهداف مباغتة قد تفسد المخطط الكبير للطموح المونديالي.
لكن سرعان ما استلم صاحب الضيافة زمام المبادرة خصوصاً عبر تحرّكات الثنائي صلاح الدين سعيد وشيميليس بيكيليه، ولكن دون خطورة تذكر على مرمى الحارس فانسون إنياما.
وبعد انقضاء الدقائق العشرين الأولى خرج النيجيريون من انكماشهم وحذرهم بعض الشيء، وعبّروا عن وجودهم بفرصة خطيرة كان وراءها محترف ليفربول الإنكليزي فيكتور موزيس، الذي أهدى لزميله نامدي أودوامادي كرة متقنة في مواجهة المرمى، إلا أنّ الأخير سدّد كرة خارج أخشاب المرمى بغرابة.
هدف صحيح وصافرة ظالمة
سجّل المنتخب الإثيوبي أفضلية واضحة طيلة ردهات الشوط الأول وكانت خطوطه منظّمة ومتقاربة على المستويين الدفاعي والهجومي، وبادر صلاح الدين سعيد بتسجيل أخطر فرصة إثيوبية عندما استثمر ارتباكاً واضحاً في صفوف الدفاعات النيجيرية، وبعيداً عن المراقبة سدّد بقوّة تجاه المرمى حاول الحارس إنياما ردّ الكرة بعد تجاوزها الخط النهائي (24)، ولكنّ الغريب أنّ الحكم الكاميروني أليوم نيان تغاضى عن احتساب الهدف رغم وضوحه، ممّا أثار حالة من الاستياء في صفوف أصحاب الأرض.
ولم تهدأ وتيرة المستضيف حيث أهدر جيرما أدانيه بغرابة شديدة فرصتين محقّقتين في الدقيقتين (23 و39)، لينتهي الشوط على أفضلية واضحة لبلاد "البنّ" على حساب بطل القارة الذي لم يكن في أفضل حالاته.
صراع بين الطموح والخبرة
في الشوط الثاني تواصلت الوتيرة في الارتفاع وسرعان ما تطوّرت الأحداث في اتجاه إيجابي للفريق المحلي الذي أتيحت لمهاجمه جيرما أدانيه فرصة تسجيل هدف مؤكّد غير أنّ إنياما عاد ليقف سدّاً منيعاً من جديد (55)، ولكن صمود الحارس النيجيري سرعان ما انهار أمام كرة أسيفا بيهايلو التي غيّرت اتجاهها نحو مرمى إنياما الذي حاول اللحاق بها قبل الولوج إلى المرمى إلاّ أنها سبقته لتعلن هدف الافتتاح (56)، ليعيد القدر سيناريو الهدف الملغي في الشوط الأول.
بدورهم نجوم نيجيريا سعوا إلى رد الفعل سريعاً من محاولة أولى بقدم جون أوبي ميكال الذي انفرد بالحارس الإثيوبي جمال تاسيو لكن الأخير أبدع في التصدّي (62)، غير أنّ زملاء موزيس أدركوا التعادل بعد ضغطهم المتواصل وذلك من تصويبة بعيدة المدى لنجم فنربهتشه التركي إيمانويل إمينيكيه (67).
كما اهدر النيجيريون فرصة التقدّم في النتيجة أيضاً بعد تصدّي القائم الأيسر لكرة المهاجم النيجيري أحمد موسى (77)، وردّ الإثيوبي صلاح بإضاعة فرصة المباراة لمنتخب بلاده بعدما تباطأ في التسديد من داخل المنطقة رغم موقعه المناسب ليعود الدفاع ويشتّت الخطر (84).
سيناريو غير منصف
على مجمل ما قدّمه خلال شوطي المواجهة لم يكن المنتخب الإثيوبي يستحقّ نتيجة أقل من الخروج بنقطة التعادل، غير أنّ كرة القدم لا تنصف "المجتهد" دائماً فأحياناً كثيرة لا نلمس تجسّداً لمقولة "على قدر أهل العزم تأتي العزائم"، لذلك جاءت اللدغة النيجيرية متأخّرة ومؤلمة للإثيوبيين.
ففي الدقيقة الأخيرة من المباراة تحصّل القنّاص إيمانويل إمينيكيه على ضربة جزاء بعد تعرّضه لعرقلة متهوّرة وواضحة داخل منطقة الجزاء من قبل المدافع إيناليم هايلو، ليشرف بنفسه على تحويلها إلى شباك إثيوبيا (89) معلناً اغتيال جزء كبير من الحلم الإثيوبي، في انتظار موقعة الإياب في نيجيريا.