)
اكتسحت الماركات العالمية "تيكنو" و"جيوكس" وغيرها من العلامات الشهيرة والمتخصصة في مجال الأدوات والمحافظ المدرسية السوق الجزائرية بقوة هذه السنة، حيث تعرض نقاط البيع الخاصة بهذه المحلات و المراكز التجارية المعروفة أشهر وأحدث الموديلات والألوان في عالم الحقائب وكل ماله صلة بالدخول المدرسي. ولأن التلميذ لم يعد يكتفي بحقيبة مدرسية عادية تكون قوية وقادرة على تحمل ثقل الكتب والكراريس المدرسية وتصمد في وجه التغيرات الفصلية، فقد أصبح يشترط الحصول على حقيبة بمواصفات خاصة وماركات عالمية ليتفاخر بها ويتباهى أمام أصحابه وزملائه في المدرسة.
تعرف محلات بيع المحافظ والأدوات المدرسية حالة استنفار قصوى نظرا للإقبال الكبير وحالة "الفجعة" التي تملكت التلاميذ وأولياءَهم، غير أن ما يلاحظ في الدخول المدرسي لهذه السنة اشتراط التلاميذ على أوليائهم ماركات معينة من المحافظ، وهي علامات تروج لها محلات متخصصة في العاصمة والقنوات التلفزيونية وحتى بعض الصفحات الترويجية على "الفايسبوك"، ومع أن أسعار هذه الأخيرة مرتفعة جدا فهي تتراوح مابين 2000 و5000 دج، والمقلمات مابين 200 و350 دج لكنها تستقطب الكثير من الزبائن. في حين تحظى أقلام التلوين بأحجامها وأنواعها المختلفة بحصة الأسد من اهتمامات التلاميذ وأوليائهم الباحثين عن الجودة دوما بأسعار تنافسية 150 و600 دج، زيادة على أقلام اللباد والألوان المائية حتى الكراريس هناك المستوردة من أندونيسيا ومن بلدان أخرى بأشكال وصفحات رائعة.
وبرغم تذمر وشكاوى الأولياء المختلفة حول لهيب الأسعار والتي كانت تطرق مسامعنا في كل مرة، إلا أن بعض الأولياء لا يجدون بدّا من الرضوخ لرغبة أبنائهم فيضعفون أمام دموعهم، وهو ما لمسناه في جولتنا الميدانية إلى بعض المحلات المنتشرة في حسين داي، وقاريدي 2، والجزائر الوسطى؛ ففي داخل محل "تيكنو" وجدنا طفلا يبلغ من العمر 13 سنة، يرغب في شراء حقيبة مدرسية يبلغ سعرها 2400 دج ولأن ثمنها مرتفع حاولت والدته إقناعه باختيار أخرى يكون ثمنها أقل وتكون مناسبة لسنه وحجمه، لكنه رفض ذلك بشدة وظل واقفا أمامها.
اقتربنا من الأم التي كانت محتارة بين الالتزام بالميزانية أو تحقيق رغبة ابنها ليكون مثل أقرانه في المدرسة، فراحت تبرر تصرفها بعدم قدرتها على شراء حقائب مدرسية بهذا الثمن لأبنائها الثلاثة المتمدرسين، فميزانية العائلة ستختل ناهيك عن أسعار الكراريس والكتب والملابس.. والقائمة لا تزال طويلة، إلا أن دموع ابندها وعناده جعلاها توافق على مضض.
في حين تجد السيدة "خديجة" أن هذه الحقائب والماركات الشهيرة بغض النظر عن أسعارها المرتفعة نوعا ما، توفر نوعا من الحماية الجسدية لأبنائها نظرا للجودة العالية والإتقان الكبير الذي صممت به، وشكل الظهر واليدين الذي يمنح حاملها الراحة التامة، كما أنها مزوّدة بجيوب عديدة تساعد التلميذ على تقسيم أدواته بين الفترة الصباحية والمسائية بشكل جيد وتدوم فترة طويلة عكس الصينية رخيصة الثمن التي تتمزق بعد شهر واحد فقط من الدخول المدرسي.
أما السيد "موفق صادق" فأوضح بأن الدخول المدرسي أصبح مناسبة للتفاخر والتباهي بين الجيران والتلاميذ في المدرسة والحي أيضا بل حتى بين أبناء العائلة الواحدة، فأحفاده لا يتنافسون في التحصيل العلمي أو المراكز المتقدمة، بل يتنافسون لشراء حقائب باهظة الثمن من أغلى الماركات وأشهرها وحتى الملابس والأحذية التي أصبحت مدعاة للفخر بينهم وهو ما يضايقه، فالأحرى بهم أن يستثمروا مجهودهم وطاقاتهم في الاجتهاد محمِّلا أولياءهم مسئولية التفاخر والتباهي المنتشر بينهم، ففي القديم كانوا يدرسون بدون محافظ ولا أدوات على عكس الجيل الحالي الأدوات "ماركة والقراية على ربي".